عودة المنار
ناصر قنديل
ليس المكان ولا المجال ولا الوقت ولا المصلحة للخوض في التفاصيل، فالخبر كافٍ بذاته للاحتفال. عودة قناة «المنار» إلى مشاهديها وجمهورها على الأقمار الصناعية، بعد تغييب مفتعَل وعقابي على خيارها المقاوم. وهي تعود شعلة لا تنطفئ كصوت للمقاومة إلى جانب زميلات لها وقفت مع خط المقاومة، ولا تزال، وقدّمت تعويضاً مميّزاً ولافتاً لغياب «المنار» وستواصل الإضَافَة النوعية. وهنا تحضر قناة «الميادين» في المقام الأول، لكن عودة «المنار» حدث لا ينعزل عن حاجة جمهورها لحضورها، وما تقدّم له من خدمة إعلامية حية مميّزة في ميادين الإعلام الحربي الذي تفوّقت به، كما في مجال الإعلام الملتزم بشرح خط سياسي مقاوم وتحليل مواقف وخلفيات، بلا الحاجة للمرور في اختبارات إثبات الحياد كمظلة لا بدّ منها لسواها.
– يذكر جمهور المقاومة «المنار» في حرب تموز ويذكرها في الحرب السورية، ويحفظ لها المقاومون في قلوبهم مكانة خاصة، كما لا يعوّض غيابها أداء مميّز لزميلة أَوْ شقيقة، كقناة «العالم» التي تستحق التحية ومعها مراسلوها في ميادين القتال، كما مراسلو قناة «الميادين» والقنوات السورية التي تحوّل مراسلوها إلى محاربين ارتقى بعضهم شهداء، وفي لبنان شقيقتها «أن بي أن»، لكن التميّز عند الزميلات والشقيقات، وقد توسّعت العائلة كثيراً بقنوات تنتمي لخط المقاومة كـ “الاتجاه» و«الغدير» و«النجباء» في العراق و«اللؤلؤة» في البحرين و«المسيرة» و«الساحات» في اليمن، لا يلغي حقيقة أنّ لحضور المنار نكهة مميّزة، تماماً كما لا يلغي حضور فصائل المقاومة العراقية واليمنية، المكانة المميّزة للمقاومة اللبنانية. وعودة «المنار» كيفما كانت معطياتها وظروفها، تجارياً وسياسياً، وتعاقدياً وقانونياً، فهي عودة احتفالية تستحق التحية.
– القضية التي طرحها تغييب «المنار» كانت الحاجة إلى قمر صناعي لا تخضع إدارته لضغوط سياسية تستهدف قوى المقاومة، قادر على توفير التغطية للمنطقة بطريقة فنية مناسبة لا ترهق المشاهدين بترتيبات معقدة أَوْ مكلفة، ويجب التنويه بجهود بذلتها إدارة الأقمار الصناعية الروسية، ونجاحها بتخصيص أحد أقمارها لتغطية المنطقة على محاور الأقمار العاملة في سماء المنطقة، والتي تحمل القنوات التلفزيونية الوجهة إليها، وبدء التعاقد بأسعار مخفضة مع قنوات عاملة لتنويع باقات البث من أقمار آمنة لا تعرّضها لخطر الإيقاف والضغوط.
– واحدة من إيجابيات المبادرة الروسية خلق سوق تنافسية جعلت التفكير بمعادلة العقوبات موضع نقاش، بعدما بدأت العقوبة تتحوّل عقوبات على شركات الأقمار الصناعية التي تلتزم بالعقوبات، كما تصف ألمانيا العقوبات الأميركية على روسيا بالعقوبات على الشركات الألمانية. وهذا حرّر هذه الشركات من كثير من الضغوط كانت تتذمّر منها ضمناً وتعتبرها مخالفة للأصول التجارية التعاقدية ولقواعد العمل المهني، التي يفترض أن تؤدّي لحجب قنوات التحريض على الفتن، وقنوات تشجيع التطرف، وقنوات الإباحية، بدلاً عن استهداف قنوات المقاومة، التي تبذل جهدها لتفادي التصادم مع قواعد السلوكيات المتفق عليها.
– مع عودة «المنار» إلى جمهورها، تحية الزمالة، وتحية خنادق القتال، وتحية المقاومين… وَألف «مبروك» لإدارتها والعاملين فيها… والعود أحمد.