مجرمون يخشون العدالة
عبدالوهاب المحبشي
هذه القوى التي تزعُمُ أنها قوى متمدنة وتقدّم نفسَها أنها شرطي العالم وَهي تقفُ وراء كُلّ هذا العدوان على اليمن لماذا تعتبر مبنى معمل الأدلة الجنائية هدفاً؟!
معملُ الأدلة الجنائية هديةٌ من حكومة ألمانيا، وَهو مؤسسةٌ تتبعُ السلطة القضائية وهدفُها ألّا يفلت المجرمون من العقوبة من خلال تحليل آثار الجريمة المادية.. فلماذا يستهدف طالما كان هدفه بهذا النبل؟
لا نفهم استهدافُه إلا حين نتذكر أن العاصمة قد شهدت منذ أسبوع حدثاً إجرامياً بحجم اغتيال الشهيد الدكتور راجي حميد الدين من قبل عصابة إجرامية تبدو محترفةً وصاحبة خبرة في تنفيذ هكذا جرائم في وضح النهار!
ما علاقة استهداف معمل الأدلة الجنائية بجريمة اغتيال الدكتور الشهيد؟
إنها نفس علاقة إحالة ملف جنائي لمحاكمة كبار العملاء أمام المحكمة الجزائية بجريمة استهداف منزل الشهيد القاضي يحيى رُبيد وَقتله وسائر أسرته بغارات الطيران ذات ليلٍ من ليالي العدوان الألف والخمسين ليلة..!
بالضبط إنها ذات العلاقة..
وَيبدو سببُ الاستهداف واضحاً وجلياً:
غرفة عمليات العدوان هي نفسها وَبوضوح هي التي تجند عصابات الإجرام للانتقام من الشعب الذي صمد في مواجهتها؛ وَلذلك فهي تقف وراء القتلة وَحمَلة المسدسات كاتمة الصوت وَمنفذي الاغتيالات وَلصوص محلات الصرافة والمختطِفين وَعصابات السطو المسلح..
وكل هذا العمل الإجرامي القذر يأتي بعد فشل مخابرات العدوان في ارتكاب الجرائم بحق الشعب اليمني على شكل سيارات مفخّخة وأحزمة ناسفة؛ بسبب اليقظة الأمنية، وَإن كانت مخابرات العدو تحبذ ذاك النمط؛ لأنه أكثرُ تمويهاً وَيمكن أن يعلق على شماعة الإرهاب وَأن يفسَّرَ كصراع طائفي..
لكن لما فشل ذلك الأسلوب الإجرامي المقنّع بالإرهاب التكفيري لجأت إلى الإجرام المباشر بلا رتوش..
وَفي هذا السياق يخشى المجرمون على الأرض مِن محاكمة فيتولى طيران التحالف قصفَ القضاة في بيوتهم..!
وَيخشى المجرمون على الأرض من انكشاف مُخَطّط إجرامي؛ بسبب خليةٍ محتجَزة فيتولى الطيرانُ قصفَ السجن لقتل السجناء لينقذَ بقية المجرمين من يد العدالة، كما حدث في استهداف الطيران لسجن الشرطة العسكرية وسجن الزيدية وعدة سجون أخرى..!
وَيخشى المجرمون على الأرض من ثبوت ارتكابِهم للجرائم بما تركوا من أدلّة، ومنها اغتيال وقتل أستاذ القانون الدكتور راجي، فيتولى طيران العدوان تدمير مبنى معمل الأدلة الجنائية في عملية تصفية للأدلة وَفعل كُلّ ما يمكن لكي يفلت كُلّ المجرمين من العدالة..!
وَهكذا يخشى العقلُ الإجرامي من القانون كثقافة فتتولى أصابعُ العدوان قتلَ مَن استطاعت من أساتذة القانون أَوْ فقهاء البرلمان التشريعيين أَوْ الناشطين الحقوقيين أَوْ المحامين الشرفاء وَالقائمة تطول..!
– دلالة كُلّ ذلك؟
إنَّ كُلَّ العملاء وَالتحالف الذي يقفُ وراءَهم ليسوا طرفاً سياسياً وَدولاً لديها سياسة وَتعتبر الحربَ أداةً من أدوات السياسة لا أبداً..
إن كُلّ تلك التصرفات تكشف أن تحالف العدوان وعملاءَه هم مجرد عصابات إجرامية وَتقوم بجرائمها على هذا الأساس، وهي لذلك تخشى العدالة وَتحاربُ أيَّ مسعىً يؤدّي بملفاتها إلى المحاكم وَتعمل على قتل الفكرة وكل مَن يقتربُ منها وَإنْ كان ذلك القضاء سيكونُ محتملاً بعد عشرات السنين.
هؤلاء الأعداء هم مجرمون وَعصابات مافيا وَليست دولاً ولا أمماً وَلا قوىً ولا جيوشاً ولا شيء!
عصابات إجرامية وَمافيا إنما لديها طيران.
هؤلاء قتلة لا مقاتلين..
إنّ استهدافَ معمل الأدلة الجنائية يعطي ثلاثة معطيات:
إن العدوانَ فشل في تنفيذ مشروعه بأعمال إجرامية من الداخل وَهو يخشى على الخلايا من العدالة والملاحقة وَأن قتَلةَ الدكتور راجي فعلاً في خطر، وَأن الدولة ممثلةً بوزارة العدل يُفترَضُ أن تبعَثَ رسائلَ للعالم بالدلالة الإجرامية لاستهداف معمل الأدلة الجنائية..