فاطميات في مواجهة العدوان
أمل المطهّر
كثباتِها وعِظَمِ صبرها ورقي إيمانها، كشجاعتها وعفتها وفصاحتها وثقتها بربها، وجدنا الكثيراتُ من نساء اليمن يقفن في وجه عدوان أهوج شيطاني كفاطمة الزهراء بضعة النبي الكريم، وبنهج فاطمي أصيل وحكمة بالغة برزن للعالم بأسره في مواقف تذهل العقول وتحير الألباب فكن القدوة لكل حرائر العالم وكن الصخرة التي قصمت ظهر العدو، فذلك النهج المحمدي الفاطمي صنع نساء خارقات لا يقهرن ولا ينهزمن مهما كان حجم الألم وكبر المعاناة.
فرأيناهن يقفن كلٌّ خلف مترسها وساحة جهادها المقدسة فتلك تقف خلف زوجها المجاهد وتكون عونا له فتتكفل بإعالة الأسرة وتربية الأبناء وتكون هي الأب المعيل والأُم الحانية فتطور من مهارتها في الخياطة أَوْ الحياكة أَوْ الطبخ وكثير من مجالات تنمية الذات كي لا تشغل زوجها عن جهاده أَوْ تجعل القلق يدب إلى داخله عليهم، وتلك تصنع الكعك وتعد القوافل وتجمع التبرعات من أخواتها الحرائر لرفد الجبهات، لا تكل ولا تمل ليل نهار وهي تسعى لدعم إخوانها في ساحات الجهاد بما تسطع وبأقصى جهودها.
وتلك تسعى لنشر المظلومية وإيصالها لكل من غيبت عنهم، فنجدها الكاتبة والمصورة والثقافية والسياسية ولا تيأس لما يملك العدو من ترسانات وإمْكَانيات إعْـلَامية لإيمانها بقوة صوتها الدامغ للباطل وصوته، فمهما علا وانتشر فهو إلى زوال وسقوط.
وتلك تهيئ أبناءها ليلتحقوا بجبهات الكرامة دونما ضعف أَوْ تراخٍ ولا تقبل أن تهان أَوْ تذل أَوْ تنتهك حُرمة دينها وأرضها وتظل متشبثةً بولدها، فساحات العزة والكرامة هي من تليق بأبنائها وبتربيتها الحيدرية الخالصة، فلا تقبل لهم إلا بأفضل الأمور فإما نصر يغيض العدو أَوْ شهادة تسر الصديق..
وتلك تستقبل فلذة كبدها بابتهالات التقرب لله تعالى فلا تسمح للعدو أن ينفذ لها أَوْ يضعفها بسبب وجع فراق ولدها ولا تسمح له بالاقتراب من تضحياته الجسام وترميه في مقتل بمواصلة السير على درب شهيدها والإصرار على مواصلة مشوار معركة التحرر الكبرى.
ولا يسعني أن احتوي جميع المواقف العظيمة التي رأينا فيها نساء اليمن الصابرات، نماذج عظيمة قدمتها نساء اليمن في هذه الثلاث السنوات سطرت فيها بطولات وملاحم، وكما رأينا معجزات الله وآياته تتجلى لنا ظاهرة العيان على أيدي أولياء الله في كُلّ الجبهات..
رأيناها بأيدي الفاطميات الحرائر ترسم لنا أجمل لوحة للصمود والتضحية والإيثار، فتجلى قول الله عز وجل فيهن (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ).
فكن هن من أحببن السيدة فاطمة الزهراء قولاً وفعلاً، فأَصْبَحت الزهراء تباهي بهن وأَصْبَحن في سمو وعزة المؤمنات يحيين ذكرى مولدها في أفعالهن وأقوالهن وصبرهن وصمودهن وكبريائهن وعفتهن.
وكما انتصرت الزهراء وغلبت الكفر وأحزابه في ذلك العصر ها هي تغلبهم من جديد بأولئك النسوة اللواتي تبعن نهجها واقتفين أثرها، فكن نعم الفاطميات وكن مثالاً لكل المؤمنات في كُلّ زمان، فهؤلاء هن من يهابهن العدو ويخشى أن تكون كُلّ النساء فاطميات فلا يمكن أن تهزم أمة تنجب أبناءها نساءٌ على خُطَى الزهراء يسرن وبنهجها يتمسكن.
لذلك سعوا لمحو السيدة فاطمة من حياتنا ومناهجنا وكتبنا وثقافتنا ولو كان بيدهم أن يعموا أبصارنا ويصموا آذاننا عن سماع سيرتها ومناقبها وحياتها المليئة بالعبر والدروس لفعلوا لكن يأبى الله إلا أن يتم نورَه ولوكره المعتدون الظالمون.