اليهود وراء كُلّ جريمة: اليهود ونشوء السوق السوداء في أوروبا
الحلقة الحادية عشرة
في كتابِ “اليهود وراء كُلّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلفُ الضوءَ على الأمور التي لم تكن واضحةً من أساليب اليهود للسيطرة على العالم، مستخدمين كافة الوسائل القذرة والجرائم التي لم يكن يدرك الناسُ أن اليهود يقفون وراءَها للوصول إلى غايتهم بالسيطرة على العالم وثرواته، مؤكداً أنه ما سيكشفه في الكتاب سيصدم القراء؛ نظراً لعدم قدرة الكثير منهم على استيعاب خُبث اليهود من تلقاء أنفسهم.
في ترجمة الكاتب وفق موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كندي وأستاذ جامعي اختص بالعلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترة بفلسطين ودرس بالجامعة (العبرية) في القدس المحتلة وسبق له أن عرض القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها وأثبت (بطلان الحق التأريخي لدى اليهود) وبشكل علمي موثق وببراعة نرى من خلالها الصدق والتعلق بالحق والعدالة.
ونظراً لأهميّة محتوى الكتاب، تقومُ صحيفةُ المسيرة بنشره في سلسلة حلقات معتمدة على النسخة المترجمة والصادرة في عام 1982 عن دار الكتاب العربي في بيروت والذي تولى شرحه والتعليق عليه باللغة العربية الكاتب والمؤلف العراقي “خير الله الطلفاح”.
بيّن لنا التأريخُ الأوروبي كيف طرد المرابون العالميون عُمَّالَ الشعب وحملات الإرْهَـاب المحلية والفردية وكيف طوّروها إلى حركات عصيان وهيجانات منظمة مترابطة، وكيف خططوا لعودة اليهود خُفيةً إلى البلدان التي طُردوا منها عن طريق التسلل المستمر الذي كان الوسيلة الوحيدة بأيدهم؛ لأنّ عودتهم كانت محرمة قانونا، وهكذا أنشئت بالتالي شبكات خفية في جميع المدن الأوروبية مهمتها استقبال اليهود المتسللين. ويغذي هذه الشبكات ويمولها منظمات المرابين اليهود.
ولما كان من المستحيل على هؤلاء اليهود المتسللين الحصول بعد عودتهم على عمل مشروع؛ لأنّ قدومهم غير قانوني، فقد قدمت لهم هذه الشبكات رؤوس الأموال التي مكّنتهم من إنشاء نظام السوق السوداء في كُلّ بلد أوروبي. ومارسوا في هذه الأسواق السوداء كُلّ أنواع التجارات والمقايضات المحرمة الممكنة. وكانوا يعملون حسب منهج الشراكة الخفية الاحتكارية فيما بينهم جَميعاً. وقد لبثت أسراءَ سادة المال الذين يملكون هذه الشبكات أَوْ يسيطرون عليها تحت ستار الكتمان.
اتجهت شكوك عدد من الكُتاب والسياسيين والفلاسفة والعسكريين في الماضي أمثال (الكونت دي بوسنن) والسيدة (نستاو بتستر) والسير (والنر سكوت) الشهير وكثيرون غيرهم من المفكرين والمؤرخين، اتجهت شكوكهم إلى جماعة النورانيين والمُخَطّطين للحركات الأممية، وأيقنوا بأن هؤلاء يشكّلون منظمة هي القوة الخفية التي تجذب خيوط الفوضى العالمية، ولكن البراهين القاطعة بصحة هذه الشكوك لم تظهر إلا في زمن حديث، حيث أمكن ضم الحلقات إلى بعضها وتجميع الأدلة الواقعية..
وتبين بعضُ هذه الأدلة والقوانين من تفحص أحداث التأريخ بحسب تسلسلها الزمني، وهكذا نرى كيف استخدم النورانيون زعماء المجموعتين السامية والآرية لخدمة أغراضهم وكيف زجوا بالملايين من البشر في حروب وثورات ومجازر ليست جَميعاً في الواقع سوى خطوات في الطريق الذي اختطته فئة ذات فكر جهنمي لتحقيق مطامح مجنونة رهيبة في أنانيتها، وهذا نص النداء الذي أطلقه الكاتبان الشهيران (ولياتقوس) وَ(سسيل غيراهيتي) في كتابها (الحبلة الاسبانية) جاء فيه:
إن مسألةَ معرفة من هم الزعماء الحقيقيون لـ (الشركة الاحتكارية الخفية) ومنظمو مخطّطاتها الرامية إلى السيطرة على العالم وكيف يصل هؤلاء إلى أَهْدَافهم مسألة تفوق ما يطمح إليه هذا الكتاب وسيمكث الموضوع كواحد من أهمّ الألغاز العالمية التي لم تحل ولم يُكتب عنها حرف واحد..
إننا نستطيع الحكمَ على نجاح التنفيذ التدريجي للمُخَطّط بدراستنا لتسلل اليهود عائدين إلى الأقطار التي كانوا قد طُردوا منها، فقد عاد اليهود إلى إنكلترا عام 1600 م، وإلى هنغاريا عام 1500 م ولكنهم طُردوا منها ثانية عام 1852، وعادوا إلى سلوفاكيا عام 1962 م ولكنهم طردوا منها ثانية أَيْضاً عام 1744 م، وعادوا إلى ليتوانيا عام 1700 م،… إلخ..
وإذا ضربنا صفحاً عن عدد المرات التي طُردوا فيها من كُلّ قطر فإننا نلحظ أنهم تركوا وراءهم في كُلّ مرة أوساطاً معينة خاضعة لنفوذهم كانت تحرّك الهيجانات والفوضى دائماً بتوجيهاتهم أَوْ بصورة أدق بحسب تعليمات القوى التي تحرّك الخيوط من وراء الستار.
الثورة الإنكليزية
لما كان الملك إدوارد الأول ملك إنكلترا هو الأول الذي طرد اليهود من بلاده، فقد قرّر سادة الذهب اليهود في فرنسا وهولندا وألمانيا أن إنكلترا بالذات هي التي يجب أن تكون الهدفَ الأولَ الذي يطبّقون فيه مناهجَهم المدروسة لإثارة الفوضى الشاملة والهيجان، وهكذا شرعت الأوساط العملية لهم في إنكلترا أَوْ بتعبير آخر خلاياهم فعالياتها الهدامة: دب النزاع بين ملك إنكلترا وحكومته فجأة، تم الخلاف بين الدولة والكنيسة.
ودس المتآمرون بخبث نظرياتٍ متناقضة تنادي بحلولٍ مختلفةٍ في أمور السياسة والدين، ولم تلبث إنكلترا أن وجدت نفسها مقسمةً إلى معسكرات عديدة يتحفز كُلٌّ منها للانقضاض على الآخر، بل قسموا المعسكر نفسه إلى أقسام عديدة: فقد انقسم الشعب الإنكليزي المسيحي إلى معسكرين بروتستانتي وكاثوليكي.. ثم انقسم المعسكر البروتستانتي إلى طائفتين (الملتزمون) و(المستقلون).. وانهمر الذهب في ذلك كله من جهات مجهولة على المحرّضين ورؤوس الفتنة.
كان ملك إنكلترا آنئذ شارلس الأول.. وعندما تم الإيقاعُ بينه وبين البرلمان اتصل أحد رؤوس جماعة المرابين العالميين اليهود في هولندا المدعو (مناسبح بن إسرائيل) بالقائد الإنكليزي الشهير (أوليفر كرومويل) وعرض عليه مبالغ طائلة من المال لتنفيذ المشروع الخفي الرامي إلى الاطاحة بالعرش البريطاني.
وقد تقبل كرومويل هذا العرض وتألفت مجموعة من أرباب الذهب اليهود لتمويله ومساندته، وعندما بدأ تنفيذ القسم المسلح من المؤامرة تدفق إلى إنكلترا عن طريق التهريب مئات من الثوريين المحترفين المدربين وانضموا إلى الخلايا اليهودية الفوضوية التي برزت آنئذ على شكل منظمات إرْهَـابية شرعت حالاً في عمليات الإرْهَـاب على نطاق واسع؛ بهدف ترويع السكان وإشاعة جو من الذعر والقلق يمهّد للحرب الأهلية والصدام المسلح مع قوات الأمن والجيش النظامي.
وتكشف الدراسة الواعية أسلوبَ التدفق الفوضوي هذا عن طريق التهريب واستقدام أفواج المخربين المدربين بواسطة الخلايا والشبكات وتكوين المنظمات الإرْهَـابية التي تمارس عمليات الإرْهَـاب والترويع وتمويل الخطة كلها أخيراً بذهب المرابين العالميين اليهود.. تكشف لنا عن ظاهرة دقيقة تشكل برهانا آخر على استمرار مؤامرة قوى الشر عبر العصور: فهو الأسلوب الذي اتبعته المؤامرة دائماً وبصورة متماثلة في كُلّ أطوار التأريخ، ونجد خير مثال له في عصرنا الحاضر في عملية الاحتلال الصهيوني لفلسطين..
بدأت الثورة الإنكليزية أخيراً بعد أن عبَّد النورانيون لها الطريق وأَصْبَح كُلّ شيء معداً، وقد بدأت بالنزاع الديني الذي أثير بين الكاثوليكيين والبروتستانتين من مذهب كالفن. ثم شرعت الخلايا الخفية بتنظيم تظاهرات مسلحة تنطلق في كُلّ مناسبة ودون مناسبة، فتسمم الجو العام في البلاد وتشيع الفوضى والقلق.
وقد بيّن إسحاق دزائيلي أحد كبار اليهود الإنكليز في كتابه، أنه حصل على معظم المعلومات من سجلات (ملخبور دي سالم) الزعيم اليهودي الذي كان سفيراً لفرنسا لدى الحكومة البريطانية في عصر الملك شارلس الأول.. كما أوضح أَيْضاً نواحي التشابه الغريب بين الثورتين الإنكليزية والفرنسية فيما بعدُ، مشيراً إلى صلة (القرابة) أَوْ التمائل التي تربط بينها.. وهكذا فإننا نستطيع بجلاء بتعبير أوضح أن نرى أثر الأيدي الخفية.. أيدي منظمي حركة الهيجان العالمية في كلتا الثورتين، بل وكما سيبرهن عليه هذا الكتاب في كُلّ حركات الفوضى والحروب المفتعلة.
إنَّ البرهانَ المطلقَ الذي يدين (كرومويل) زعيم الثورة ودكتاتور إنكلترا الطاغية بعدئذ بتهمة الاشتراك في المؤامرة الثورية اليهودية هو الذي حصل عليه اللورد (الفريد دوغلاس) الذي كان يشرف على المجلة الأسبوعية الإنكليزية
(بلين إنكليش)، والذي أعلنه في مقال نشره في هذه المجلة في عددها الصادر في 3 أيلول 1921، فقد شرح اللورد دوغلاس في هذا المقال كيف وصل إلى حوزة صديقه السيد (ل. د. فان فانكرت) الهولندي مجلد نادر كان قد فقد من سجلات (كنيس مولخيم) في هولندا خلال حروب نابليون..
ويحتوي هذا المجلد على سجلات الرسائل التي أرسلها وتلقاها الحاخامون المتعاقبون الذين ترأّسوا هذا الكنيس. وتقول إحدى هذه الرسائل المحررة باللغة الألمانية والمرسلة من أوليفر كرومويل إلى رئيس هذا الكنيس آنئذ الحاخام (ايبنزيرات) بتأريخ 16 حزيران 1647 بالحرف الواحد: (سوف أدافع عن قبول اليهود في إنكلترا مقابل المعونة المالية، ولكن ذلك مستحيل طالما الملك شارلس لا يزال حياً. لا يمكن إعدام الملك شارلس دون محاكمة، ولا نمتلك في الوقت الحاضر أساساً وجيهاً للمحاكمة يكفي لاستصدار حكم بإعدامه؛ ولذلك فإنني أنصح باغتياله، ولكننا لن نتدخل في الترتيبات لتدبير قاتل، غير أننا سوف نساعده في حالة هربه)..
ويحتوى السجل على رد الحاخام برات على هذه الرسالة بتأريخ 12 تموز 1997 ويقول في إجابته لكرومويل:
(سوف أقدم المعونة المالية المطلوبة مند خلع الملك شارلس وقبول اليهود في إنكلترا، الاغتيال خطر جداً.. يجب اعطاء شارلس فرصة للهرب وعندئذ سيعطينا القبض عليه ثانية سبباً وجيهاً للمحاكمة والإعدام.. سوف تكون المعونة وافرة ولكن لا فائدة من مناقشة شروطها قبل بدء المحاكمة).
وفي الثاني عشر من تشرين الثاني من ذلك العام مهّدت الفرصة للملك شارلس الأول للهرب، وقد ألقي القبض عليه بالطبع. ويتفق المؤرخان البريطانيان الكبيران (هوليس) وَ(لودلو)، وهما الحجة في تأريخ ذلك العهد على أن هروب الملك ثم إيقافه كانا من تدبير كرومويل.
وقد جرت الأحداث بعد إيقاف الملك بسرعة وعلى ما أراد كرومويل الذي صفّى أولاً جميع أعضاء البرلمان الإنكليزي المخلصين للملك، ولكن المجلس في جلسته التي عقدها طوال ليلة 5 أيلول 1998 قرر بالرغم من هذه التصفية وبأغلبية أعضائه (قبول التنازلات التي أعلنها الملك واعتبارها كافيةً لعقد اتفاق جديد معه).. وكان معنى ذلك بصراحة بالنسبة لكرومويل انتهاء دوره وحرمانه من الأموال التي وعده بها سادة المال العالميون فأصدر أمره إلى أحد أتباعه وهو الكولونيل (برايد) الشهير في التأريخ الإنكليزي هو أَيْضاً، لتصفية جميع أعضاء البرلمان الذين صوتوا بالموافقة على عقد اتفاق مع الملك، وعملية التصفية الكبرى هذه التي قام بها الكولونيل برايد هي التي تسميها كتب التأريخ المدرسية في إنكلترا (تصفية برايد)..
لم يبقَ في المجلس بعد انتهاء هذه التصفية سوى خمسين عضواً استولوا الحساب كرومويل على السلطة المطلقة، وفي 9 كانون الثاني 1999م أعلن تشكيل محكمة سميت بمحكمة العدالة العليا عهد إليها بمحاكمة ملك إنكلترا، وكان ثلثا أعضاء هذه المحكمة من أعضاء جیش كرومويل. وعندما لم يستطع المتآمرون إيجاد حاكم إنكليزي واحد يقبل بالقيام بدور مدع عام ضد الملك، كلّف اليهودي الكبير (كارافاجال) أحد اليهود الأجانب واسمه (إسحاق دوريلاوس)!
وفي يوم 30 كانون الثاني عام 1949 م قطع رأسه بالبلطة علنا أمام المصرف اليهودي القائم في ساحة وايتهول في لندن.. وهكذا تم انتقام المتآمرين العالمين الذين قرروا ذلك منذ أن طردهم الملك إدوارد الأول من إنكلترا.. وتلقى كرومويل الذهب الموعود، كما تلقى يهوذا الخائن في الماضي من نفس المصدر ثمنَ خيانته للسيد المسيح عليه السلام..