هل يصلح المبعوث الجديد ما أفسده ولد الشيخ؟
علي الدرواني
أعلن إسماعيل ولد الشيخ عدمَ استمراره كمبعوث للأمم المتحدة في اليمن، ابتداء من فبراير القادم، وهو موعدُ انتهاء فترة ولايته.. في إخراج هزيل لرضوخ الأمم المتحدة وخلفها دول العدوان والولايات المتحدة الأمريكية لرفض صنعاء لاستقبال ولد الشيخ والتعاطي معه كمبعوث دولي بعد أن أثبت انحيازَ منظمته الكامل للرياض وسعيه في تنفيذ مشروعها باسم الأمم المتحدة.
منذ تعيينه في منصب المبعوث الأممي إلى اليمن، في الخامس والعشرين من أبريل 2015 فشل إسماعيل ولد شيخ أحمد في إحراز أي تقدم على الصعيد السياسي.
وخلال ثلاث جولات من المشاورات السياسية في جنيف وبيال والكويت كان يترجم الانحياز الأممي إلى جانب العدوان السعودي الأمريكي من خلال تصرفه كمندوب للسعودية والولايات المتحدة الأمريكية وتعاطيه غير المسؤول مع الجرائم التي ارتكبتها السعودية بحق الشعب اليمني، سواء بالمجازر اليومية المروعة بحق النساء والأطفال أو بالحصار المفروض على البلاد، والذي أدّى إلى أسوأ كارثة إنسانية يشهدها العالم.. الأمر الذي أدّى إلى قرار رئيس المجلس السياسي الأعلى، صالح الصماد، مطلع يونيو من العام الماضي بعدم التعاطي مع ولد الشيخ وإعلانه شخصاً منحازاً وغيرَ مرغوب به.
عدمُ تغيير ولد الشيخ طوال هذه الفترة كان مؤشراً لتمادي الأمم المتحدة وانسياقها الكامل خلفَ رغبة دول العدوان بتجميد ومنع أية عملية سياسية، أملاً منها في الضغط لفرض رؤيتها الاستسلامية للحل التي سوّقها ولد الشيخ باسمه وباسم الأمم المتحدة لتسليم الحديدة ومطار صنعاء مقابلَ رفعٍ جُزئي للحصار مع استمرار العدوان بالقصف والغارات الجوية الوحشية.. وهي الرؤيةُ التي رأت فيها صنعاء انحيازاً كاملاً للرياض وتطبيقاً لأهدافها في الهيمنة على اليمن وقراره السيادي ومساساً بعزتها وكرامتها.
تغييرُ ولد الشيخ اليوم يأتي إثباتاً لجدوائية الموقف الوطني في رفض الضغوط الدولية لاستمرار التعاطي مع ولد الشيخ، وفي نفس الوقت فهو تعبيرٌ في الحد الأدنى عن عجز السعودية بعد أن فقد مشروعُها أيَّةَ قوة للدفع واستنفد ما قدّمته الولايات المتحدة من دعم؛ أملاً بتحقيق اختراقات ميدانية يترجمُها المبعوثُ الأممي نجاحاتٍ سياسيةً في فرض تنازُلات يمنية، لا سيما وقد وصلت الأمور حداً لم يعد ممكناً الرهانُ على تحقيق المزيد معها.
تعيينُ مبعوثٍ جديد لا يعني -بأي حال من الأحوال- الدخولَ في مفاوضات سياسية، فضلاً عن أن يعني انتهاءَ العدوان المفروض على اليمن، إلّا أنه -حسب مراقبين- قد يكون لالتقاط الأنفاس ومنح المهمة الأممية قَدْراً من المصداقية التي فُقدت خلال ثلاث أعوام في ظل وجود ولد الشيخ.
ومع ذلك، فإن رفعَ الحصار عن مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الإنسانية والمسافرين اليمنيين من المرضى وغيرهم وكذلك إعَادَة فتح الموانئ اليمنية، لا سيما ميناء الحديدة لاستقبال الشحنات الغذائية والدوائية وشحنات الوقود؛ لتفادي الآثار الكارثية لإغلاقها والقيود المفروضة عليها من قبل تحالف العدوان المدعوم من الأمم المتحدة والدول الغربية سيكون اختباراً أولياً للمبعوث الجديد ومدى جديته ليثبت مقداراً من النزاهة والحياد التي افتقرَ إليها سلفه.