المعركة الأصعب على الإنقاذ
طالب الحسني
حكوماتٌ كثيرةٌ وفي بلدان نامية أخفقت في معالجة الوضع الاقتصادي في ظروف طبيعية، الاقتصاد يحتاجُ إلى سباق للزمن، ويحتاج في ذات الوقت إلى صبر طويل واستراتيجية فيها الكثير من المرونة، في الحروب تتعقد المعالجات، هذه نتيجة حتمية للحرب.
في اليمن موروثٌ كبيرٌ من الإشكالات التي أوصلت البلاد إلى دولة فقيرة طوال ثلاث عقود، وتركة كبيرة من الأجهزة التي عملت طوالَ تلك العقود بروتين كان يخدم تكريس الفساد، وَمؤخراً في اليمن عدوان يرتكز بصورة رئيسية على تدمير الدولة واقتصادها ومواردها، وينتهج سياسة الإفقار والتجويع كجزء من محاولات مستمرة لتركيع اليمنيين بعد فشل العدوان العسكري والحصار المفروض على اليمن منذ قرابة ثلاثة أعوام، أضف إلى ذلك أن المجتمع الدولي ومثلما تواطأ في الحرب العسكرية العدوانية، هو متواطئ، بدرجة كبيرة، مع الحرب الاقتصادية، ولم يكن نقل البنك المركزي من صنعاء رغم التأكيدات على حياديته طوالَ عام 2015 إلى عدن ومن ثم تضييعه بشكل كامل، بتواطؤ البنك الدولي سوى إحدى صور هذا التعاون الدولي على إفقار اليمن ومضاعفة أزماته.
حكومةُ الإنقاذ ومنذ إعلانها في العام 2016 وحتى الآن تعرضت لكثير من الضغوط لإبقاء الآليات السابقة في العمل كما لو أن اليمن لا يتعرض لعدوان، اتضح فيما بعدُ وربما كان واضحاً أن صالح وجزء ممن عمل معه كان وراء وضع الكثير من العراقيل أمام حكومة الإنقاذ حتى لا تنجح، وبتجاوز أحداث 2 ديسمبر 2017، واتخاذ المجلس السياسي الأعلى حزمة من قرارات التعيين والتي صبّ معظمها في الجانب الاقتصادي يفترض بحسب الكثيرين أن يكون هناك تغييرٌ ملموسٌ في تخفيف معاناة الناس، لكن ما يحصل هو العكس، إذ أن ارتفاع سعر الدولار وهبوط الريال اليمني ضاعف من الانهيار الاقتصادي، فهل نحن أمام إخفاق جديد أم أن الوقت لا يزال مبكراً ؟
في التصحيح وإحداث معالجات جذرية في الأداء الاقتصادي للمؤسّسات الايرادية المتواضعة والتي لا تزالُ تحت إدارة حكومة الإنقاذ فإن الوقت لا يزال مبكراً، فعملية التصحيح تحتاج حتى تنتقل إلى مقاومة الحرب الاقتصادية ومواجهة نفقات مواجهة العدوان، إلى أشهر حتى تنعكس بشكل ملموس على تحسن الوضع الاقتصادي ـ ولكن ذلك لا يعني أن تتوقف الحكومة عن البحث عن معالجات سريعة لتخفيف معاناة الناس والإيفاء ببعض الوعود وصرف قسم من مرتبات الموظفين.
الحرب التي يخوضها العدوان ضد اليمن في المرحلة الحالية هي حرب وعدوان اقتصادي بحت، والشعب والحكومة والمجلس السياسي الأعلى أمام اختبار هو الأصعب لتجاوز هذه الحرب والانتصار عليه.