أنساق العدو تغرق في صحراء ميدي
المسيرة: إبراهيم السراجي
خلالَ الفترة التي سبقت الزحفَ الأخير في ميدي كانت هجماتُ مرتزِقة الجيش السوداني والمرتزقة المحليين قد توقفت لفترة طويلة؛ بسبب الخسائر المادية والبشرية الكبيرة التي تلقوها، علاوةً على عجزهم في تحقيق أي تقدم، وبالتالي فقد كانت قوى العدوان تعد العدة لمرحلة جديدة من المعارك، واضعةً في حُسبانها أنْ لا يكون هناك أيُّ مجال للهزيمة أَوْ التراجع.
وكان واضحاً أن الزحفَ الأخير جاء مغايراً لما سبقه من زحوفات، من حيث اعتماد العدو بشكل شبه كامل على ضباط وجنود مرتزقة الجيش السوداني وتزويدهم بدبابات حديثة دخلت لأولِ مرة في المعارك، بالإضافة إلى كاسحات ألغام، فيما أخذ النسقُ الهجومي هذه المرة طابعاً مختلفاً، وبدا أنه تم اختيارُ أفضل العناصر المتواجدة لدى مرتزقة الجيش السوداني؛ لتنفيذ هجوم لا مجالَ فيه إلا للتقدم والسيطرة على المواقع التي تم وضعها في الخطة.
وتشير الكثير من المعطيات، سواء التي يمكن استنتاجها من مشاهد الإعلام الحربي أَوْ من عزوف كافة وسائل إعلام العدوان والمرتزقة عن نشر أي خبر عن الهجوم الذي وقع في ميدي وكأنه لم يحدث أصلاً، إلى أن الهزيمةَ، التي مُني بها العدو السعودي الذي اتخذ مركَز قيادة للعمليات وكذلك مرتزقة الجيش السوداني، كانت خارج التوقعات، وتسببت بصدمة كبيرة لقوى العدوان؛ كون الهزيمة لم تكن مجرد خسارة معركة، بل خسارة نسق هجومي جديد تم التعويل عليه لتعويض هزائمَ أكثر من عامين ونصف عام في مساحة جغرافية صغيرة وتضاريس صحرواية تعطي أفضلية للطرف الذي يمتلك الإسناد الجوي.
ومن المعطيات التي تعكسُ حجمَ الهزيمة التي مُنِيَ بها العدو قبل أيّام في صحراء ميدي، هي أن استراتيجية العدو كانت دائماً تعتمد في كُلّ مرة يستأنف فيها التصعيد، على الهجمات والزحوفات المتكررة، حيث كان مرتزِقةُ الجيش السوداني والمرتزقة المحليون يكررون زحوفاتهم لعدة أيّام، بل ويقومون بعدة زحوفات في اليوم الواحد، غير أن ذلك لم يحدث عقب الزحف الأخير، الأمر الذي يؤكِّدُ أن الهزيمةَ الصادمة ستُدخِلُ قوى العدوان في غيبوبة ربما تستمر طويلاً، لكن الشيء الثابت والوحيد هو أن صحراء ميدي على مدى أكثر من عامين ونصف عام قد التهمت العديدَ من الألوية التابعة للمرتزقة وكتائب مرتزقة الجيش السوداني، بل إن تلك الصحراءَ سبق لها والتهمت المئاتِ من عناصر تنظيمَي داعش والقاعدة الإجْرَاميين، وما تزال الآلياتُ والمدرعاتُ المحترقة والمعطوبة التي مُنحت لهم ووُضعت عليها شعاراتُهم في صحراء ميدي، شاهدةً إلى اليوم على مراحل انتكاسات العدو هناك.