زيارة ولي العهد السعودي إلى أمريكا وعلاقة الزبون بالتاجر!

عبدالله سلام الحكيمي

أصابتي الدهشة وأنا أتابع عبر الشاشة مقاطعَ من مشاهد استقبال الرئيس الأمريكي ترامب لولي العهد السعودي محمد بن سلمان وتصريح ترامب المرحب بضيفه (الثري) جدا بقوله إن السعودية أصدقاء جيدون وزبائن ممتازون، متمنياً على السعودية التنازل عن جزء من ثرواتها لصالح أمريكا!!

ومصدرُ دهشتي أني وددتُ متابعة مجريات علاقات بين الدولة الأعظم في العالم ودولة عربية ثرية من عائدات ثروتها النفطية الهائلة، فإذا بي أتابع مشاهد حوار يدور بين تاجر ضخم يملك بين يديه كُلّ وسائل الإيذاء والإضرار بمن يريد وكيفما يريد ووقت ما يريد وزبون مغمور بثراء مالي ومجرد من كُلّ وسائل الدفاع أمام تاجر مخيف قادر على جعله عدماً إِذَا هو لم ينصع لرغباته!

والرئيسُ الأمريكي ترامب يفاخر دائماً وتفاخر خلال لقائه بن سلمان أنه استعاد أموال طائلة من السعودية وأعاده لأمريكا بغض النظر عن وسائل الإتيان بها فهو تاجر (حِرّيف) يعرف من أين تؤكل الخزائن وكيف!

والواقع أن ترامب إنما يطبق منهجَه وقناعاته الثابتة ولم يأتِ بجديد، فقبل وقت قليل من الزيارة أَوْ الزيارات الأخيرة لحكام عرب مفرطي الثراء قال إن ثروات النفط تلك هي أصلاً ملكنا أودعها اللهُ لأمريكا في بلدانهم! وأثناء حملته الانتخابية للرئاسة انتقد انسحاب قوات الاحتلال الأمريكية من العراق دون مقابل وكان ينبغي لها أن تُحكِمَ سيطرتها على منابع الثروات البترولية والغازية في العراق وتترك باقي العراق لأهله فلا حاجة لأمريكا به!! وقبل هذا وذاك كان المحافظون الجدد في أمريكا وهم ذوو اتجاه يميني ديني متطرف في صهيونيته ونزعته العدوانية المدمرة قد سيطروا على الادارة الأمريكية في عهد الرئيس رونالد ريجن ثم جورج دبليو بوش وأخيراً ترامب ساروا على نهج واحد مؤداه أن مصادرَ الطاقة الهائلة في البلدان العربية لا تستحقها شعوبها فلم تبذل أي جهد يذكر في اكتشافها واستخراجها أَوْ حتى تسويقها ولهذا فإن العدل كُلّ العدل أن تسيطر أمريكا عليها!!

هذا النهجُ الثابتُ والقناعةُ الراسخةُ هو الذي يحكم نظرة وتعامل أمريكا مع دول الثراء النفطي العربية! فلا صديق لأمريكا خَاصَّـةً والقوى الدولية الكبرى إلّا (إسرائيل) ومصالحها المادية والاستراتيجية! أما الحكام العرب فاحشو الثراء فهم، ويا أسفاه، قد سلّموا مصائرهم ومصائر شعوبهم لمن يتوهموا بأنهم حُماتهم وضامنو بقائهم على عروشهم في حين أنهم محل احتقارهم ومقتهم، مهما تصهينوا وتأمركوا فسيكتشفون قريباً انهم كانوا يلهثون حتى تتقطع أنفاسهم وراء سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إِذَا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفّاه حسابه، والله سريع الحساب..

أما الشعوب المغلوبة على أمرها فلها رَبُّ يحميها وهو وليها نعم المولى ونعم النصير.

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com