التصالح والتسامح أساس بناء اليمن الجديد
محمد صالح حاتم
ما أحوجنا اليوم إلى مد جسور التواصل، وطي صفحة الماضي الكئيب بكل آلامه وأحزانه ومآسيه. ما أحوجَنا إلى نشر ثقافة الأخوّة والمحبة والسلام، من خلال مبدأ التصالح والتسامح. ما أحوجنا إلى الألفة والتكافل وصلة الأرحام والقرابة، ليس من حيث النسب وحسب ولكن من حيث الانتماء والهوية.
ما أحوجنا إلى نبذ ثقافة الكراهية والحقد بين أبناء المجتمع الواحد خلال ما تعيشه اليمن من وضع مأساوي لا تُحسَدُ عليه، فهي تتعرض إلى أَكْبَــر عدوان عسكري في تأريخها، ليس هذا وحسب، وحصار اقتصادي وانتشار للفقر والأمراض بين أفراد الشعب اليمني العظيم، كُلّ هذا يجعلنا أن نقف صفاً واحداً ضد هذا العدوان ونعمل على إفشال مُخَطّطاته، وذَلك بلم الصف وتوحيد الكلمة وتكاتف الجهود، لنحقق النصر ونحرر الأَرْض المغتصبة المحتلة، فالعدو يعمل إلى تمزيق الجسد اليمني وتفتيته على أساس طائفي ومذهبي ومناطقي، فهو يعمل على إنشاء تكتلات ومجالس انتقالية صغيرة تعمل على تنفيذ مشروعه الاستعماري الجديد، فهو يريد تقسيم اليمن إلى دويلات صغيرة وكنتونات ضعيفة، ومشيخات وسلطنات كما كانت سابقاً، فها هو اليوم يحتل أجزاء غالية من تراب اليمن الحبيب يحتل عدن ولحج وأبين وحضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى، ويعمل على نهب ثرواتها النفطية والغازية وموروثها الثقافي والحضاري كما هو حاصل في سقطرى.
تحل علينا الذكرى الـ 32 لأحداث 13 يناير المشؤومة، تلك التي حصدت أرواح الآلاف من أبناء اليمن الجنوبي سابقاً، حيث كانت تحصل تصفيات بين أبناء تلك المحافظات بالبطاقة الشخصية، فهذه الذكرى التي يسعى الاحتلال إلى تكرارها مرة أُخْرَى من خلال سعيه إلى زرع التفرقة والكراهية بين أفراد الشعب اليمني، من خلال الحزبية والمذهبية والطائفية وسعيه إلى تنفيذ مشروع أقلمة اليمن على أساس تشطيري ومذهبي ومناطقي، فعلينا أن نجعلَ من هذه الذكرى مناسبة للتصالح والتسامح بين أبناء الشعب اليمني الواحد، فلا نجعل من الحزبية وسيلة هدم وقتل، فالحزبية هي وسيلة وليست غايةً، الحزبية هي ثقافة لزرع الكراهية والحقد، ولا نجعل من المذهبية طريق إلى القتل والحروب باسم الدين، فالمذهبية والاختلاف ليست رحمة كما يقال بل أَصْبَحت اليوم نقمة، من خلال استغلالها من جانب أعدائنا لزرع الفتنة والتفرقة والقتال فيما بيننا.
فيجب علينا أن نفوِّتَ الفرصة على أعدائنا ونبدأ بلملمة البيت اليمن وتوحيد الصف وتضميد الجراح ونسيان الماضي بكل جراحه وآلامه وأحزانه، وإصلاح الخلل والأخطاء التي رافقت الفترة الماضية، فلا نجعل من ماضينا نقمة علينا وأن نضيع حاضرنا ونهدم مستقبلنا باسم الانتقام من الماضي، فاليمن تتسع للجميع وهي أمانة في رقاب الجميع.
بالتصالح والتسامح والحفاظ على الوحدة نفشل مُخَطّطات أعدائنا ونحرر أراضينا ونصوّن أعراضنا، ونحمي وندافع عن شرفنا وكرامتنا.
كفانا تفرقاً، كفانا قتالاً، اليمن الجريح لا يحتمل أَكْثَــر، اليمن السعيد الذي فقد السعادة؛ بسبب الحروب التي جعلته كئيباً وتعيساً وحزيناً، أصلحوا ذات البين، فاليمن بلد واحد من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، ولا عيش لنا ولا كرامة ولا عزة إلّا بوحدة اليمن الأَرْض والإنْسَان.