حساب المسافة بين الأنصار والانتقالي
صلاح الدكاك
كانت ثورةُ أيلول بقيادة الأنصار انقلاباً على الوصاية الأجنبية الإمبريالية ومحاولةً صادقةً لمد جسور شراكة وطنية خالصة مع أدواتها المحلية، وعلى النقيض من ذلك فإنَّ انقلابَ (الانتقالي) في عدن كان انقلابَ بيدق وصاية محلي فتي على بيدق وصاية محلي شائخ وعاثر ضمن حظيرة المشروع الاستعماري الأجنبي ذاته.
كان الأنصارُ مخاضاً شعبياً صرفاً وثورتهم تحت سقف الوطن واستهدفوا إنهاء المظلوميات المحلية كسبيل لا مناصَ منه؛ للحفاظ على لُحمة النسيج الاجتماعي اليمني وَوَحدة التراب وديمومة الهُوية الجامعة بطيفها الاجتماعي والثقافي والروحي التأريخي المتنوع المؤتلف، بينما نشأ الانتقالي ذو النزعة العُنصرية تحت مجنزرات الاحتلال المباشر وتبنى العداء صراحةً لمجتمعات الشمال ويسعى لسلخ الخارطة اليمنية الاجتماعية والديمغرافية والسياسية باسم هُوية انعزالية مناطقية بالضد للتأريخ وحقائقه الموضوعية لا للسياسة وانحرافاتها.
أطاحت ثورةُ أيلول والأنصارُ بسلطة الإقطاع والعمالة والحكم بالإنابة المنتجة لخلطة المظلوميات المحلية شمالاً وجنوباً وأعلن الانتقاليُّ دعمَه لرموز السلطة البائدة وعلى رأسهم المشهورون بـ(أمراء 7/7)، وفيما شنَّت الإمبرياليةُ عدواناً كونياً على اليمن للإجهاز على ثورة أيلول ينشط الانتقالي ويطمح ويزاول وجوده مدججاً بترسانة تحالف العدوان الكوني ذاته وفي كنف حمايته المباشرة.
الفروق البنيوية بين أيلول صنعاء 2014 ويناير عدن 2018 وبين الأنصار والانتقالي غفيرة وجوهرية لمن يعنيه تحري الموضوعية في قراءة المجريات وسيأتيك بالأنباء من لم تزود في القريب المنظور.