سيناريو غزو عدن.. الإمارات تدفع الثمن!
صدى المسيرة : طالب الحسني
لماذا تندفعُ دولةُ الإمَـارَات وتتدخل بشكل لافت لدعم عناصر القاعدة وداعش في مدينة عدن؟..
هذا التساؤل بالتحديد كان مثاراً وبشكل كبير في الشارع الـيَـمَـني خلال الأيام الماضية.
وعلى الرغم من مشاركة الإمَـارَات في العُـدْوَان السعودي الأَمريكي على الـيَـمَـن منذ نهاية مارس 2014 إلَّا أَن بروز دورها في الحملة العسكرية الأخيرة التي سُمّيت “بالسهم الذهبي” في عدن أثار الجدلَ داخلياَ وخارجياً.
وذهب البعض لتفسير هذا الدور البارز واستلام الإمَـارَات لملف عدن بخططها المستمرة في تجميد ميناء عدن وتدميره بحيث لا يبقى صالحاً لمنافسة موانئها، إذ أَن الإمَـارَات كانت المشرف الرئيس على إدَارَة ميناء عدن عبر شركة موانئ دبي العالمية العائدة لها.
فيما يذهب البعض إلَـى أَن محاولة إحْــرَاز انتصار عسكري للعُـدْوَان السعودي الأَمريكي بعد الفشل الذريع طوال الأربعة الأشهر الماضية كان بمقدمة الأولويات في مخطط هذه الحملة والتي جاءت أَيْضاً بضوء أخضرَ أَمريكي بعد لقاءات متعددة مع عسكريين أَمريكيين تتسلم الإمَـارَات وفق هذه الخطط قيادةَ هذه الحملة على أَن تتولى قطر قيادة حملة أُخْـرَى في ميناء المخاء في تعز وتتولى السعودية حملة مشابهة في ميناء الحديدة، وهكذا جرى التوزيع بحسب توقعات وتسريبات متعددة.
ما حصل في عدن وفشل الحملة التي كانت قد وضعت أَكْثَـر من سيناريو والتكلفة غير الطبيعية في عملية إقحام مئات المدرعات، بحيث قصف 3 كيلومترات بأكثر من 200 غارَة جوية متزامنة مع قصف من البارجات الحربية يجعل من العملية أَكْثَـر تعقيداً، تلاها بعد ذلك سقوط ضباط وعسكريين إمَـارَاتيين تم الكشف عن بعض منهم وإخفاء كثير من الخسائر؛ لتبدو المحصلة النهائية لهذه الحملة متواضعةً نظراً للتجهيزات والخطط، علاوة على ذلك أَن الوضع غير ثابت بحسب تصريحات صادرة عن الخارجية الأَمريكية التي بدت وكأنها غير راضية بما تم إحْــرَازُه.
وبالعودة إلَـى الإطماعِ الإمَـارَاتية في عدن وقيادتها لهذه الحملة في الشقين الاقتصادي والسياسي وحتى العسكري أثير جدلٌ آخر وهو كيف أَن الإمَـارَات تجهّز كُلّ هذه الحملة في الوقت التي تعجز عن استعادة الجزر الثلاثة (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) التي تقول الإمَـارَات بأَن إيْـرَان محتلة لها منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي.
وهو ما يعني أَن الإمَـارَات تنفذ السياسة الأَمريكية التي تتهرب من الصراع المباشر مع إيْـرَان لإدراكها بضعف حلفائها في الخليج العربي في أَية مواجهات عسكرية مباشرة مع إيْـرَان ولكن إلَـى ما تعتقده الولايات المتحدة الأَمريكية الجزء الأضعفِ في المنطقة على أَن تتقاسم الأخيرةُ المصالح والمنافع من أَية سيطرة محتملة وإعَادَة الهيمنة على الـيَـمَـن مع حلفائها (السعودية الإمَـارَات قطر).
الجزءُ الأكثر سخونة في هذا الملف هو الفشل ونتائج وتداعيات الإخفاق بعد أن ألقى العُـدْوَان كُلّ ثقله العسكري لانتزاع انتصار في عدن وإعَادَة ما تسمى الشرعية إليها كمنطقة مؤمّنة وتنطلق منها العمليات العسكرية الأُخْـرَى لبسط النفوذ على مناطق أُخْـرَى، وبالتأكيد فإن الإمَـارَات تتحمل أمام قيادة العُـدْوَان نتائج هذا الإخفاق؛ باعتبار أَن هذا الفشل يلقي بظلاله على كُلّ المعركة.
مضامينُ استقرار الوضع في عدن لصالح المليشيات التابعة لهادي والتحالف الثلاثي بين القاعدة ومليشيات هادي والإصْـلَاح غير مشجّع للإمَـارَات التي تبدو غيرَ مستعدة لإرْسَـال مزيدٍ من جنودها ليُقتلوا في معارك طويلة الأمد، وهو ما يجعل موقعها في هذه المعركة غير ثابت ومرهوناً بانتصار العُـدْوَان بصفة عامة، والأخيرُ بات من المستحيلات المسلَّم بها.
فلا معنى بالنسبة للعُـدْوَان للسيطرة على عدن دون غيرها في إطار حربها ومعركتها على الـيَـمَـن وإعَادَة إخضاعها مجدداً للوصاية وللهيمنة السعودية والأَمريكية، فضلاً عن الصراع المؤجَّل بين مليشيات هادي والإصْـلَاح والقاعدة وبين الحراك الجنوبي الذي بدا يستوعب ما يجري حوله ويدرك أنه بات معزولاً وَأَن الأَفْـرَاد الذين يرفعون شعارات القضية الجنوبية جنباَ إلَـى جنب مع راية القاعدة وإعْـلَام السعودية والإمَـارَات ليسوا أَكْثَـر من طُعمٍ وأكثر من محارقَ في المعارك الخاسرة هناك.
عدن غيرُ مستقرة، يعني أَن معركة الإمَـارَات في هذه المنطقة غيرُ مضمونة، وهذا يعني العودة مجدداً لانتظار معجزة ما لانتشال العُـدْوَان من السقوط المدوي في الوقت نفسه يدرك العُـدْوَان خطورة أَن تتجه فصائلُ الحراك الجنوبي إلَـى التحاور والتفاوض مع المكونات السياسية وقيادة الثورة بشأن تسليم الإدارة المحلية للجنوبيين لمحافظاتهم بالتنسيق مع الجيش واللجان الشعبية والثورية لمواجهة نشاط عناصر القاعدة وداعش في هذه المحافظات، وهو ما بدأ بالفعل في العاصمة العمانية مسقط، بحسب تصريحات رسمية مطلعة وكانت المسألة مسألة وقت.
والوقتُ وإطالة أمدِ الفوضى وحالة اللااستقرار لا يصب في مصلحة العُـدْوَان الذي يبحث عن أدنى درجات التمكين لإظهار قوة فريق هادي وتشجيع المناطق الأُخْـرَى على الانخراط في هذا المشروع، وهذا ما حاول العُـدْوَانُ تنفيذَهُ من خلال الوعود المتتالية بمعالجة الأَوْضَــاع الإنْسَـانية وإعَادَة ترتيب الأَوْضَــاع هناك وكمحصلة نهائية بعد أَكْثَـر من أسبوع فإن الإمَـارَات أخفقت رغم الإمكانات الهائلة التي قدمتها في إحْــرَاز انتصار يوازي تلك التجهيزات ويُعيْدُ رسْمَ خارطة جديدة للمعركة التي لم تتأثر ولم يتغير مسارُها، كُلُّ ذلك قبل تنفيذ الخيارات الاستراتيجية التي ربما تغير كَثيراً في المعادلة، بحسب تصريحات قيادات أنصار الله وبحسب معطيات الميدان.
صحيفة صدى المسيرة – العدد 49 – الاثنين 27يوليو 2015