الشهداء أسقطوا كل الأعذار
أيُّ عذر عن الجهاد في سبيل الله يمكن أن يقوله أي إنسان غير الذي ذكره القرآن الكريم فهو ساقط وقد فَنَّدّهُ الشهداء بدمائهم الزكية ومواقفهم العظيمة وجهادهم المقدس؛ لأن من يقول: لن يجاهد لأن لديه أولاد، فللشهداء أولاد أكثر، ومن يقول: أن لديه مشاغل؛ فقد كانت للشهداء مشاغل أكثر، ومن يقول: إنه فقير، فمن الشهداء من هو أفقر، ومن يقول: إنه لديه مشاكل، فمن الشهداء من كان لديه مشاكل أكثر وأكثر، فالشهداء حجج الله على الباقين وما ينطبق على الشهداء ينطبق على المجاهدين فلم يعد لدينا أي عذر ؛ لأن الذي حرك الشهداء ودفعهم هو القرآن الكريم والتوجيه الإلهي من بيننا فسيسألنا الله تعالى يوم القيامة ويحاسبنا لماذا لم نقم بواجبنا ونجاهد كما جاهد المجاهدون والشهداء؟ وكلما اعتذرنا سيحتج علينا بالشهداء والمجاهدين، ثم ما الفرق بيننا وبين الشهداء والمجاهدين؟ ألسنا رجالاً كما هم رجال! أليست لدينا عزة كما لهم! ماذا ننتظر حتى يستشهد بقية المجاهدين فيدخل العدو إلينا وينتهك العرض أمام الأعين ونحن عاجزون لا نستطيع تحريك ساكن؟ وتملؤنا الحسرة والندامة وسنشعر بوضاعة النفس حين لم نتحرك مع المجاهدين والشهداء.
هل دورنا فقط فيما يتعلق بالشهداء هو الحضور في العزاء وقراءة الفاتحة إلى أرواحهم ثم ننتظر حتى يسقط شهيد آخر فنقوم بنفس الدور ونعيد الكرة وهكذا؟ وكأن الجهاد ليس واجباً علينا كما هو واجب على المجاهدين والشهداء، وكأن مجرد الدعاء للمجاهدين والشهداء وعلى الأعداء يكفي بدون عمل وكأن مجرد الصلاة والصيام وبقية العبادات تكفي لدخول الجنة، وكأننا كاملو الإيمان ونعتقد أننا داخلون في قوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} ولم نـتأمل من هم المؤمنون الذين حق على الله أن ينصرهم، ونظن أننا نقوم بما علينا ونعرف ما لنا وما علينا وأن المؤمن هو ذلك الشخص الذي من بيته إلى المسجد ومن المسجد إلى بيته، ولا يتدخل في شيء ولا يأمر بمعروف ولا ينهى عن منكر ولا علاقة له بالجهاد في سبيل الله ونقول: هذا من أهل الجنة وهذا غير صحيح لأن المؤمنين المنصورين هم من قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} فالمؤمنون هم على هذه الشاكلة ومن هذه النوعية ولا يحسب أحد أن دخول الجنة سيكون ببساطة وبدون ابتلاء وجهاد يقول الله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}.
فطريق الجنة في ظل العدوان ليس في المساجد بل في الجبهات؛ لأن الله أمر مَن في المساجد بالخروج منها إلى أرض الجهاد ولقاء الأعداء فكيف يبقى المرء في المسجد للصلاة وهو عاص في الجهاد؟، ألسنا نعترف بأن قتال ومواجهة العدوان هو جهاد في سبيل الله؟، فلماذا لا نمشي في سبيل الله؟! لماذا نقعد عن سبيل الله؟! لماذا نعرض عن سبيل الله؟! وإذا لم نكن في سبيل الله فنحن في سبيل من؟