القضيةُ الفلسطينية بينَ الالتفاف الخارجي وَالالتفات الداخلي
هنادي محمد
في خِضمِّ الأحداثِ التي تَمُرُّ بِها منطِقَتُنا من حروبٍ ومؤامراتٍ وعُدوانٍ وصراعاتٍ مع قوىً خارجيةٍ غازية، وأياديَ بائعةٍ خائنةٍ داخلية، كُلٌّ انشغلَ بالدورانِ ضِمن نِطاق دائرته المحدودة الضيّقة مُتناسين محور ومركز تِلكَ الدائرة الأوسع والأكبر والأشمل مِن أن تُحصر بِتِلكَ الحُدود، جاهلين أنَّ الصِّراع الذي تَقودُهُ قوى الاستِكبارِ العالمي التي تنطلق بِمشاريعها الجُهنَّميّة عَمَلاً بما يسمى بـ “الالتِفاف”، أي أنَّها كالحيّةِ السّامة تماماً، لا تَقفز إلى المرتكز والأساس إلّا بعد أن تلتف بجسَدِها وأذرُعِها حول المُحيط لِتضمن السيطرة التّامة والإضعاف الكامل لتنقض على الفريسةِ بكلِّ سهولةٍ وَيُسر بعدَ أن أمَّنت جميعَ المداخل والمخارج.
وهذا ما هوَ حاصِلٌ اليومَ في واقعِ منطِقتنا العربيةِ والإسلامية، فالكُلُّ مُنشغلٌ بالأحداثِ التي اشعلتها تلك القِوى ممَّا صرف أنظارهم عن الالتفات للقضيةِ المركزيةِ الأُم “القُدس”، التي تُعتبر هويّة انتماء الأمّة المُعبّرة عن أصالتِها ومجدها، بل على العكسِ مِن ذلكَ وأعظمُ..!، نجدُ الأنظمة والحُكومات العربية تعملُ بالوكالةِ عن أربابِ الشرِّ لتمييع القضيةِ الفلسطينية وغلق ملفّها عن طريقِ تطويع الشعوب وإسكاتِها وقمعِها عن أيِّ تَحرُّكٍ مُناهضٍ للمشروع الإسرائيلي بجعل أبسط الوسائل المُتاحة (محظورة).
والأدهى من ذلكَ بشكلٍ أخص.. نجدُ من يدّعون بأنَّهم قادةُ الإسلام وحَمَلَتُه ومُمَثِّلوه يُرَحِّبون بقراراتٍ تَعَسُّفيّةٍ لا مشروعةٍ ولا مقبولة وما أنزلَ اللهُ بِها من سلطانٍ كمسلمين ليقبلوا بِها ويستَسيغوا تنفيذها..
مُلخصُ ما سبق والأهمُّ منه ولِتبقى القدسُ قضيتنا.. أنَّ على الشعوبِ مُقابلةَ الفعل بردِّ فعلٍ موازٍ وأن تتحرّكَ تَحَرُّكاً فاعِلاً عن طريقِ الالتفاتِ الجاد المتمثّل بالترجمة العملية بالتمسّكِ بالقضيةِ الفلسطينيةِ الأُمِّ والالتفافِ حولها بعيداً عن وضع أيَّ اعتبار للحكومات، فيما لو كانت عميلةً؛ لأن ما يلحق الشعوب مِن ذُلٍّ وَهَوانٍ واستعبادٍ وامتهانٍ مِن قِبلِ أعدائِها هو بسبب سياسة هذه الحكومات، والمتضررُّ الأول منها هي الشعوب نفسُها..
لِذا.. لا بد من أن تلتفتَ الشعوبُ جميعُها وتتوحدَ لاستعادةِ قضيتها الأولى وإعلائِها ونُصرَتِها – فلسطين – لِيُمكّنها اللهُ من التغلُّب على الرياح العِدائية التي توجّه إليها بزوبعةٍ ثُوريةٍ مُضادةً تَحرفُ اتجاهها وتُعيدها من حيثُ عَصَفت..!
والعاقبـةُ للمُتَّقيـن.