شرعية الوهم على شفا جرف هار في عدن
علي الدرواني
بعد ضجيج طويل عريض استمر أَكْثَرَ من عامين عن إعادَة ما تسمى الشرعية من قبل تحالف العدوان إلى عدن، اعترف رئيسُ حكومة العمالة في عدن، أحمد عبيد بن دغر، في سلسلة تغريدات بأنْ لا وجودَ للشرعية المزعومة في عدن ولا هم يحزنون.. القرارُ في عدن للاحتلال الإماراتي وهي صاحبةُ الأمر والنهي واليد الطولى أيضاً.. هكذا قال بن دغر وهو يستعطفُ الإماراتِ ويستجديها لثني القوات المحسوبة عليها للعودة إلى ثكناتها بعد أن اندلعت اشتباكاتٌ عنيفةٌ باستخدام أسلحة ثقيلة في عدد من مديريات عدن بين مليشيا تابعة لعيدروس الزبيدي الموالية للإمارات وأُخْــرَى تابعة لهادي مدعومة من السعودية.
استغاثة بن دغر تشيرُ إلى ضعف موقف المليشيا الموالية لحكومته لصالح القوات المدعومة من الاحتلال الإماراتي وخُصُوصاً بعد سيطرة مليشيا الإمارات على عدد من المواقع العسكرية والمقارّ الحكومية في عدن وطردت مليشيا هادي المدعومة من السعودية، بعد أن توسعت الاشتباكاتُ لتشملَ مديريات كريتر والمنصورة والشيخ عثمان ودار سعد وحي العريش وكالتكس وخور مكسر، حيث دارت اشتباكاتٌ عنيفة في محيط جولة ريجل وجولة العاقل بخور مكسر، سقط على إثرها أَكْثَر من 25 قتيلاً وعشرات الجرحى، ولا تزال الأطراف تتكتم على أعداد القتلى، في ظل إغلاق جميع الشوارع بالمدينة وتحليق مكثف من طيران العدوان، ما أحدث حالةً من الهلع في أوساط المواطنين الذين لزموا منازلَهم، فيما أُغلقت عدد من الطرق في كريتر والطريق الواصلة إلى خور مكسر وقامت مدرعات أمنية بإغلاق طريق المعلا، فيما أقلعت الطائرات المدنية من مطار عدن بدون ركاب؛ فراراً من تطور الاشتباكات واجبر المسافرون على العودة إلى منازلهم.
وتعليقاً على المستجدات أصدرت قيادة تحالف العدوان السعودي الأمريكي بياناً يمسك العصى من المنتصف، حيث دعا من وصفها المكونات السياسية والاجتماعية إلى التهدئة وضبط النفس، والتمسّك بلغة الحوار الهادئ.. ومع ذلك تتبنى وسائل إعلام السعودية خطاباً إعلامياً هجومياً مناهضاً لمليشيا الإمارات بقيادة الزبيدي ومسانداً في نفس الوقت لهادي ورئيس حكومته بن دغر.
وإذا أدركنا أن الإمارات الداعمة لتحَـرّكات الانتقالي قد قررت تغيير حكومة بن دغر، وهو الأمر الذي بدا بن دغر قلقاً منه في تغريداته، فإن تطوّراتِ السيناريوهات التصعيدية في عدن ستتوسع وتتعمق معها سقف المنافسة على السيطرة والاستحواذ بين الإمارات وبين السعودية، وتتحول حالة تبادل الأدوار إلى صراع على النفوذ، فالسعودية سمحت بأدوار أوسعَ للإمارات من أجل أن تخفِّفَ عن كاهلها إدارياً ومالياً لا أن تستفردَ الإمارات بعدن والجنوب عموماً، وقد فُهِمَ إرسال السعودية لسفيرها إلى عدن في الأيام الماضية على أنه عودةٌ سعودية للإمساك بزمام الأمور مجدّداً، وظهر السفير السعودي في الزيارة بصفته رئيسَ مركَز إسناد العمليات الإنْسَانية وعقد اجتماعاتٍ تتعدى صفته الدبلوماسية، وزار منشآتٍ لا صلة لها بطبيعة عمله، وقبله فعل نفسَ الشيء المتحدثُ باسم قوات تحالف العدوان، وهو سعودي الجنسية أيضاً، وتم استقبالُ الرجلين بطريقة تتجاوز الأعراف الدبلوماسية من قبل بن دغر.
وتبقى الحقيقة الثابتة التي لا تغطى بغربال أن لا خير يرجى من تحالف العدوان الذي دمَّر اليمنَ شمالَها وجنوبَها وَأن لا مكانَ للشرعية المزعومة لا في صنعاء ولا في عدن، وأنها مجرد جرف هار ترتكزُ عليه دول العدوان لتدمير اليمن واحتلال أراضيه، ولكنه سينهارُ بهم تحت أقدام رجال اليمن الثابتين على المبادئ والراسخين في الجبهات.