فلسطين والموقف الشعبي المقاوم
محمد ناجي أحمد
تكثُرُ في هذه الأيّامَ الوفودُ التي تزعم باطلاً أنها وفود شعبية عربية –لتزورَ الكيان الصهيوني في فلسطين؛ بغرض تسديد سهامهم ضد الرفض الشعبي، ومقاطعته الشاملة لهذا الكيان.
لكن الملفت في الآونة الأخيرة زيارة يمني يحمل الجنسية الألمانية، دون أن تتخذَ حكومة الفنادق بالرياض أية خطوات عقابية ضده، كأن تسحَبَ منه الجنسية اليمنية كأقلّ موقف يمكن اتخاذُه!
لم يحدث في التأريخ المعاصر أن أَصْبَحت العواملُ الموضوعية والذاتية متوفرة جماهيرياً، لمواجهة إسرائيل والصهيونية من خلال قوى شعبية مسلحة ومقاومة كما هو الحال في أيّامنا.
وفي هذه الظروف يأتي موقفُ حركة أنصار الله وقائدها السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، في الاستعداد لإرسال عشرات الآلاف من المناضلين المجاهدين، والإسهام في مواجَهة الصهيونية، وتحرير الأراضي المحتلة.
لم تعد الحكوماتُ تشكّل عائقاً في صَدّ الجماهير، وتنظيم أنفسهم، وحمل السلاح في مواجهة الصهيونية، وأدواتها في المنطقة.
صحيحٌ أن الجماهيرَ الكادحةَ لم تتح لها فرصةُ الانخراط المسلح ضدَّ الامبريالية والصهيونية سابقاً، باستثناءات في جنوب لبنان أثناء الاجتياح الإسرائيلي عام 1982م، وأثناء نكبة 1948م. لكنها اليوم في لبنان والعراق واليمن وسوريا قد كسرت هذا الحظر، وأَصْبَحت جاهزة لتأدية دورها الشعبي التحرري.
في حواره لصحيفة (الأخبار) اللبنانية، يؤكّد قائد حركة أنصار الله، جاهزيةَ اليمنيين بمئات الآلاف للقتال ضد الصهيونية في فلسطين؛ ولمقاومة التطبيع، وإيقاف المد الصهيوني في المنطقة العربية.
ما تفتقدُه الجماهيرُ والحركاتُ الشعبية كان القيادةَ المطلوبة، سواء على مستوى الفرد أَوْ الحركات الشعبية المنظمة، بأعضاء ربطوا مصيرَهم بالحرية، وتحمّلوا في سبيلها المشاقَّ والآلام، وقدّموا التضحيات الجِسامَ، وتراكمت لديهم الخبرة القيادية، والوعيُ السياسي والنضج الفكري، من التزام ونضال وممارسة، وليس مجرد ثغثغات ورطانة ثورية، كما هو شأنُ أصحاب “المقاهي السياسية “الذين لا يفقهون طبيعةَ المجتمعات، ويعيشون منعزلين في وعيهم، يجترون أوهامهم بمشافهاتٍ يومية، تعكسُ أزمةَ الوعي لديهم وجموده وتخلّفه عن واقع مجتمعهم.
نحن اليوم نعيش مناخاً ملائماً لإسقاط الطغاة، ومواجهة التحدّيات التي تهدّد الشعب العربي، من الاستعمار الجديد، بحربه الناعمة، والصلبة، ومشاريعه الاقتصادية والثقافية..