(الخشية).. إن كنت تخشى غير الله أَكْثَـر من الله!! فأنت تضعُ عقبةً كبيرةً أمام هدايتك

إعداد/ بشرى المحطوري

تناوَلَ الشَّهِيْـدُ القَائِدُ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- ــ كعادته دِائماً ــ في محاضرة ــ ملزمة ــ [الدرس الثامن من دروس رمضان ـ سورة البقرة] عددا من الآيات، شارحاً لها بطريقته الرائعة التي تنفذ إلى القلوب مباشرة، لما فيها من إسقاط رائع لآيات القُــرْآن الكريم على الواقع الذي نعيشه اليوم، ولما فيها من هدىً عظيم جداً، ومن هذه الآيات تناول بالشرح قوله تعالى: [وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(148) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (149) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ]..

 

من أسباب تغيير القبلة إلى المسجد الحرام:ــ

أوضح -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- بأن الأمر جاء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بتغيير القبلة عند الصلاة إلى الكعبة للأسباب الآتية:ــ

 

السبب الأول:ــ

أن الكعبة هي في الأَسَاس القبلة للناس جَميعاً، وأن أهل الكتاب هم مَن خالفوا، حيث قال: [من هو الذي بنى الكعبة ورفع قواعدها؟ هو إبراهيم وإسماعيل وأن الله جعلها من ذلك الزمن قبلة للناس يتوجهون إليها، فأهل الكتاب هم الذين شذّوا، دوافع معينة هم الذين شذوا وتوجّهوا وجهة أُخْرَى، أَصْبَحت لليهود قبلةٌ معينة وأَصْبَح للنصارى قبلة معينة أُخْرَى].

 

السبب الثاني:ــ

حتى لا يشكك أهلُ الكتاب ــ الذين كانوا مختلطين بالمجتمع المسلم في المدينة ــ حتى لا يشككوا المسلمين في دينهم، وقد أشار -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- إلى ذلك بشرح قولهِ تعالى: [(لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ}؛ لأنه قد يكون في نفس الوقت، مع وجود أهل الكتاب وهم مختلطين ومندمجين في المجتمع، قد يكون البعض فيما لو بقيت القبلة هي نفس القبلة التي توجه إليها في البداية القدس، قد يقولون بأنه رأيتم أننا على حق، أنتم هؤلاء احتجتم أن تتوجهوا إلى القبلة التي نحن نتوجه إليها، لو أننا على باطل لما أمرتم أن تتوجهوا إلى القبلة التي نحن نتوجه إليها!!].

 

الخشية من الله وحده.. قاعدة أَسَاسية في التسليم لله:ــ

وأشار -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- إلى أن المجتمع المسلم الذي كان مختلطاً بأهل الكتاب في المدينة وجهه الله إلى عدم الاستماع إلى إرجاف اليهود حول الإسْلَام، وألا يخشوهم أبداً، والخشية لا تكون إلا من الله وحدَه، حيث قال: [أثناء تنـزل القُــرْآن الكريم كانوا لا يزالون خليطاً في المجتمع فقد يأتي من داخلهم مقولات متعددة، يجب أن لا تخشوهم على الإطلاق، والتسليم لله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى-، هذا هو الشيء الأَسَاسي هذه هي قاعدته، لا يمكن أن تكون مسلِّما لله وتبقى مستقيماً في تسليمك لله ومستقيماً على هدي الله وملتزماً إلا إِذَا كنت على هذا النحو: لا تخشى إلا الله].

 

لن تتم النعمة علينا.. إلا إِذَا كانت خشيتُنا من الله أَكْبَرَ:ــ

أكَّدَ -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- في سياق شرح قوله تعالى: [وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ] بأن تمام النعمة على المسلمين لن يكون إلا إِذَا كانت خشيتهم من الله أَكْبَر بكثير من خشيتهم من البشر، حيث قال: [ولا تتم نعمة الله على الإنْسَان أن يكون هو فعلاً في سلوكه بالشكل الذي توفرت له النعمة وتمت عليه النعمة إلا إِذَا كان على هذا النحو: لا يخشى إلا الله ولا يهتدي فعلاً إلا إِذَا كان على هذا النحو: لا يخشى إلا الله؛ لأن من يخشون غير الله، تقدم نعمة من التي تعني نعم هداية تقدم آيات فيها هدى توجيهات، فيها هدى لن يقبلها، ليس ميداناً لها؛ لأنها تصطدم بخشيته من غير الله، هذه القضية واضحة في الناس].

ونبّه للناس محذراً إياهم من أنْ لا يخافوا إلا من الله؛ لأن ذلك يؤدي إلى ظهور عقبة كبيرة تحول بينهم وبين أن يهتدوا، حيث قال: [يجب أن نفهم خطورة المسألة: أن الناس لا يهتدون وأنهم يضعون عقبة كبيرة جداً أمام اهتدائهم عندما يكونون يخشون غير الله {فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(البقرة: من الآية150) لا تظن بأنك عندما تتوقف في موقف معين لأنك تخشى طرفاً آخر أنك ربحت أنك أمنت جانبه، يجب أن تفهم بأنك خاسر، ومن خسارتك الكبيرة هو أنك وضعت نفسك في مشكلة كبيرة أنك وضعت عائقا كَبيراً جداً أمام أن تهتدي، ثم انظر أين تنتهي بك هداية الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى- في الدنيا وفي الآخرة كيف نهايتها، في الدنيا عزة وسعادة ورفعة وقوة وطمأنينة، وفي الآخرة الأمن يوم القيامة والجنة ورضوان من الله أَكْبَر.

 

من يخشى غير الله.. جاهل باليوم الآخر:ــ

وأضاف -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- إضافة مهمة جداً للموضوع بقوله: [عندما يكون الإنْسَان يخشى غير الله، هي حالة تبين بأنك جاهل لله وجاهل باليوم الآخر، من الذي لديه ما يمكن أن تخافه مثل جهنم؟ هل أحد لديه مثل جهنم من البشر تخاف منه؟ أبداً، هل أحد لديه مثل الجنة فترغب فيما لديه؟ تعدل عن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى- فتصبح تخشى غير الله وترغب في غير الله، كلها يكون منشؤها الجهل، الجهل بالله الجهل بدينه، الجهل باليوم الآخر الجهل بالسنة الإلهية في موضوع الحق].

وقال -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- وهو يشرح معنى: أن تخشى غير الله: [يجب على الإنْسَان أن يستحي فعلاً أن يستحي من أن يكون يخشى غير الله؛ لأن معناه: أنك تجعل غير الله وكأنه أَكْبَر من الله، وكأن ما لديه مما تخافه منه أعظم وأشد عليك مما لدى الله؛ لهذا الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى- جعل الأشياء لديه على أرقى مستوى جهنم أشد، أشد عذاب والجنة أعلى، أعلى نعيم مادي ورضوانه أَكْبَر من ذلك النعيم المادي التي هي الجنة].

 

يجب على الإنْسَان أن يراجع حساباته قبل فوات الأوان:ــ

وضرب لنا -رِضْــوَانُ اللهِ عَلَيْـهِ- مثالاً واقعياً، وكلاماً قوياً؛ لنراجع حساباتنا، حيث قال: [إذاً تراجع حساباتك، متى ما كنت تخشى آخرين تخشى من – مثلاً – أمريكا الكبيرة في الأرض هذه أليس لديها الأسلحة الكثيرة ولديها الإمْكَانات الكثيرة؟ هل يمكن أن تعتبر ما لديها يساوي يوماً واحداً في جهنم؟ أبداً، فهل تخاف ما لدى أمريكا عندما لا تكون إلا أنت، وأمريكا كلها متوجهة بكل ما تملك من أسلحة لتصبها عليك أنت وحدك؟ يجب أن لا تخشاها؛ لأن ما لدى الله من عذاب شديد هو أشد بكثير، بكثير لا يساوي ما لدى الآخرين يوماً واحداً في جهنم ولا ساعة واحدة في جهنم].

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com