اليهود وراء كُلّ جريمة: الشيوعية والنازية صناعة يهودية
الحلقة السادسة
في كتاب “اليهود وراء كُلّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يسلِّطُ المؤلفُ الضوءَ على الأمور التي لم تكن واضحةً من أساليب اليهود للسيطرة على العالم، مستخدمين كافة الوسائل القذرة والجرائم التي لم يكن يدرك الناسُ أن اليهود يقفون وراءَها للوصول إلى غايتهم بالسيطرة على العالم وثرواته، مؤكداً أنه ما سيكشفه في الكتاب سيصدم القراء؛ نظراً لعدم قدرة الكثير منهم على استيعاب خُبث اليهود من تلقاء أنفسهم.
في ترجمة الكاتب وفق موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كندي وأستاذ جامعي اختص بالعلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترة بفلسطين ودرس بالجامعة (العبرية) في القدس المحتلة وسبق له أن عرض القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها وأثبت (بطلان الحق التأريخي لدى اليهود) وبشكل علمي موثق وببراعة نرى من خلالها الصدق والتعلق بالحق والعدالة.
ونظراً لأهميّة محتوى الكتاب، تقومُ صحيفةُ المسيرة بنشره في سلسلة حلقات معتمدة على النسخة المترجمة والصادرة في عام 1982 عن دار الكتاب العربي في بيروت والذي تولى شرحه والتعليق عليه باللغة العربية الكاتب والمؤلف العراقي “خير الله الطلفاح”.
حركة الثورة العالمية
إذا أردنا أن ندرك ماهية الأسباب التي ولدت في الماضي وأدت إلى النتائج التي نعيشُها ونخبرها اليوم لا سيما ما يتعلق منها بالوضع الدولي السيء والوضع الداخلي القلق للأمم فإنه يجب علينا أن ندرس التأريخ؛ لأنَّ التأريخ يكرر نفسه دائماً.
قلنا إن التأريخ يكرر أَوْ يعيد نفسه؛ لأنَّ هدف الصراع المستمر أبدأ هو نفسه منذ أزمنة سحيقة وحتى اليوم ونعني به الصراع الدائم منذ القديم بين قوى الخير وقوى الشر المتنازعة للسيطرة على العالم.
والذي حدث هو أن كليهما انقسم بدوره إلى جهات عديدة ولا زالت وهي تتوزع بين هذه الجهات التي تصارع كُلّ منها جهة أَوْ أكثر من الجهات المعاكسة لها وتعمل على حدة في سبيل بلوغ الهدف الذي تسعى إليه الجهة التي تنتمي إليها، وهذا برأينا يجعل دراسةَ موضوعنا مسألة شائكة ومعقدة إلى حد بعيد.
وتصل هذه الخلافات في رأيي إلى الجماهير المتخلفة عن طريق أجهزة الدعاية والإعلام وقد تتخللها بعض الأكاذيب أَوْ انصاف الحقائق -كما يقولون-، عوضاً عن أن تنقل إليها الحقائق كاملة غير مزيّفة.
وقد استخدم تجارُ الحروب الدعاياتِ بانتظام لتقسيم الإنْسَانية دوما وأبدأ إلى معسكرين متناحرين لأسباب سياسية أحياناً أَوْ اجتماعية أَوْ اقتصادية أَوْ دينية وغيرها أحياناً أُخْـرَى، بحيث تمكنوا دائماً من أن يستفز كلا المعسكرین بعضهما حتى يصلا إلى درجة الهيجان فينقض بعضها على البعض الآخر ليدمره..
ولهذا توجب علينا لكي نكتشف الأسباب التي أدّت إلى النتائج التي نستهدفها اليوم فتحتم علينا أن ندرس بعناية كُلّ المظاهر والحقائق المعقولة ويجب بعدها التمييز بين الحقائق المزيفة والحقائق الصحيحة الثابتة من جهة وبين الأوهام والواقع من الجهة الأُخْـرَى ويجب علينا أَيْضاً دراسة الأحداث التي وقعت في الماضي؛ لتستنتج من ذلك كيف أثرت هذه الأحداث في واقعنا الحالي وما هو نوع هذه التأثيرات.
يقسم عالم اليوم إلى معسكرين رئيسيين من الناحية الدينية.. فمنتسبو المعسكر الأول يؤمنون بوجود الله وإن اختلفت طريقة اعتقادهم والمنتمون إلى المعسكر الثاني ينكرون وجود أية قدرة عليا ومن أي نوع كانت.
ولهذا التقسيم الواقعي أهميّة كبرى؛ لأنَّنا سوف نبرهن على أن حروب الماضي وثوراته كانت نتيجة الصراع القائم بين هذين المعسكرين المتناحرين.
أما التفكيرُ القائمُ على الإيمان بالوجود الإلهي فهو بدوره يتشعّبُ إلى مذاهبَ عديدة، فالأديان التي تؤمنُ بعقيدة الإله الواحد تبشِّر تعاليمها برب علويّ عظيم متميز بذاته هو خالق هذا الكون وهو المهيمن عليه.
أما عقيدةُ تعدد الآلهة أَوْ شمول الألوهية فإن المؤمنين لا يعتقدون باندماج الإله والكون معاً في كُلّ إلهي لا بإله واحد متميز، أي أنهم يؤمنون بوجود الروح الإلهية في كُلّ مكان في الكون والطبيعة، وقد عبرت عن هذه العقيدة أديان وَمذاهب فلسفية كثيرة: كالبوذية والهندوسية وغيرها وتقتضي عقيدة الإيمان بإله واحد متميز كذلك الاعتقاد بالروح وبالحياة الأُخْـرَى بعد الموت، فالموت بنظر هذه الفئة موت الجسد لا موت الروح، کما تقتضي هذه العقيدة أَيْضاً الاعتقاد بوجود مخلوق هو الشيطان وصنعته الشر والبلاء والدمار للعالم أجمع.
وتدلنا الدراساتُ المقارنةُ للأديان على أن فرداً من أفراد القبائل المنعزلة المتأخرة ذاتها حتى من كان في قلب إفريقيا أَوْ أُستراليا لم يخلُ من غريزة دينية جعلته يفكر، ويتساءل للإجابة عما يخالجه من أسئلة، مثل، لماذا ولدنا؟.. ولماذا نعيش؟.. وما هو سبب وجودنا في هذه الحياة.. وأين سنذهب بعد الموت؟.
وهكذا استطاعت هذه القبائل، حتى المتأخرة حضارية منها أن تكون لها عقائد عن وجود إله واحد وعالم روحي وحياة أُخْـرَى بعد الموت الجسدي.
وتدلنا الدراسات العميقة للأديان السماوية على أنها بشَّرت جميعها بتعاليم سامية واحدة، منها عبادة الله ومحبة واحترام الوالدين، وتوقير الكبار في السن، واتباع الحق وحسن الجوار، والعدل والإحسان، والابتهال إلى رحمة الله وطلب المغفرة للموت من الأهل والأقارب والأصدقاء.
ثم جاء البشرُ بأطماعه وشهواته ورغباته في التسلط والقوة وتأصلت في نفسه روح الشر التي تملكت البعض من أبنائه فحرفتهم عن الدين، فحرروا معانيه السامية وأضافوا إليه من إبداعاتهم وأباطيلهم حتى هبطوا بالأديان السماوية إلى المستوى الذي نراها فيه اليوم.
ومن الطبيعي أن يؤديَ ضعفُ الدين وتفكّكه وانحلاله إلى اشتداد ساعد تيار الإلحاد وانتشاره بين الناس، وهكذا أخذت المبادئُ الخالدة القومية التي أتت بها القوة الإلهية متمثلة في العدالة الاجتماعية منها أخذت تفقد سلطانها بصورة تدريجية وسريعة، ونراها ظاهرة بصورة خاصة لدى بعض الأمم التي تدعو نفسها بالأمم الحرة..!.
وما يحدث في الغالب هو أن الشبابَ الذين يفقدون العقيدة الروحية ينقلبون إلى الإيمان بالأفكار الوضعية الزمنية أَوْ المادية وينتهي بهم الأمر في كثير من الأحيان إلى الانضمام إلى إحدى العقيدتين الإلحاديتين: النازية أَوْ الشيوعية أَوْ التردد بينهما.
إنَّ استمرارَ الأوضاع العالمية على ما هو عليه اليوم لا يعني سوى شيء واحد، هو تمهيدُ الطريق لزعماء إحدى الجماعتين الإلحاديتين المتآمرتين للسيطرة على العالم ومن ثم الاستعباد الجسدي والروحي والفكري لكل مَن لم يؤمن بطريقتهم، وفي هذه الحالة كما في تلك فإن النورانيين هم الذين سيفرضون حكمَهم الجهنمي على العالم.
ثم نعودُ بعد هذا إلى المعسكر الديني، فنرى أن المعتقدین بوجود إله واحد يتوجّهون إليه بعبادتهم ويتفقون فيما بينهم على نظريات متشابهة فيما يتعلق بأصل النوع الإنْسَاني أي قصة آدم وحواء، ويتفقون من ثم على نظرية دينية أُخْـرَى هي أن الله قد أعمر عالمنا بالإنْسَان وجعل لكل شخص إرَادَة حرة، مانحة إياه بذلك فرصة كافية في حياتنا الأرضية للاختيار بمحض إرادته بين الخضوع للإرَادَة الإلهية أَوْ الانضمام إلى جانب الشيطان.
ويجدر بنا أن نذكر هنا أن الاسم الذي يطلقه الانجيل باللغة اللاتينية على الشيطان هو (لوسيفرا) وهذا يعني باللاتينية حامل النور أَوْ النوراني.
ولا يخالف الدينيين في نظرية أصل الإنْسَان سوى اللادينيين من ناحيةٍ وأتباع نظرية داروين من ناحية أُخْـرَى.
على أن استمرار النوع البشري على الأرض يحدث بنظام التوالف، وهذا ما يجعل الأجيال الحاضرة تجهلُ أصلَ الحياة الإنْسَانية، والذي يهمنا من كُلِّ ذلك هو الحقيقة الوحيدة التي نعلمها وهي أن كُلّ شخص أعطي إرَادَة حرة يستطيع الاختيار بواسطتها بين العقيدة السماوية والعقيدة المادية الإلحادية المحضة بفرعَيها: “النازي الذي يؤمن بالعنصرية والعرقية، أَوْ الشيوعي الذي يؤمن بالدولة الواحدة الأممية”.
ويجدر بنا أن نذكر القارئَ بالفرق بين النازية والفاشية، ذلك أن الحركة الفاشية عام 1919 في بريطانيا كانت في الأصل خلافا لما تقوّله أَوْ تقوله الدعايات عنها إنها حركة ذات طابع ديني مسيحي أشبه منها بحملة من الحملات الصليبية التي قامت لتحارب النظرية التي نادى بها کارل مارکس؛ ولتدعم من ناحية أُخْـرَى مبدأ الوطنية أَوْ القومية ضد مبدأ الأممية كما خطط له سادةُ الحرب الجرمانيون النازيون وأصحاب البنوك وسادة الصناعة من اليهود وبعض الساسة الجشعين.
أمَّا إذا نظرنا إلى المعسكر الثاني الإلحادي، فسنرى أن معظمَ الإلحاديين يتفقون على أساس مشترك هو أن هناك حقيقةً واحدة هي المادّة أَوْ الطاقة، وأن هذه الطاقة أَوْ المادة هي التي تطورت قواها العمياء حتى ظهرت على شكل نبات ثم حيوان ثم إنْسَان.
ويستتبع ذلك أنهم ينكرون بالنتيجة وجودَ الروح وينكرون كذلك بالتالي الحياةَ بعد الموت الجسدي، وينقسم هذا المعسكر إلى فرعين كما ذكرنا سابقا هما: الشيوعية والنازية.
الشيوعية والنازية كارل ماركس – وكارل ريتر
سوف نوردُ فيما يلي أن تأسيسَ الشيوعية الحديثة تم عام ۱۷۷۳م من قبَل مجموعة من سادة المال العالميين أَوْ كما يسمونهم (بارونات المال)، واستعملها سادة المال منذ ذلك الوقت أداة للعمل يبتغون بواسطتها الوصول إلى تحقيق مُخَطّطهم الرامي إلى إقامة دولة إلحادية العقيدة تقوم على الدكتاتورية الشاملة وقد بين ذلك لينين بوضوح في كتابه الموسوم (شيوعية الجناح اليساري) إذ يقول في الصفحة 53 منه ما نصه:
(إن نظريتنا – أي الشيوعية – ليست مذهباً عقائدياً بل هي أداة للعمل) وورد هذا القول على لسان الكثير من زعماء الشيوعية الحديثين..
وليس هناك في الواقع فرق كبير بين الإلحاد الأسود (النازية) والإلحاد الأحمر (الشيوعية)، فالفرق الوحيد بينهما هو اختلاف المُخَطّطِ الذي ناحية زعماؤه المتنازعون عن طريقة الوصول في النهاية إلى السيطرة المطلقة على موارد العالم بأسره وتحقيق أفكارهم بتكوين الدولة الالحادية الدكتاتورية الشاملة في العالم كله.
كان کارل مارکس الذي عاش بين عامَي ۱۸۱۸ – ۱۸۸۳ ألمانياً من أصل يهودي، وقد طُرد من ألمانيا كما طرد من فرنسا بعدها؛ بسبب نشاطه الشيطاني، فألجأته انكلترا إليها.
وفي عام 1848 نشر البيانَ الشيوعي، وقد أعلن مارکس ذلك المُخَطّطَ الطويلَ الأمدَ لقلب العالم بأجمعه إلى اتحاد جمهوريات اشتراكية سوفيتية مقرّراً أن تحقيقَ هذا المُخَطّط قد يستغرق قروناً طويلة.
أما كارل ريتر الذي عاش بين عامَي ۱۸۷۹ – ۱۸۰۹ فهو الآخرُ ألماني أَيْضاً، وكان أستاذَ العلم التأريخ والعلوم الجيوسياسية، وقد جاء بنظرية معاكسة للبيان الشيوعي ووضع مُخَطّطاً أعلن فيه أن باستطاعة العرق الآري أن يسيطر على أوروبا ثم على العالم أجمع بعد ذلك، وتبنّى خطته مجموعةً من الزعماء الآريين وضعهم ريتر في مُخَطّط فأسسوا الفكرة النازية، مؤملين عن طريقها تحقيق هدف السيطرة على العالم وتحويله إلى دولة إلحادية تخضع لدكتاتوريتهم الشاملة.
وقد أيقنت هذه الجماعة الآرية أن عليها الاختيارَ بين طريقين: إما التحالف مع أصحاب البنوك العالميين من اليهود أَوْ تحطيم قوتهم ونفوذهم..
ونحن نشك في كون عدد من يعلمون – من المنتمين إلى المنظمات الشيوعية والنازية – أن منظمتَهم ليست إلا مطيةً لليهود والكُهان المهيمنين على الكنيس اليهودي للوصول إلى أغراضهم… أقول نشك في كون هذا العدد يتجاوز نسبة ضئيلة من الزعماء الرئيسيين لهذه المنظمات.
ولعلَّ ما تعرفُه الجماهيرُ عن كارل مارکس والشيوعية يفوقُ بكثير عما تعرفه عن كارل ريتر والنازية إذا كان ريتر خلال أعوام طويلة أستاذاً للتأريخ في جامعة فرانكفورت ثم أَصْبَح أستاذاً للجغرافيا في جامعة برلين، وكان يعتبر في الأوساط الجامعية والتعليمية أحد كبار أساتذة الجغرافيا والتأريخ والعلوم السياسية.
ويعود السبب؛ لأنَّ العلاقة بين ريتر وزعماء النازية غير معروفة إلا للقليلين.. وقد حوفظ على أهداف زعماء النازية وأغراضهم تحت طي السر والكتمان. وقد استطاع بعض ضباط المخابرات البريطانية أن يكشفوا النقاب بين ريتر وسادة الحرب الجرمانيين عندما عهد إليهم بدراسة الاقتصاد السياسي والعلوم الجيوسياسية والأديان المقارنة في الجامعات الألمانية.
وعندما درست فيما بعد وثائق الدولة النازية أبلغت هذه المعلومات من قبل كاشفيها إلى سلطاتهم المختصّة.. ولكن الذي حدث هو أن الرؤساءَ السياسيين والدبلوماسيين أخفقوا في إدراك قيمة هذه المعلومات فتجاهلوها.