جردة حساب الفشل السعودي
علي الدرواني
مع بداية العام الرابع للعدوان السعوديّ الأمريكي على اليمن، أكّدت التقارير الاقتصادية أن تداعياتِ العدوان وإن كانت قاسيةً على اليمنيين فإنَّها أشد قسوة على مملكة آل سعود التي باتت تعيش تراجعاً حادّاً في اقتصادها؛ لتصبح أَكْبَـر الخاسرين خلال ثلاث سنوات مضت.. إلى جانب الخسارة الأَخْـلَاقية والفضيحة القيمية والصورة السيئة التي رسمتها السعوديّة عن نفسها.
وفي حين ذهبت مجلة التايمز البريطانية إلى تقدير تكلفة الحرب بنحو 216 مليار دولار في ثلاث سنوات، أشارت فورين بوليسي إلى أنها تصل إلى نحو 725 مليار دولار في الأشهر الستة الأولى فقط، منها الصفقات العسكرية للمملكة.
ومع اختلاف التقديرات بشأن الخسائر السعوديّة جراء هذا العدوان الذي فشل في تحقيق أيٍّ من أَهْدَافه إلّا أنها أرقامٌ هائلة جداً، وتؤكّد التأثيرات السلبية الكبيرة للعدوان على الاقتصاد السعوديّ إلى حد أن بدأ المواطنون في المملكة يشعرون بها ويكتوون بنارها.
وهذه التقديرات لا تشمل الخسائرَ غيرَ المباشرة المتعلّقة بتراجُعِ وهروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية من الخليج بشكل عام ومن السعوديّة على وجه التحديد، وتوقّف عمل معظم الشركات الصناعية والتجارية جنوب المملكة في نجران وجيزان وعسير بما يعنيه ذلك من خسائرَ كبيرةٍ.
وبالتوازي مع زيادة النفقات العسكرية واستيراد السلاح، لاحظت التقارير تراجعاً كبيراً في احتياطي النقد الأجنبي للمملكة بشكل غير مسبوق، فبعد أن كان 737 مليار دولار في 2014، انخفض إلى 487 ملياراً في 2017.
وبالإضَافَة إلى تراجع احتياطي النقد الأجنبي تسارعت وتيرةُ لجوء الحكومة إلى أسواق الدَّين، وفي خطوة نادرة اعتمدت المملكة على الاقتراض ورفع الضرائب والأَدَاءات والأسعار والرسوم على العمالة الوافدة، وأعلن في أغسطس الماضي، أن الدَّين العام للدولة بلغ 91 مليار دولار، تضاف إليها صكوك محلية طرحت بقيمة 9.9 مليارات دولار، وسندات دولية بقيمة 12.5 مليار دولار؛ ليقفز بذلك حجم الدين السعوديّ إلى 113.4 مليار دولار.
وأيضاً فإنَّ النفقات والتكاليف لا تتوقّف على النفقات العسكرية فقط، فالسعوديّة قامت بشراء ولاءات ووزعت الأموال لإسكات المنظّمات واسترضاء الدول والأحزاب ووسائل الإعلام وجماعات الضغط في الدول الغربية وشركات العلاقات العامة وغيرها، كان لها جميعها تداعيات خطيرة على الاقتصاد السعوديّ.
وعندما نأخُذُ في حسابنا نقل الجيش واللجان الشعبية اليمنية معاركَهم إلى الداخل السعوديّ عبر اختراقهم كُلّ الأنساق العسكرية على طول الشريط الحدودي في المملكة في جيزان وعسير ونجران وهجماتهم المتكررة التي تحولت إلى نزيف مستمر للقوات السعوديّة على الصعيد البشري والمادي، فإنَّ خسائرَ السعوديّة ستتجاوز كُلّ التقديرات.
وبخلفية كُلّ هذه التداعيات في كُلّ الصُّعُد على آل سعود وُصفت اليمن بأنها فيتنام السعوديّة التي تستنزف مواردَها وتحيلها إلى حطام، وأَصْبَح ينظر إليها كمسألة وجود بالنسبة لآل سعود وبالذات بن سلمان الغارق في مستنقع حرب اليمن، والذي كان له تأثيرٌ مدمر لصورته ولمستقبل السعوديّة برمتها.
الخسائرُ السعوديّة الكبيرة من مالها وسُمعتها والتي لا تزال تتوالى، إلى جانب الضربات المؤلمة التي تلقتها بدفعة صواريخ بالستية أصابت عمقها، في تصاعدٍ مستمر لقوة الردع اليمنية، وصورة التلاحُم والصمود التي رسمها الشعبُ اليمني في السادس والعشرين من مارس في الذكرى الثالثة للصمود في وجه العدوان.. كُلُّ هذا سيجعل السعوديّةَ أحرصَ من اليمن على البحث عن حلولٍ لكيلا يستمرَّ إنهاكُها وتآكُلُ رصيدها على المستوى السياسي والاقتصادي لعام رابع.