قراءة في شخصية القائد
عبود أبو لحوم
لقد تميّز قائدُ المسيرة القرآنية العالم المجاهد/ عبدالملك الحوثي بممارسته الجريئة والنزيهة للنقد الذاتي؛ تعبيراً منه عن الثقة بالمنهج القرآني والحرص على التطوير الدائم المنطلق من إيمانه ومواقفه الثورية فالذي يلتقي به يلاحظ بوضوح كامل.. إن ممارسة النقد الذاتي سمة مميزة لشخصيته، وكانت من أهم عوامل إنقاذ المسيرة القرآنية من أمراض الجمود المذهبي والتعصّب والانغلاق والمكابرة ومجانَبة الحقائق.
ومن الصفات المميزة لفكره، كانَ دوماً التمسك بالثقة بالله مع الاستقامة والروح العلمية الموضوعية ورفض الأساليب ألا أخلاقية في العلاقات بين الوسائل والغاية والتعامل مع الخصوم.
ومن صفاته التمسك بالمقاييس الإيمانية ضمن إطار الفضائل في التحَرّك الجهادي وعدم الاستسلام إلى منطق التبرير وعدم جدوى أي نجاح لا يستند على القيم ورفضه الدائم لمنطق الحسابات اللا ثورية واللا أخلاقية القائمة على المقاييس السياسية التي تعمل بالموازنة بين الربح والخسارة.
كُلُّ هذه الصفات والمزايا كانت من دوافع حرصه على تقييم مسار مكون أنصار الله وتقويمه وجُرأته في التصدي لمواطن الضعف والإخلاص في تقييم الأخطاء التي هي جزءٌ طبيعيٌّ من العمل الثوري الجهادي.
لقد كان لهذه النظرة النقدية البناءة الواعية والحكيمة دورٌ مثمر وفاعل في تكوين وعي المجاهدين، فجعلتهم في موضع اليقظة الدائمة والحركة الذهنية والقُدرة على المقارنة والتفريق بين الحق والباطل وتنامي شعور البحث عن الحقائق وساعدت في القدرة على اكتشاف التزوير للأفكار والمواقف، وجعلت المجاهدين في تنامٍ إيماني جهادي يجمع بين التواضع وحُبّ الحقيقة والحق والعدل والطموح في استكمال سد النواقص ومواجهة الانحراف والظلم والطغيان.
لهذا سار سائداً في ثقافة أنصار الله أن النقد البناء لا يعني السلبية كما هو مألوف وشائع عند بعض الأحزاب، بل هو من أهم الوسائل المنهجية المساعدة على تكوين فكر المجاهدين تكويناً ثورياً بعيداً عن التقليد الآلي والانجرار العقيم.
ونظراً لغياب الأقلام النزيهة والشريفة وطغيان إعلام العدوان وانشغال قيادة أنصار الله ـ أرى من الأهمية تفعيلَ النظرة النقدية في تكوينات أنصار الله واستيعاب ما يصدُرُ عنها لمعالجة الأخطاء، ولا نجعل حملةَ التشويه سُلّماً للتستر على بعض الانحرافات الفردية، فالخوف أن تتسعَ وتصلَ عدواها إلى الأصحاء ونحن بشرٌ أصل الخطأ والخطيئة.