آلية تحريك الدعاوى الجنائية أمام محكمة الجنايات الدولية
يحيى صلاح الدين
يتساءلُ الكثيرون: كيف ولماذا لم تُرفَعْ إلى الآن دعوى واحدةٌ ضد تحالف العدوان السعودي الأمريكي أمام محكمة الجنايات الدولية، رغم أن جرائمَ العدوان لم تعد خافيةً على أحد، ورغم أن هناك تقاريرَ دوليةً تؤكد أن التحالف السعودي قد ارتكب جرائمَ حرب وجرائمَ ضد الإنْسَانية في اليمن.
لقد تعمد التحالف السعودي قتْلَ المدنيين، وتعمَّد قصف المنشآت المدنية، واستخدم الأسلحة المحرمة دولياً كالقنابل النتروجينية التي قصفت على نُقُم وعطان، والقنابل العنقودية التي أنزلها على الأحياء السكنية في العاصمة والقرى في صعدة، رغم ذلك كله لماذا لم تُرفع دعوى واحدة ضد قادة التحالف ومرتزقته أمام محكمة الجنايات الدولية، والحقيقة أن هناك عدة أَسْبَابٍ، وقبل الحديث عنها لَا بُـدَّ من ذكر آليات تحريك الدعاوى أمام محكمة الجنايات الدولية وتقدم عبر:
– الدول الأعضاء الموقّعة على النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية.
– تقدم الدعوى عبر مجلس الأمن.
– تقدم الدعوى عبر المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية؛ نتيجةً لعلمه بوقوع جرائم الحرب في مكان ما بواسطة الطلبات المقدمة من قبل ضحايا جرائم الحرب عبر منظمات وجمعيات وهيئات قانونية حقوقية وغيرها يقتنع بها، ويتأكد من حدوثها ثم يقدمها للمحكمة.
من ذلك يتضح أن من أَسْبَاب عدم رفع دعوى منها يتعلق بالهيمنة الأمريكية على مجلس الأمن الذي يعد إحْدَى آليات رفع الدعوى وعرضها على محكمة الجنايات الدولية، ومنها ما يعد تقصيراً من جانب وزارة الشؤون القانونية في بلدنا المعنية بالدرجة الأولى بالاهتمام بهذا الملف، حيث أن من آليات تحريك الدعاوى هو الإحالة من المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، وهو ما يمكن الوصول إليه عبر منظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنْسَان ومكاتب المحاماة الدوليين.
لذلك كان على وزارة الشؤون القانونية تكليف محامين دوليين والتواصل مع منظمات محلية ودولية بالتعاون والتنسيق مع وزارة العدل ووزارة حقوق الإنْسَان والدفع والضغط في هذا الباب حتى يتم قبول الدعوى، لكن وزارة الشؤون القانونية لم تقم بدورها كما يجب ولا المنظمات المحلية والدولية قامت بدورها أَيْضاً.
مع العلم أنه لم يُتذرع بقلة الإمْكَانيات المالية؛ لأن أن هناك محامين دوليين قد عبروا عن رغبتهم في العمل فبراير هذا الجانب مجاناً خدمةً للشعب اليمني المظلوم.
لقد استطاعت قطر أن توقفَ غزواً محققاً عليها من قبل النظام السعودي والإماراتي، حيث تمكنت عبر وزير خارجيتها من التحَـرّك في الساحة الدولية، وخَاصَّــة قيامها بالتهديد باللجوء لمحكمة الجنايات الدولية، وهو ما جعل العربان يكفون عن المُخَطّط ويهدؤون اللعبة مع قطر.
نحن لا نعول على المجتمع الدولي أَوْ محكمة الجنايات الدولية كَثيراً في إنصاف اليمنيين، لكن لا يصح ترك الساحة الدولية خالية للتحالف السعودي.
النظامُ السعودي يخشى المجتمع الدولي وخَاصَّــة المُؤَسّسات الدولية كمحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنْسَان ويخشى المنظمات الدولية لذلك يقوم بدفع الرشاوى لها بالمليارات، لو أحسنا التحَـرّك في الساحة الدولية لتوقف العدوان.
لأن العدو يخشى ذلك أَكْثَــر من خشيته لله، ويعمل المستحيل لكي يمنع أن يصل صوت الضحايا جراء جرائم الحرب التي ارتكبها التحالف السعودي بحق اليمنيين إلى المجتمع الدولي ومُؤَسّساته الدولية كمحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنْسَان، وعلينا أن نعرفَ كيف نكسرَ هذا الحصار ونبدأ بالتحَـرّك الجاد والعملي في الساحة الدولية.