النخبة حين تُشترى
د. أحمد عبدالملك حميدالدين
حينما نجدُ نُخَبَ ومثقفي بلدٍ غارقٍ في الحضارة, ترضَخُ للدكتاتورية العسكرية وهي تصادر الحياة السياسية وتسجن معارضيها خوفاً وطمعاً، ونجدُ صمودَ الشعب الفلسطيني بذلك الشموخ والإباء أن يستسلمَ أَمامَ صلف إسرائيل رغم ظروفهم الصعبة وما يمارسه المحتل الصهيوني من قتل وسجن ومحاصرة ومصادَرة للأراضي، وبهذا يماثلون صمود الشعب اليمني أَمام عدوان استخدم كُلَّ الأسلحة لإركاعه ومصادَرة سيادته ومحاصرته براً وجواً وبحراً ووقوف العالم كله مع العدوانين، بما فيها الأنظمة الدكتاتورية في المنطقة وحماية الدول المدعية باحترام حقوق الإنسان وانتهاج الديمقراطية وهي تغلقُ عيونها الديمقراطية وتجمِّدُ مشاعرُها الإنسانية، أمام انتهاك حقوق الإنسان في الأنظمة التي تسير في فلكها، بينما يزداد الصراخ والعويل إذَا ما قام المستضعفون بمقاومتهم الذاتية وبالأسلوب الممكن والبسيط برد فعل قد يكونُ موجع نسبياً للمعتدي المتعجرف، فإن تلك الدول المستكبرة تحَرّك أبواقها الرسمية الدولية والإعْلَامية لاستنكار تلك وتصفها بالعدوانية والهمجية المخالفة لحقوق الإنسان.
يظهر جلياً أننا أمام معسكرين، معسكر الاستكبار الذي ينتهجُ استراتيجيةَ إخضاع من يقاوم استكبارَه سياسياً وعسكرياً، وهو المتفوق عسكرياً وعلمياً ومعلوماتياً، وتعاونه النخبة السياسية الحاكمة للمنطقة بل تنفذ مُخَطّطاته بكل الوسائل البشعة ضد المعسكر الآخر المستضعَف من الشعوب والأقليات السياسية والفكرية حتى لا تقاومَ المشروعَ الاستكباري، ولو بأبسط الوسائل.
وإذا ما ظهرت بعضُ الأنظمة المقاومة فإن مخالبَ الاستكبار العالمي تستنفر كُلَّ إمكانياتها لإسقاطها، وأن وقوفَ المعسكر المقاوم هذه المدة وقدرته على تغيير موازين القوى من خلال الإيْمَان بقضية وانتصاره بمجرد بقاء المقاومة ودحر خطط كبيرة ومجهّزة بكل الإمكانيات فإن ذلك من المعجزات التي أذهلت المستكبرَ نفسَه وجعلته يغيِّرُ كُلَّ خططه مرات ومرات ودون فائدة.. وما زال الصراع مستمرٌّ بين المعسكرين، والعاقبة للمستضعفين المتقين..