(الله وحده).. لا يــمـكـن أن يـتـغـيَّر أَوْ يـتـبـدَّل لأن كـمـالـه هـو الـكمـال الـمطلق
يطالعُنا الشهيدُ القائدُ سلامُ الله عليه ــ كعادته ــ في محاضرة ــ ملزمة ــ [معرفة الله ــ عظمة الله ــ الدرس الثامن] بمواضيع شديدة الأهمية، تربطنا بالله، وتشدنا إليه، وتعرفنا به كما أراد الله لنا أن نعرف.. وفي هذا التقرير الصحفي سنتناول ما تحدث عنه الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ الله عَلَيْهِ- كما هو مرتب في المحاضرة.. حيث ابتدأها بشرح بعض من صفاته الله تعالى كالآتي:ــ
أولاً: {هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}:ــ
أوضح -سَلَامُ الله عَلَيْهِ- بأن الله (حيٌّ) لا يموت، موجود وحاضر معنا في كُلّ أمور حياتنا، شاهداً على كُلّ تصرفاتنا، كما قال سبحانه: [أولم يكف بربك أنه على كُلّ شيء شهيد]، حيث قال: [كُلّ ما سوى الله سيفنى، وكل ما سوى الله ناقص وضعيف. إذاً فمن هو الذي يجب عليّ أن ألتجئ إليه, وأدعوه وأثني عليه وأثق به؟ الله أم شخص آخر؟ الله أم مطمع من مطامع الدنيا؟ الله أم هوى نفسي وشهواتها؟ أنا سأقول: ( هو )، سأرجع إلى الله؛ لأنه من؟ {هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} هو الحي الدائم البقاء الذي لا يفنى، وهو الإله الذي لا إله غيره، فهو من يجب أن أدعوه مخلصاً له في دعائي، من ألتجئ إليه مخلصاً له في التجائي إليه، من أتوكل عليه منقطعاً في توكلي عليه، من أثق به معرضاً عن كُلّ من ليس في خطه وعلى صراطه. وهو أيضاً من يجب أن أثني عليه؛ لكماله سبحانه وتعالى، ولعظيم إحسانه إليّ، ولسوابغ نعمه عليّ.. إنه إله رحيم، إله عظيم الإحسان، إله يسبغ نعمه على عباده، عباده الذين أنا واحد منهم، وأنا مَن أَعَلَمُ بأن نعمه عليّ لا أستطيع أنا ولا غيري أن يحصيها. وكما قلنا في سؤال سابق أثناء درس من الدروس: من الذي يستطيع أن يحصي نعم الله عليه؟].
ثانيا: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}:ــ
وأكد -سَلَامُ الله عَلَيْهِ- ألا أحد من أهل الأرض، ملوكها، وسلاطينها، ممكن أن نقارن بين جبروته، وبين جبروت الله جل وعلا، حيث قال: [فمن الذي يستطيع أن يغالب الله؟ من الذي يستطيع أن يقهر أولياء الله المعتصمين به, والمتوكلين عليه والواثقين به؟. وهو الذي قال في كتابه الكريم: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (المجادلة:21) {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} (غافر:51) من الذي يستطيع أن يقف أمامه فيحول بينه وبين أن يفِيَ بوعده للمؤمنين الصادقين عنـدما يقول: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}(الحج: من الآية40) {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}].
ثالثاً: {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ}:ــ
وفي ذات السياق أوضح الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ الله عَلَيْهِ- معنى الحكيم الخبير، حيث قال: [وهو الحكيم في أفعاله، الحكيم في تدبيره، أعماله لا عشوائية فيها، ولا جهالة فيها، الخبير بشئون عباده، الخبير بأعمال عباده، الخبير كيف يقهر من تمرد عليه، الخبير كيف ينصر من نصره، الخبير في كيف يفي بوعده لمن وثق به وتوكل عليه].
مهما كان البشر حكماء.. لا بد من أخطاء في تصرفاتهم:ــ
وضرب الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ الله عَلَيْهِ- أمثلة عن أخطاء يقع فيها من يظنون أنفسهم قد بلغوا منتهى الحكمة والدقة في كُلّ شيء، حيث قال: [أمريكا عندما دخلت أفغانستان, ووقفت مع أحزاب التحالف الشمالي، التي كانت معارضة لحركة طالبان كم حصل من أخطاء من قِبَل الطائرات الأمريكية فضربت مدناً، وضربت مناطق هي تابعة لأحزاب المعارضة، فحصل قتلى كثير في مناطق هي تابعة لأحزاب المعارضة الذين هم تولوا أمريكا، وأمريكا وقفت معهم، لا أحد مهما كان ناصحاً معك إذَا ما توليته وابتعدت عن الله سبحانه وتعالى يمكن أن يكون خبيراً في كيف يقف معك. بل نجد كيف أن أمريكا نفسها كم من الزعماء جنّدوا أنفسهم لخدمتها, وقضوا أعمارهم في العمالة لها، وفي تنفيذ مُخَطّطاتها، وفي الأخير في وقت الشدة، ووقت ثورة شعوبهم عليهم تتركهم وتتخلى عنهم، وأحياناً تتخلى عنهم قبل ذلك]..
رابعاً: {لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ}:ــ
واستمر -سَلَامُ الله عَلَيْهِ- في تناول بعض من أسماء الله تعالى وصفاته لكي يغرس في قلوبنا حبه وتوليه، حيث قال وهو يشرح هذه الصفة العظيمة لله: [هو من لـه الثناء، من لـه المجد في الدنيا في هذا العالم وفي الآخرة، هو المقدس، والمنزه عن كُلّ نقص، وعن كُلّ قبيح، وعن كُلّ عيب في هذه الدنيا وفي الآخرة. والدنيا والآخرة عالَمان الإنْسَان لا بد أن يمضي فيهما، نحن في هذه الدنيا في عالم الأولى، ولا بد أن نَفِدَ ونتحرّك جميعاً إلى عالم الآخرة.. فمن هو هناك الملك في اليوم الآخر؟ أليس هو الله سبحانه وتعالى, فهو هناك من له الملك وحده، لا أحد يستطيع أن يتصرف في شئون عباده في اليوم الآخر. وهو هو سبحانه وتعالى المستحق للحمد والثناء والمجد في الدنيا وفي الآخرة، وهو هو من لا يمكن أن يتنكر لك، فإذا ما وعدك هنا في الدنيا فقد يخلف في الآخرة. لا.. هو من ستكون رحمته بك في الآخرة أعظم وأعظم].
خامساً: {وَلَهُ الْحُكْمُ}:ــ
وبيَّن -سَلَامُ الله عَلَيْهِ- بأن القول الأول والأخير في الدنيا والآخرة هو لله وحده، وإليه ترجع الأمور، حيث قال: [هو من لـه الحكم هنا في الدنيا, وله الحكم في الآخرة أيضاً, له الحكم في الآخرة في يوم الفصل، لا أحد يستطيع أن يشفع لأحد إلا بإذنه، ولمن ارتضى من عباده، كُلّ عباده يقفون صامتين بين يديه فلا تسمع إلا همساً {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً}(طـه: من الآية 108) كُلّ أولئك الذين كانوا يتجبرون في هذه الدنيا, ويطلقون العبارات القاسية ضد المستضعفين من عباد الله، هم مَن سيقفون أذلاء بين يدي مَن أنت تتولاه، هم من ستضحك منهم, وتسخر منهم في الآخرة كما سخروا منك في الدنيا, وكما كانوا يضحكون عليك في الدنيا {فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ}].
سادساً: {قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ}:ــ
أما بالنسبة لهذه الصفة العظيمة فقد شرحها الشَّهِيْدُ القَائِدُ -سَلَامُ الله عَلَيْهِ-، حيث قال: [قوله الحق الذي لا يتخلف، قوله الحق الذي لا يمكن لأحد أن يفرض عليه أن يتخلف عن قوله، أَوْ يحول بينه وبين تنفيذ قوله، ومعنى أن قوله الحق: هو الواقع الثابت الذي لا يتخلف، وهو الحق الذي لا باطل فيه، ولا ضلال فيه{يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} الأنعام:73 له الملك في الدنيا, وله الملك في يوم ينفخ في الصور, في يوم القيامة، هو عالم الغيب والشهادة، وهو الحكيم الخبير].
سابعاً: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}:ــ
واسترسل -سَلَامُ الله عَلَيْهِ- في سرد صفات الله، لتتعزز في نفوسنا عظمته سبحانه، فنكون كما أراد لنا أن نكون، ونفوز بالجنة وننجو من عذاب النار، حيث قال في شرح هذه الصفة: [مبتدعهما، أي هو لم يخلقهما على مُخَطّط قدم له من جهة أُخْرَى، أَوْ عملهما على مثال عملته جهة أُخْرَى، هو من ابتدعهما، هو من أوجدهما من حالة العدم على غير مثال احتذاه. {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (الأنعام:101) فأولئك الذين أدعو له ولداً, أَوْ جعلوا أنفسهم أبناء له, اليهود والنصارى، اليهود قالوا: عزير ابن الله، والنصارى قالوا: المسيح ابن الله، الله كفّرهم بأقوالهم هذه, وسخر منهم: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ} كيف يمكن أن يكون له ولد {وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} ليس له زوجة، هو ليس بحاجة إلى ولد، هو بديع السموات والأرض، هو من لا يمكن أن يلد أَوْ أن يكون مولوداً, لا يمكن إطلاقاً].