اليهود وراء كُلّ جريمة: عائلة روتشيلد وامبراطورية المال اليهودية
الحلقة الثالثة عشرة
فِي كتابِ “اليَهُوْد وَرَاءِ كُلِّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلفُ الضوءَ على الأمور التي لم تكن واضحةً من أساليب اليهود للسيطرة على العالم، مستخدمين كافة الوسائل القذرة والجرائم التي لم يكن يدرك الناسُ أن اليهود يقفون وراءَها للوصول إلى غايتهم بالسيطرة على العالم وثرواته، مؤكداً أنه ما سيكشفه في الكتاب سيصدم القراء؛ نظراً لعدم قدرة الكثير منهم على استيعاب خُبث اليهود من تلقاء أنفسهم.
في ترجمة الكاتب وفق موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كندي وأستاذ جامعي اختص بالعلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترة بفلسطين ودرس بالجامعة (العبرية) في القدس المحتلة وسبق له أن عرض القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها وأثبت (بطلان الحق التأريخي لدى اليهود) وبشكل علمي موثق وببراعة نرى من خلالها الصدق والتعلق بالحق والعدالة.
ونظراً لأهميّة محتوى الكتاب، تقومُ صحيفةُ المسيرة بنشره في سلسلة حلقات معتمدة على النسخة المترجمة والصادرة في عام 1982 عن دار الكتاب العربي في بيروت والذي تولى شرحه والتعليق عليه باللغة العربية الكاتب والمؤلف العراقي “خير الله الطلفاح”.
حقيقة الثورة الفرنسية
لقد ألقينا الضوءَ فيها تقدم على الوقائع التي تبين لنا كيف أن مجموعةً صغيرةً من المرابين الأجانب الذين مارسوا فعالياتهم عن طريق عملائهم من الإنكليز، استطاعوا الوصول إلى السيطرة على اقتصاديات تلك البلاد مقابل مبلغ متواضع نسبياً، أي بمبلغ مليون وربع المليون من الجنيهات الإسترلينية، وكيف تمكنوا في الوقت نفسه من البقاء مجهولين.
وسوف نقدم في هذا الفصل التوضيحات التأريخية التي تلقي بعض الضوء على جماعة المرابين اليهود العالميين وتبرهن كيف تآمروا مع حلفائهم وخططوا ومولوا الثورة الفرنسية الكبرى عام 1781 بالطريقة عينِها التي خطّطوا بها وموّلوا الثورة الإنكليزية التي خصصنا البحث السابق لها.
وسنكشف الستار في الفصول التالية عن تفاصيل اشتراك سادة المال اليهود العالميين هؤلاء في الثورات العالمية، وفي جميع الحروب والهيجانات التي ما زالت الإنْسَانية تعانيها دورياً منذ عام 1789 وعن ماهية القوة الخفية التي تحَـرّك الخيوط من وراء الستار..
امبراطورية الذهب
تشتمل الموسوعة اليهودية على تأريخ أسرة روتشيلد أباطرة المال اليهود منذ نشوء هذه الأسرة التي لعبت دوراً هاماً في التأريخ الخفي للمرحلة المعاصرة في العالم، وكان مؤسّس هذه الأسرة (امشتل موسى باور) مرابياً ضخماً وأحد أثرياء الصاغة اليهود الذين أنهكهم التجوال الطويل في كافة أقطار أوروبا الشرقية، فاستقر عام 1750 في مدينة فرانكفورت في ألمانيا حين أسس في شارع (يوندن شتراوس) متجراً جعله مركز للمعاملات المالية والمصرفية ثم توفي في عام 1753م، فخلفه ابنه الصغير (امشيل ماير وَباور) المولود عام 1743، وقد علمه الأب منذ حداثة سنه كُلّ المعلومات الأساسية عن مهنة الصيرفة ودربه على المراباة وتجارة الذهب بالرغم من أنه كان ينوي أن يجعل منه حاخاماً في المستقبل غير أن موته حال دون ذلك.
بدأ الابن حياته كمستخدم في مصرف أونهايمر اليهودي، ولم تمض فترة غير طويلة حتى برهن على حذاقة وموهبة خارقة في شؤون الأعمال المالية، مما حدا بأصحاب المصرف إلى إدخاله معهم كشريك جزئي، ثم لم يلبث أن عاد إلى فرانكفورت بعد أن اشتد عودُه وتسلّم المؤسّسة المصرفية التي ورثها عن أبيه.
كان يعلو هذه المؤسّسة شعارُها المكوَّنُ من درع أحمر اللون، ولم يكن اختيار الأب لهذا الشعار عبثاً، فقد كان ذا دلالة معينة بين اليهود في أوروبا الشرقية وكلمة الدرع الأحمر تلفظ بالألمانية كما يلي (روت شيلد)، فاتخذ امشيل ماير باور من هذه الكلمة ذات الدلالة اليهودية الخَاصَّـة اسماً لأسرته التي أَصْبَـح اسمها روتشيلد.
عاش امشيل ماير باور أَوْ (روتشيلد الأول) حتى عام 1812، وكان له خمسة أطفال دربهم جميعاً منذ نعومة أظفارهم ليصبحوا ذات يوم من أعرق المتخصصين في الربا والمعاملات المالية الضخمة، وكان أقدر هؤلاء الأبناء (ناتان) الذي نمت لديه موهبة مالية فذة جعلت والده وجماعة المرابين يرسلونه إلى إنكلترا منذ مطلع حياته العملية مزوداً بدعمهم الشامل بمهمة خَاصَّـة تهدف إلى جعله أحد المسيطرين على بنك إنكلترا.
وكان الهدف التالي والأبعد أن يستخدم هذه السيطرة فيما بعدُ؛ ليؤسس بالاشتراك مع أبيه وإخوانه الأربعة احتكارةً ماليةً عالية للصيرفة وتجارة الذهب والمال يمتد كالأخطبوط في كُلّ أنحاء أوروبا، وقد تلقى ناتان روتشيلد لدى سفره مبلغ عشرين ألف جنيه استرليني، فاستطاع إثبات مقدرته المالية بتنميتها إلى (60) ألف جنيه بعد ثلاث سنوات فقط..
كانت جماعة المرابين العالميين الذين أرسلوا ناتان إلى إنكلترا الحلقة الزمنية الجديدة في مجموعة سادة المال اليهود، وقد تكونت هذه الحلقة عام 1773 عندما وفد اثنا عشَرَ من أرباب المال العالميين إلى فرانكفورت بدعوة من أمشيل باور، أَوْ روتشيلد الأول، الذي كان عندئذ في الثلاثين من عمره وعقدوا مؤتمرا لتأسيس احتكار عالمي يضم جميع سلطانهم المالي وإمْـكَانيات كُلٍّ منهم، وقد بين لهم روتشيلد في هذا الاجتماع الدورُ الذي لعبته المؤامرة اليهودية العالمية في تدبير الثورة الإنكليزية، كما قدم لهم دراسة عن الأخطاء التي ارتكبت والمُخَطّطات التي يجب تعديلها في الخطوات التالية:
كانت الأخطاء تنحصر في رأي جماعة المؤامرة العالمية بما يلي:
1- البطء في التنفيذ وعدم الوصول بنتيجة ذلك إلى سيطرة مطلقة شاملة.
2- بقاء عناصر كثيرة ذات نفوذ قوي وقادرة على الوقوف في وجه المؤامرة أَوْ محاربتها وهذا ما يقتضي برأيهم بالنسبة لكل حركة تالية ما يلي:
أ- الإسراع في التنفيذ بلا هوادة والتخلص من العناصر المعارضة والتي تتمكن من الوقوف يَـوْماً بوجه المؤامرة اليهودية عن طريق البطش والعنف والإبَادَة الجماعية.
ب – السيطرة المطلقة العمياء على الجماهير وقيادتها عن طريق فرض الإرْهَــاب الفكري والمادي عليها.
على أن هذه الأخطاء لم تمنع تحقيق الأَهْدَاف الأصلية لمدبري الثورة الإنكليزية، فقد تمكن سادة المال العالميون من السيطرة على اقتصاد إنكلترا الوطني واثقلوا كاهلها بالقرض الوطني الذي رسخوا دعائمه أوَّلاً ثم عمدوا عن طريق المُخَطّطات الخفية على النطاق العالمي إلى تضخيم هذا القرض باطراد.
وهكذا أخذوا منذ ذلك الوقت يجرون إنكلترا إلى خوض غمار الحروب التي كانوا يثيرونها بأنفسهم خفية، ويقدمون في الوقت نفسه إلى إنكلترا المجبرة على اللجوء إلى قروضهم بالأموال اللازمة لخوض هذه الحروب..!.
بسط روتشيلد لجماعة المرابين براهينه المبنية على الحجة والواقع مثبتا لهم أن النتائج المالية التي تم الحصول عليها نتيجة الثورة الإنكليزية لا تعد شيئاً مذكوراً إلى جانب الغنائم التي سيتمكنون من الاستيلاء عليها بنتيجة إشعال نيران الثورة في فرنسا..
اكتملت قناعةُ المجتمعين بحجج روتشيلد الواقعية وتم التفاهم بينهم على توحيد هدفهم وبناء مُخَطّط الثورة على أسس مدروسة بعناية. ويقوم هذا المُخَطّط على توحيد الإمْـكَانيات المالية الطائلة للمتآمرين وكل ما يتبع المؤامرة من سلطان، فتنصب طاقة هذه الشركة المالية العالمية الخفية على تنفيذ المشروع.
وعندما تم الاتفاق النهائي على هذا المُخَطّط بسط لهم روتشيلد خفاياه:
يعتمد المُخَطّطُ على المناورة بهذه الثروات الضخمة المتحدة، مما سيؤدي بصورة حتمية إلى خلق ظروف اقتصادية مشبعة بالقلق والاضطرابات بحيث تتفشى البطالة بصورة إجبارية بين جماهير الشعب الفرنسي، وتدفع هذه البطالة الجماهير إلى حالة قريبة من المجاعة، فتنهال آنذاك الدعايات المرسومة والموجهة خفية من قبل جماعة المؤامرة، بحيث تنصب العلاقة ومسؤولية الانهيار الاقتصادي على عاتق ملك فرنسا والبلاط والنبلاء والكنيسة والصناعيين وأرباب العمل وينبث المحرضون والدعاة المأجورون بين صفوف الشعب ليثيروا مشاعرَ الحقد والبغضاء، ويطالبوا بالانتقام من الطبقات الحاكمة التي يشهرون بهم بالفضائح الجنسية التي ينسبونها اليهم ويلصقون بهم أمام الملأ كُلّ أنواع الاتِّهامات الحقيقية والباطلة ويكيلون لهم الاتِّهام بالظلم والعدوان والاضطهاد؛ ثم يلفقون قصص مشينة يلطخون بها علنا سمعة كُلّ من يمكنه أن يقف في وجه مُخَطّطاتهم حتى ولو لم يكن من خصومهم المباشرين.
بعد أن انتهى روتشيلد من عرض مُخَطّطه العام بهذه المقدمة أبرز الوثائق المكتوبة، المعهود إليه بها من قبل النورانيين هذه الوثائق التي تنظم خطة العمل التي رسمت بدقة وعناية فائقتين.. ثم عمد إلى قراءتها، وفيما يلي نسخة ملخصة لمحضر هذه الجلسة تمكنّا من استخلاصها بصورة دقيقة من مجموعة الوثائق التي حصلنا عليها، وتبين هذه النسخة الملخصة طبيعة المؤامرة التي رسمها هؤلاء للسيطرة على مقدرات العالم المالية وثرواته الطبيعية ويده العاملة، وذلك كما يلي:
١۔ بدأ المتحدث (روتشيلد) عرضه لتفاصيل المؤامرة بقوله إن الحقائق الواقعية تبين أن معظم الناس يميلون إلى الشر أكثر من ميلهم إلى الخير، والنتيجة المنطقية لذلك هي أن المؤامرة تستطيع الوصول إلى النتائج التي ترغبها إذَا كان نظام الحكم مبنيا على الإرْهَــاب والعنف والمغامرات واغتصاب السلطة.
أما حكمُ الشورى والشرعية فإنَّه يمنعها من الوصول إلى مآربها، وقد علل روتشيلد حججه بأن المجتمع الإنْسَاني البدائي قبل التأريخ كان يخضع السلطة القوة العمياء هذه السلطة التي تحولت فيما بعد إلى ما يسمى بالقانون.
فالقانون -بحسب رأيه- ليس سوى القوة المقتنعة، فمن الطبيعي إذن أن نستنتج من كلام روتشيلد التالي (قوانين الطبيعة تقضي بأن الحق هو القوة).
2- تابع روتشيلد كلامه بعد ذلك قائلاً: إن الحرية السياسية ليست سوى فكرة.. فهي ليست أمراً واقعياً أي أنها لا يمكن أن تصبح أمرا واقعيا، وكل ما يقتضيه الوصول إلى السلطان السياسي هو أن يبشر شخص ما أَوْ هيئة ما تابعان خفية للمؤامرة بالتحرر السياسي بين الجماهير.. وعندما تعم هذه الفكرة تقبل الجماهير بالتنازل عن امتيازاتها وحقوقها التي تمنحها إياها الأنظمة الشرعية دفاعاً عن هذه الفكرة ويستطيع المتآمرون عندئذ الاستيلاء على مجموع هذه الامتيازات والحقوق ولا خوف من تحقق الحرية السياسية بالفعل، طالما أنها ليست سوى فكرة لا يمكن أن تصبح أمراً واقعياً.
٣- قال روتشيلد بعد ذلك أن سلطة الذهب تمكنت دَائماً من التغلب على سلطة الحكام الأحرار، وذكر محدثيه بأن الدين كان هو المسيطر على المجتمع ذات يوم ثم استعيض عنه فيما بعد في العديد من البلدان بفكرة الحرية، ولكن الناس لم يعرفوا كيف يتصرفون بهذه الحرية باعتدال.. وهذه حقيقة واقعة ومن المنطق أن يعمد المتآمرون إلى استخدام واستغلال فكرة الحرية حتى يثيروا النزاع داخل المجتمع الواحد. وأضاف روتشيلد بعد ذلك قائلاً: لا يهم مطلقاً لنجاح مُخَطّطنا أن يتم تدمير الحكومة القائمة عن طريق القوى الداخلية أَوْ الخارجية؛ لأنَّ المنتصر كائناً من كان سوف يحتاج المال.. والمال بكامله بأيدينا نحن..
4- أعلن روتشيلد بعد ذلك أن الوصول إلى هدف المؤامرة يبرر استعمال أية وسيلة كائنة ما كانت؛ لأنَّ الحاكم الذي يحكم بموجب القواعد الخلقية ليس بالسياسي الماهر في المناورات؛ لأنَّه يلتزم بالحق والشرائع ولا يقبل بالكذب على الجماهير ولا يعاقب خصومه إلّا إذَا ثبتت جرائمهم وأضاف قائلاً بالحرف الواحد: (يجب على الذين يرغبون في الحكم أن يلجأوا إلى الدسائس والخداع وتلفيق الحقائق؛ لأنَّ الفضائل الاجتماعية الكبرى كالصدق والاستقامة والأمانة ليست سوى عيوب كبرى في السياسة)..!!
5- وأضاف بعد ذلك: إن حقنا يكمن في قوتنا وليست كلمة الحق سوى تعبير خيالي لا معنى له.. لقد وجدنا معنى جديداً للحق هو الهجوم، متدرعين بحق القوي وتمزيق جميع مفاهيم العدالة والقوانين أرباً أرباً.. ونستطيع بعد ذلك أن نضع جميع المؤسّسات والأنظمة الاجتماعية كما نشاء ونصبح بالتالي السادة المسيطرين على صفوف الجماهير التي ستعطينا هي بنفسها الحق في السلطان في اليوم ذاته والذي سننادي فيه في فرنسا بالتحرير المزعوم.
6- وجه روتشيلد بعد ذلك للمؤتمرين التحذير التالي: يجب أن تظل سلطتنا الناجمة عن سيطرتنا على المال خفية عن أعين الجميع حتى يأتي اليوم الذي تصل فيه هذه السلطة إلى درجة من القوة يستحيل معها على أية قوة أُخْـرَى أن تحطمها.