اليهود وراء كُلّ جريمة: لمحات من التأريخ اليهودي
الحلقة العاشرة
في كتابِ “اليهود وراء كُلّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلفُ الضوءَ على الأمور التي لم تكن واضحةً من أساليب اليهود للسيطرة على العالم، مستخدمين كافة الوسائل القذرة والجرائم التي لم يكن يدرك الناسُ أن اليهود يقفون وراءَها للوصول إلى غايتهم بالسيطرة على العالم وثرواته، مؤكداً أنه ما سيكشفه في الكتاب سيصدم القراء؛ نظراً لعدم قدرة الكثير منهم على استيعاب خُبث اليهود من تلقاء أنفسهم.
في ترجمة الكاتب وفق موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كندي وأستاذ جامعي اختص بالعلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترة بفلسطين ودرس بالجامعة (العبرية) في القدس المحتلة وسبق له أن عرض القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها وأثبت (بطلان الحق التأريخي لدى اليهود) وبشكل علمي موثق وببراعة نرى من خلالها الصدق والتعلق بالحق والعدالة.
ونظراً لأهميّة محتوى الكتاب، تقومُ صحيفةُ المسيرة بنشره في سلسلة حلقات معتمدة على النسخة المترجمة والصادرة في عام 1982 عن دار الكتاب العربي في بيروت والذي تولى شرحه والتعليق عليه باللغة العربية الكاتب والمؤلف العراقي “خير الله الطلفاح”.
أوروبا تكتشف خبث اليهود
عمد ملكُ فرنسا إلى حَلٍّ جذري لمشكلة اليهود في عام 1203 م، فقد أمر بطردهم جَميعاً من الأراضي الفرنسية؛ لمخالفتهم قوانين البلاد، فاتجه قسمٌ كبيرٌ منهم إلى إنكلترا التي قبلت لجوءَهم، لا سيما وأن المرابين اليهود فيها كانوا قد تمكّنوا في الفترة المنتهية في عام 1200 م من السيطرة على عدد كبير من كبار رجال الكنيسة الإنكليز، وعلى قسم كبير من النبلاء وأصحاب الإقطاع الذين كانوا بحاجة دائمة إلى أخذ القروض من اليهود لتمويل مشاريعهم وحروبهم المستمرة.
وقد تأكد بالبرهان القاطع انتهاء هؤلاء المرابين وكبار الحاخامين ومن يسمونهم بحكماء اليهود إلى جماعة النورانيين وقد أتم اكتشاف هذا الدليل خلال التحقيق الذي أجراه الملك هنري الثالث في فضائح الاحتيال والرشوة وجرائم المتاجرة بالأجساد وابتزاز أموال الغير التي فاحت رائحتها بعد وفاة (هارون أوف لنكولن) عام 1200 م، فقد أثبت التحقيق بالدليل والبرهان القاطع أن ثمانية عشر يهودياً كانوا هم الذين ينظمون تلك العمليات، فقدموا إلى المحاكمة وحكم عليهم بالإعدام جميعاً..
فلما مات هنري عام 1372 م خلفه على عرش إنكلترا الملك إدوارد الأول الذي أصدر أمراً حرم بموجبه على اليهود ممارسة الربا واستصدر من البرلمان عام 1270 قوانين خَاصَّة باليهود جعل لهم بموجبها أوضاعاً خَاصَّةً، وسميت هذه القوانين (القوانين الخَاصَّة باليهود).
وكان الهدف منها تقليص السلطان الذي يمارسه المرابون اليهود على كافة مدينهم من المسيحين ومن اليهود الفقراء أنفسهم..
ولعل الأنظمة اليهودية هذه كانت القوانين الأولى في تأريخ البرلمان الإنكليزي التي لعب مجلس العموم دوراً فعالاً في وضعها، ولا يمكن وصم هذه القوانين بأنها معادية لليهود؛ لأنّها حمت في الوقت نفسه المسيحيين واليهود معاً، لا سيما الضعفاء منهم، وقد ظن المرابون اليهود أنهم سيتمكّنون من تحدي أوامر الملك كما تحدوا قرارات المجمع المسكوني بفضل السلطة التي يمارسونها على بعض رجال الكنيسة والدولة، ولكن ذلك كان خطأهم الأَكْبَر؛ لأنّ الملك عمد آنذاك إلى إصدار قانون آخر يقضي بطرد جميع اليهود من إنكلترا.. وبذلك حصد النورانيون والمرابون شرَّ أعمالهم وَأن يمنع عنهم نفوذهم وذهبهم.. وبهذا جلبوا الويلات على رؤوس بقية اليهود العاديين.
كان ذلك بدء المرحلة التي يسميها المؤرخون (الجلاء الكبير)، إذ بدأت إجراءات الدولة منذ ذلك الوقت تعصف باليهود في كُلّ أنحاء أوروبا التي أسرعت رؤوسها المتوجة تحذو حذوَ الملك ادوارد الأول.. ففي عام 1306 م أي بعد فترة وجيزة من انتهاء الحروب الصليبية وظهور نتائجها عادت فرنسا وطردت اليهود مرة ثانية بصورة كاملة وتبعتها سكسونيا إحدى الدول الجرمانية 1348م، فطردت يهودها أَيْضاً، ثم هنغاريا في عام 1340 م وبلجيكا عام 1370 م وسلوفاكيا عام 1380 م والنمسا عام 1920 م وهولندة عام 1944 م، وأخيراً إسبانيا 1992م.
واتخذ طردُ اليهود من إسبانيا أهميّة خَاصَّة، إذ أنه يلقي الضوء على محاكم التفتيش الإسبانية.. ذلك أن العديد من الناس في أوروبا كانوا يظنون أنها أسست من قبل الكنيسة الكاثوليكية؛ بهدف تعذيب واضطهاد المنشقين على كنيسة روما ومنهم البروتسانتيون فيما بعدُ، أما الواقع فهو أن من أهمّ الأهداف التي قصدها البابا (إيتوسنت الثالث) من إنشائها هو جعلها وسيلةً لكشف فئة من اليهود الذين لجأوا إلى التظاهر باعتناق المسيحية والعمل تحت هذا القناع إلى تهديمها من الداخل، وقد شعرت الكنيسة بوجود مؤامرة من هذا النوع ولمست انتشار البدع والخرافات على نطاق واسع وبشكل يوحي بوجود تنظيم خفي منسق يهدف إلى تقويض دعائم المسيحية، وتمكّن في عدة حالات تقصي الأثر واكتشاف المخادعين الذين انكشفت مسيحيتهم المزيّفة.
كما تم العثور على نص الرسالة الجوابية التي أرسلها الحاخامُ الأَكْبَر لليهود المقيمُ حينذاك في الأستانة عاصمة الخلافة العُثمانية في ظل التسامح الإسلامي، أرسلها إلى الحاخام (خيمور) رئيس الجالية اليهودية في إحدى المدن الأوروبية، وقد تضمنت هذه الرسالة التي وقعها الحاخام الأَكْبَر بإمضاء أمير اليهود وأرسلت بتأريخ 13 كانون الثاني 1489 تعليماته التي ينصح فيها مستشاريه باتباع أسلوب (حصان طروادة) الشهير، أي الدخول إلى حصن أعدائهم خلف قناع كما فعل محاربو اليونان القدامى الذين دخلوا إلى مدينة طروادة المحاصَرة مختبئين في داخل حصان خشبي ضخم، وَبتعبير أوضح جعل أبناء اليهود قساوسة مسيحيين ومعلمين ومحامين وأطباء وغيرها كيما يتمكّنوا من تحطيم المسيحية من الداخل.
غير أن محاكم التفتيش لم تقتصر على المهمة الأصلية التي أنشئت من أجلها ولم تتوقف عند هذا الحد، بل تحولت إلى أداة بطش شملت الجميع بلا استثناء وليس من الصحيح كما أشيع عن عمد في الأذهان الأوروبية بغية استدرار العطف ومشاعر الندم أنها كانت جهاز خَاصَّة لاضطهاد اليهود وحدهم، وعندما استنَّ المفتش الأَكْبَر الشهير (توركوامادا) عام 20 – 998 مراسمَ الحرق الرهيبة، كانت المحرقة تتلقف كُلّ من تلصق به تهمة (الهرطقة) أَوْ السحر أَوْ الخيانة أَوْ ما يماثلها دون تمييز بين يهودي وغير يهودي.. وعلى هذا فإن النقمةَ التي تعرض لها اليهود في إسبانيا لم تكن ناتجة عن أسباب دينية بل جاءت كرد فعل عام على تصرفاتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية.
إنّ الحقائقَ الدقيقةَ هي التي تلقي الضوء الكاشف على الواقع التأريخي الذي تبدو أسبابه مجهولة أحياناً.. ففي الرابع عشر للميلاد تمكّن المرابون اليهود للمرة الأولى من جعل الدولة الإسبانية تمنحهم حق جباية الضرائب من الشعب مباشرة ولحسابهم الخاص كضمان للقروض التي قدّموها للحكومة، مما جعل الأهالي تحت رحمتهم المطلقة، فاستغلوا هذا الوضع أبشعَ استغلال واستعملوا من القسوة والوحشية ما يندى لها جبين الإنْسَانية، تلك هي قصة (أوقية اللحم) وهي أن يقتطع المرابي اليهودي من لحم مدينة أوقية.. يقطعها من جسمه وهو حي فملا هذا الإجراء أفئدة السكان حقداً وغضباً عارماً على اليهود. وأَصْبَح الأمر من الخطورة جداً يمكن أن ننعته بكل جدارة بأنه شرارة لتفجير البركان الكامن في قلوب المواطنين الحاقدين على أفعال اليهود هذه.
وكانت هذه الشرارة للخطابات اللاهبة التي ألقاها القس (فرناندو مارتينيز) فهب الشعب على إثرها بصورة جماعية لارتكاب مجزرة دموية تميزت بفظائعها، وهذا مَثَلٌ صارخٌ على بشاعة جرائم المرابين اليهود وموجهيهم من النورانيين الذين سقط بجريرتهم آلاف من الضحايا البؤساء الذين لم يرتكبوا ذنباً بل أخذوا بما اقترفه النورانيون من أهوال.
وفيما يلي ما تقوله الموسوعة البريطانية صفحة 57 المجلد الثالث عشر طبعة عام 1947 عن موضوع اليهود في إسبانيا: (كان القرن الرابع عشر العصر الذهبي لليهود في إسبانيا، ولكن خطابات أحد قُسُس مدينة اشبيلية المدعو فرناندو مارتينيز أدّت في عام 1391 إلى قيام أول مجزرة عامة لليهود الذين كانوا محسودين لثرائهم ومحط كُره الجميع؛ لأنّهم كانوا متعهدي جمع الضرائب)..
أما المتعهدون المذكورون فكانوا يشترون من الحكومة حقَّ جباية الضرائب من الشعب في القرون الوسطى لقاء مبلغ معين ثابت يدفعونه سلفاً، فتوضع السلطاتُ العامة في خدمتهم ويمنحون حق التنكيل والتعذيب وزج المواطنين في السجون ومصادرة أموالهم لقاء جمع المبالغ التي يعينون مقاديرها حسب أهوائهم.
واستمرت العاصفة في أوروبا ضد اليهود.. وفي عام 1990م طردتهم ليتوانيا من أراضيها ثم البرتغال في عام 1498م ثم إيطاليا في عام 1940 م، ثم باغلويا عام 1951م.
ولكننا يجب أن لا نغفلَ عن الإشارة إلى أمر هام ذلك أنه بالرغم من تهجير جموع اليهود من كُلّ مكان فإن عدداً من أغنيائهم وذوي النفوذ منهم كانوا يتدبرون أمرهم للبقاء، وقد استطاعوا الحصول على مراكز لهم في بوردو، وأفينيون، ومرسيليا، في فرنسا مثلاً.. وفي مقاطعات البابا في إيطاليا.. وفي شمال الألزاس، وتصف الموسوعة البريطانية الموضوع كما يلي: (وهكذا وجد اليهود أنفسهم من جديد وجموعهم تنصب إلى الشرق فتستقر في بولونيا أَوْ في الامبراطورية العثمانية.. أما جالياتهم الضئيلة التي سمح بها بالبقاء في أوروبا الغربية فقد فرضت عليها كافة القيود التي تولدت في المرحلة السابقة)..
وهكذا نستطيع أن نقول إن القرون المظلمة لليهود بدأت في الوقت الذي ابتدأ عصر النهضة في أوروبا.. ويتجلى لنا ذلك بوضوح منطقي من هذه النتيجة الأخيرة التي نادى بها المؤرخون وقالوا إن أمم أوروبا الغربية لم يبدأ عصرَ النهضة والإحياء الحضاري فيها إلا بعد أن تمكّنت من تحرير نفسها من براثن السيطرة اليهودية..
حُصرت الجاليات اليهودية في أوروبا بعد حركات التهجير الكبرى داخل أحيائها التي سُمِّيت (الغيتو) والتي يسميها اليهود (الكاحال).. حيث فرض على اليهود أن يعيشوا معزولين عن جماهير الشعب التي يسكنون بين أحضانها، ويحكمهم حاخام أَوْ بعضُ مَن يسمونهم حكماءهم الذين كانوا بدورهم خاضعين لتوجيهات النورانيين وكبار المرابين من اليهود الذين لبثوا في مراكزهم التي تمكّنوا من الحصول عليها في بعض المدن الأوروبية كما ذكرناهم سابقاً.
وكان عملاء النورانيين منبئين في الغيتو ينفثون سمومَ الحقد والكراهية وروح الانتقام في قلوب الجماهير اليهودية، كما كان الحاخامون بدورهم يلقنون اليهود بأنهم شعب الله المختار ولذلك فإن يوم الانتقام آت دون ريب وسيرثون الأرض ومن عليها..
أما اليهود الذين رحلوا إلى أوروبا الشرقية فقد كانوا مجبَرين بدورهم على العيش في مناطقَ عُيِّنت لهم للإقامة فيها وتقع بصورة عامة على الحدود الغربية لروسيا من سواحل البحر البلطيكي في الشمال حتى ساحل البحر الأسود في الجنوب، وكان معظم هؤلاء من يهود الخزر في الأصل..
ويجب أن نشيرَ هنا إلى أن يهود الخزر هم الذين اشتهروا على مر العصور بخبثهم وسوء أخلاقهم وأساليبهم المنحطة في الأمور المالية وأخلاقهم الدنيئة في كُلّ أنواع المعاملات.. وهم يتكلمون لغة (البديش) أي اليهودية التي تطورت فيها ثقافتهم واختلف فيها عرقهم كُلّ الاختلاف عن العبرانيين القدماء في فلسطين الذين يدعون أنهم انحدروا عنهم.
تراكمت أحقاد اليهود داخل أسوار أحياء الغيتو.. وترعرع الظمأ إلى الانتقام.. حتى تحول إلى عقيدة وثنية سلبية قائمة على البغضاء والطغيان والتدمير.. فأزاحت تلك الأحقاد تعاليم الدين الموسوي عن محلها وتبلورت مكانها مبادئ هدامة في النظريات المادية الإلحادية التي ترمي إلى تهديم الأديان والشرائع السماوية.. وتقويض دعائم الأسس الأخلاقية المستمدة منها.. وتمزيق كيان المجتمعات الإنْسَانية وتحويلها إلى قطعان من الوحوش الضارية يأكل بعضها بعضاً، كُلّ ذلك إرواء للحقد القديم على الإنْسَانية الذي توارثه المرابون وكهنوت الشر منذ أزمنة سحيقة.. وبدافع الجشع إلى السيطرة على كافة خيرات الجنس البشري، وتجريد المجتمع الإنْسَاني مما يملكه من صفات إنْسَانية راقية، وحرمانهم من حق التملك الذي أباحه الله لعباده.
وقد تطورت هذه النظرياتُ حتى تولّدت منها الشيوعية الأُمَمية.. وأَصْبَحت قاعدةَ حركة وهياج عالمية.. وذلك هو سلاحُ محفل المرابين، قوى الشر.. قوى الإلحاد.. قوى الكفر.. قوى اللا إنْسَانية لتحقيق مُخَطّطها الأزلي للسيطرة على العالم كله بقيام دولة واحدة يرأسها اليهود أنفسهم باعتبارهم خيرَ الأجناس! وهم أخسُّها.