إجماع عالمي على فشل العدوان على اليمن
المسيرة: إبراهيم السراجي
على بُعد أقل من 50 يوماً على دخول العدوان على اليمن عامَه الرابع، فيما ناطقُ العدوان تركي المالكي في مؤتمره الصحفي أمس الأول يقول إنَّ “التحالفَ يأخذ وضعاً دفاعياً في الحدود السعودية مع اليمن”.
أما التعثر الميداني في جبهات الداخل فعزاه ناطقُ العدوان إلى وجود “ألغام أرضية”، وهي ذريعةٌ مخزيةٌ لتحالف يضُمُّ في جعبته أكثر من 13 دولةً من أغنى الدول مالياً وأقواها عسكرياً، قبل أن يواصل صراخُه داعياً المجتمعَ الدولي للتدخل من أجل إيقاف الصواريخ الباليستية التي تستهدف السعودية، فبدا وكأنه ناطقٌ باسم دولة فقيرة تتعرض لعدوان تحالف دولي وليس العكس.
وبخلاف ما تروجه وسائل إعلام العدوان عن انتصارات لم تجد لنفسها مكاناً على الخارطة الميدانية، فإنَّ التعتيم الإعلامي تجاه ما يحدث في اليمن بدأ يعطي نتائجَ عكسيةً، ويجعل مراكزَ الدراسات وكبرياتِ الصحف والوكالات الغربية تستنتج هزيمة العدوان في اليمن بشكل بديهي، فالعدوان الذي زعم على مدى ثلاثة أعوام أنه يحقق كُلّ يوم تقدماً في جبهة نهم ما يزال عالقاً فيها وما تزال صنعاء بعيدةً عن أحلامه.
ذلك التعثُّرُ دَفَعَ وكالاتِ الأنباء الدولية لزيارة جبهة نهم؛ للوقوف على هزيمة الترسانة العالمية أمام المقاتل اليمني، حيث زارت وكالةُ “فرانس برس” مناطقَ سيطرة المرتزقة هناك، ونشرت تقريراً أشارت فيه إلى أن “صنعاء الواقعة على بُعد أقل من 50 كلم من منطقة نهم لا تزال صعبةً، وهو ما يسلط الأضواء على تعقيدات النزاع اليمني المتشابك”.
وتنقل الوكالة عن الخبير في الشؤون اليمنية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، آدم بارون: إن “جبال نهم الوعرة تجعل التقدم أمراً صعباً، حتى بالنسبة للجيوش التي تملكُ كفاءةً تكنولوجية عالية” مضيفاً أن “هذا ما يجعل من حدوث تحولات دراماتيكية في الوقت الحالي أمراً غير مرجح”.
غير أن مسألةَ التضاريس ليست وحدَها ما يجعل صنعاء مستحيلةً على قوى العدوان، حيث تنقل وكالة فرانس برس في التقرير ذاته عن الباحثة المهتمة بالشأن اليمني من جامعة أوكسفورد اليزابيث كيندال قولها إن ما يجعل صنعاء بعيدة المنال عن قوى العدوان هو أن من وصفتهم الحوثيين “لن يستسلموا بكل بساطة بغض النظر عن تفوق القوة النارية السعودية. إنها مسألة شرف وثأر، غير مرتبطة بالضرورة بالمنطق العسكري”.
وتشير الوكالة إلى أن المحللين “يحذرون من أن حلمَ التحالف بدخول صنعاء قد يكون أضغاث أحلام”.
ومطلعَ الشهر الجاري زارت وكالة “رويترز” الدولية جبهة نهم أيضاً ونشرت تقريراً بدأته بالقول: إن “الحملة العسكرية التي تقودها السعودية وتحظى بدعم من أسلحة ومعلومات مخابراتية أمريكية، منذ ثلاثة أعوام تواجه انتكاساتٍ ومخاطرَ متعددةً وسطَ صعوبات مستمرة في حسم المعركة مع الحوثيين”.
وأضافت الوكالة أنه “لم يعد واضحاً كيف يمكن للتحالف دخول صنعاء ولم تتحرك الجبهة الرئيسية للقتال في نهم على مدى نحو عامين”.
أما السفيرُ البريطاني لدى اليمني “سيمون شيركليف” الذي انتهت مهمتُه بتصعيده لمنصب رفيع في الخارجية البريطانية فقال في خطاب نهاية الخدمة إنه من الواضح جداً أن الحلَّ العسكري في اليمن لن يتحققَ، مضيفاً أن “الصراعَ في اليمن سينتهي بتسوية سياسية، وذلك يعني باختصار الحوار مع الحوثيين”.
في بريطانيا أيضاً طالبت صحيفةُ الغارديان في تقرير أمس الأول من الحكومة البريطانية الضغط على السعودية للاعتراف بفشل الحلِّ العسكري وضرورة القَبول بالحل السياسي؛ كون استمرار الحرب لم يعد يحقق نتائجَ ميدانيةً باستثناء مضاعفة معاناة المدنيين المحاصَرين والمعرَّضين لخطر الأوبئة والمجاعة.
وإلى فرنسا حيث عنونت صحيفة “لوموند” الشهير افتتاحيتَها مطلع الأسبوع الجاري “حرب اليمن: فشل التدخل السعودي”.
وقالت الصحيفة إنه “من خلال حملتهم العسكرية في اليمن، أراد زعماءُ السعودية أن يُثبِتوا بأن بإمكانهم هم فقط قيادة سياستهم الخَاصَّة في المربع التابع لهم (اليمن)، والنتيجة كانت الفشل”.
وأضافت الصحيفة أنه “علاوةً على ذلك تسحق الجبهاتُ بعضُها بعضاً في الوقت الذي لا تملكُ حكومةُ هادي -الذي لا يزال في المنفى في الرياض- أدنى سيطرة على البلد”.
وختمت الصحيفة افتتاحيتَها بالقول “حان الوقتُ لتذكير المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بأن الحربَ على اليمن تفرِضُ عليهم إعادةَ إعمارها، وبأن الرياضَ سيتحتمُّ عليها تحمُّل العبء الثقيل لجارتها المدمرة والملايين من البؤساء على حدودها على مدى العقود القادمة”.