اليهود وراء كُلّ جريمة: زعزعة فرنسا وتدمير اقتصادها
الحلقة السادسة عشرة
فِي كتابِ “اليَهُوْد وَرَاءِ كُلِّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلفُ الضوءَ على الأمور التي لم تكن واضحةً من أساليب اليهود للسيطرة على العالم، مستخدمين كافة الوسائل القذرة والجرائم التي لم يكن يدرك الناسُ أن اليهود يقفون وراءَها للوصول إلى غايتهم بالسيطرة على العالم وثرواته، مؤكداً أنه ما سيكشفه في الكتاب سيصدم القراء؛ نظراً لعدم قدرة الكثير منهم على استيعاب خُبث اليهود من تلقاء أنفسهم.
في ترجمة الكاتب وفق موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كندي وأستاذ جامعي اختص بالعلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترة بفلسطين ودرس بالجامعة (العبرية) في القدس المحتلة وسبق له أن عرض القضية الفلسطينية من مختلف جوانبها وأثبت (بطلان الحق التأريخي لدى اليهود) وبشكل علمي موثق وببراعة نرى من خلالها الصدق والتعلق بالحق والعدالة.
ونظراً لأهميّة محتوى الكتاب، تقومُ صحيفةُ المسيرة بنشره في سلسلة حلقات معتمدة على النسخة المترجمة والصادرة في عام 1982 عن دار الكتاب العربي في بيروت والذي تولى شرحه والتعليق عليه باللغة العربية الكاتب والمؤلف العراقي “خير الله الطلفاح”.
عودة إلى الثورةِ الفرنسية الملكة ماري أنطوانيت
بعد أن تخاذلت البلدان المختلفة التي وجهت إليها الحكومة البافارية تحذيرها لاتخاذ الإجرَاءات اللازمة لتلافي الخطر، أرسلت شقيقة الملكة ماري أنطوانيت إليها عدداً من الرسائل المتتالية تنبّهها فيها إلى وجود مُخَطّط المؤامرة من صنع المرابين وأرباب الذهب العالميين، ونبهت إلى المطية التي تمكنوا من اتخاذها وسيلة وهي المحافل الماسونية الفرنسية.
ولكن ماري انطوانيت ملكة فرنسا، وابنة الامبراطور فرانسوا الأول امبراطور النمسا، لم تستطع وهي ربيبة القصور الملكية أن تصدق مثل هذه الشائعات المخيفة التي تتحدث عنها أختها..!.
ولما ألحت عليها شقيقتها في رسائلها منبهة إياها إلى البراهين القاطعة التي تم الحصول عليها، والتي تثبت أن النورانيين يعملون في فرنسا تحت ستار الماسونية بهدف تدمير الدولة والكنيسة لفرنسا، أجابتها ماري أنطوانيت في إحدى رسائلها، منبهة إياها إلى البراهين القاطعة التي تم الحصول عليها، والتي تثبت أن النورانيين يعملون في فرنسا تحت ستار الماسونية؛ بهدف تدمير الدولة والكنيسة لفرنسا، أجابتها ماري أنطوانيت في إحدى رسائلها المطولة بما يلي: « أما فيما يتعلق بفرنسا فإني أعتقد أن قلقك مبالَغ فيه بشأن الماسونية، فهي هنا أضأل أهميّة من أي مكان آخر في أوروبا ».
لقد بيّن لنا التأريخ بما فيه الكفاية عن مدى خطأ ماري انطوانيت.. هذا الخطأ الذي أودى بها وبزوجها الملك لويس السادس عشر إلى المقصلة..
ويعتقد معظم رواة التأريخ أن الملكة ماري أنطوانيت انساقت وراء تيار المرح والملذات الذي كان يسود البلاط الفرنسي.
أمّا الحقيقة الواقعية فهي أن هذه الصورة منها ليست إلا الصورة التي رسمها بالسامو ودعاته في نطاق حملة التشهير الواسعة التي شنّوها عليها حتى سخوها في عقول الجماهير كُلّ ما نسبوه إليها من فضائح ومباذل.. وبذلك تمكنوا من حمل التظاهرات على المطالبة برأسها.
وقد برهن المؤرخون على هذه الحقيقة التي يؤكدها لنا الجلد الشديد الذي أبدته في تحمل الآلام التي سببها لها أعداؤها والترفع الذي قابلت به مصائب القدر.. والثبات والعفة اللذان واجهت بها الموت تحت سكين المقصلة. فهذه جَميعاً من الخصائل التي لا يمكن أن تتصف بها امرأة ينسبون اليها الخفة والخلاعة والرعونة.
كانت القضية المشهورة التي عُرفت في التأريخ باسم قضية عقد الملكة بمثابة السم الزعاف في حملة التشهير التي انصبت على ماري انطوانيت، وقد نبتت فكرة هذه القضية في مخيلة وايز هاويت وَماندل سوهن وتتلخص بما يلي:
كانت الأزمة الاقتصادية على كُلّ شفة ولسان وفي ذلك الوقت الذي كانت الخزينة الفرنسية في شبه خالية، وكانت حكومة فرنسا بالتالي مجبرة على استجداء المرابين العالميين ليمدوها بقروض أُخْـرَى، اتجه مندوب أرسله رأس المؤامرة إلى جوهري البلاط الملكي الفرنسي حاملاً إليه طلبا مزعوما باسم الملكة لصنع عقد من الجواهر الثمينة شبيه بعقد الكنوز الأسطورية، إذ أن ثمنه ربع مليون ليرة فرنسية بعملة ذلك العصر وهو مبلغ طائل وخيالي، فقام الجوهري بصنع هذا العقد وقدم به إلى البلاط لعرضه على الملكة، ولكن ماري أنطوانيت رفضت العقد بصورة قاطعة ثم نفت علمها بأية رسالة منها صدرت بهذا الصدد.
ولكن الأقاصيص والشائعات عن هذا العقد الخيالي كانت قد شاعت في كُلّ مكان كما شاء لها المُخَطّطون، ودارت آلة الدعاية التي يشرف عليها بالسامو بكل قواها فلم تلبث ماري أنطوانيت أن غرقت في بحر ٍطامٍ من الاستهجانِ لبذخها الخيالي المزعوم والانتقادات اللاذعة لشخصيتها وتصرفاتها..!، وسقطت سمعتها في الأوحال نتيجة لحملة الهمسات اللاذعة وكان من المستحيل كما هي العادة في مثل هذه الحملات وضع اليد على الشخص الذي انطلقت منه شائعات التشنيع.
وعندما وصلت الحملة إلى هذه الذروة ضرب بالسامو ضربتَه الرئيسية فدارت مطابعُه لتطبعَ الآلافَ تلو الآلاف من الأشعار والأهازيج الشعبية التي تندّد سافرةً حاقدةً بالملكة، زاعمةً أن عشيقاً سرياً لها هو الذي أهداها هذا العقد إعجاباً منه بمفاتنها المبذولة له وثمناً للاستمتاع بتلك المفاتن..!
على أن الأمور لم تقف عند هذا الحد، بل وجد مُخَطّطو التشهير فكرة شيطانية أُخْـرَى تفوق الأولى.. فقد لفقوا رسالة إلى أحد كبار أمراء فرنسا، وهو في الوقت نفسه من أمراء الكنيسة هو الكارديال دي روهان زفوا فيها توقيع الملكة التي تطلب في هذه الرسالة المزعومة من الأمير الكاردينال ملاقاتها في منتصف الليل في إحدى الخمائل المنعزلة في حدائق قصر الباليه رويال الذي أتينا على وصفه للتحدث اليه بشأن العقد.. وعهد المتآمرون إلى إحدى غانيات هذا، القصر بالتنكر بزي الملكة ومقابلة الكاردينال الأمير ليلاً وكان أن انهمر سيلٌ من المطبوعات السرية والأهزوجات الرخيصة والجنسية عمت فرنسا بأكملها ممرغة بالوحل سمعة ملكة فرنسا وأحد كبار رجالات الكنيسة..!
بيّن لنا التأريخ كيف نقل هذا العِقد بعدئذ إلى إنكلترا وخبئ هناك بعد أن أدى الغرض المنشود منه في فرنسا، والمعتقد أن معظم جواهره الثمينة حفظت لدى صيرفي يهودي اسمه (الياسون) ومكثت في لندن.
هناك برهانٌ آخر قاطع على ارتباط المرابين الانكليز بالمؤامرة التي أدت إلى قيام الثورة الفرنسية، وقد ظل هذا البرهان قيد الكتمان أعواماً طويلة حتى نبشته الليدي كوينسبورو زوجة اللورد كوينسبورو ومؤلفة كتاب «حكم الكهنوت الخفي»، وقد تم لها ذلك خلال أبحاثها عندما عثرت على مطبوعة قديمة اسمها (العداء للسامية) كتبها عام 1849م اليهودي بنيامين غولد شميد، وتمكنت هذه المرأة بفضل المعلومات التي استخلصتها من هذه المطبوعة من إثبات أن غولد شميد المذكور وأخاه ابراهام غولد شميد وشريكهم موسى السير موسى مونتيفور، وهم جَميعاً من كبار المتمولين في إنكلترا، وكانوا في الواقع تابعين لسادة المال اليهود فِي أوروبا ويعملون ضمن نطاق المنطقة التي أعدّت للثورة الفرنسية.
وقد وجدت براهين أُخْـرَى أَيْضاً فيما بعد أثبتت أن المتمول اليهودي الألماني الجنسية الشهير في برلين (دانيال ايشتيغ) وابن زوجته داوود فريد لاندر، والمرابي اليهودي الالزاسي هرزعير بير، كانوا بدورهم أَيْضاً يشكلون حلقة تعمل مباشرة في ذلك العهد تحت أوامر روتشيلد.
وهكذا ينكشف لنا القناع عن الأشخاص الذين كانوا يشكلون في ذلك الوقت القوى الخفية التي تشد حبال المؤامرة.. ولسنا بحاجة لأن نشيرَ إلى أهميّة دراسة الوسائل التي استعملها الماليون اليهود في مناوراتهم التي أوقعت الحكومة الملكية في العجز المالي ويمكننا عن طريق المقارنة والتفكير استنتاج الوسائل التي اتبعوها منذ ذلك الوقت في روسيا وإسبانيا وأمريكا.
يقول المؤرخ والكاتب البريطاني الأشهر، السير والتر سكوت، عن تلك الوسائل في معرض تحليله للوضع القائم ما يلي: لقد عامل هؤلاء الممولون الحكومة الفرنسية الملكية كما يعامل المرابون وارثا مسرفا متلاف، إذ يقرضونه بيد وبالربا الفاحش الأحوال اللازمة له لنفقاته الباذخة، ويقبضون باليد الأُخْـرَى الأرباح غير المعقولة لقاء هذه القروض، مما يؤدي بصورة مباشرة إلى الإفلاس!!.
وهكذا تتالت سلسلة طويلة من قروض هؤلاء المرابين الهدامة تعقبها حقوق وامتيازات مختلفة حصلوا عليها كضمانات لوفاء ديونهم، وبذلك شمل الارتباك الدولة الفرنسية كلها.
بعد أن انحدرت الحكومة الفرنسية إلى وضع أصبحت مجبرةً فيه على استجداء القروض المرتفعة بالربا الفاحش؛ لتدبير نفقات الحرب المتواصلة التي زجت فيها، كان هؤلاء يقبلون عن طيبة خاطر تقديم هذه القروض لقاء شرط أساسي هو السماح لهم بكتابة صكوك القرض بالشروط التي يريدونها، وكانت هذه الشروط لا تثير شبهة ما للوهلة الأولى، إلا أنها لم تكن في الواقع سوى فخ منصور استطاعوا معه إدخال الثعبان إلى داخل الغرفة، كما يقول المثل الفرنسي، أي إدخال مندوبهم إلى قلب الحكومة الفرنسية.. ولم يكن هذا المندوب سوى المالي الأشهر (نيكر) الذي عيّنه الملك وزير، مطلق الصلاحية للشؤون المالية.
كان المرابون اليهود قد افتعلوا دعايةً ضخمة حول نيكر أظهرته بمظهر الشخص الوحيد القادر على انتشال فرنسا من وهدتها المالية بأسلوب سحري، ولكن الحقيقة الواقعية هو أن فرنسا تردت خلال السنين الأربع التي تلت توليه وزارة المالية إلى وضع بلغ من السوء درجة بلغ معها مقدار الدين المترتب بذمة الحكومة الفرنسية مائة وسبعين مليوناً من الجنيهات الإسترلينية بعملة ذلك العصر، وهو مبلغ يفوق حسب قيمته عند ذاك مقدار التصور.
يصف المؤرخ الانكليزي الكابتن (آ- رامزي) هذا الوضع وصفا حساسا في كتابه (حرب دون اسم) كما يلي:
(كانت الثورة الفرنسية ضربة انقضت على جسم مشلول، ذلك أن مخالب الديون كانت قد نشبت في أعماق ذلك الجسم وتبعتها سيطرة المرابين على كُلّ وسائل الإعلام والنشاط السياسي، ولم تلبث هذه المخالب أن نشبت في الصناعة الفرنسية (بطرفيها أرباب العمل والعمال)، وبذلك كان المسرح تام الإعداد للبدء بالثورة وحين ارتفعت اليد اليسرى لمدبري المؤامرة وهي الثوار أنفسهم مجموعهم لتنقض بالخنجر على الجسم الملكي المتداعي، كانت اليد اليمني وهي الصياد الخلفي العام قد شلت هذا الجسم ومنعته عن الحركة.
وهكذا بينما كانت منشوراتُ بالسامو التحريضية تستمطر اللعنات على رؤوس الملكية والكنيسة، كان عملاء المؤامرة ينظمون ويدربون الأشخاص الذين تقرر جعلهم زعماء الحكم الارهاب الذي سيتلو انهيار العهد الملكي وكان بين هؤلاء الزعماء (روبسبير) الأشهر، وَ(دانتون) الذي لا يقل عنه شهرة، وكذلك (مارا) وغيرهم..
كان الأشخاص المنتقون للهجوم على الباستيل لإطلاق سراح السجناء الآخرين المهيّئين لخلق الجو الذي سيؤدي إلى قيام حكم إرهابي معد له سلفاً كان هؤلاء يلتقون في مراكز معينة لتنسيق خططهم وأشهر تلك المراكز هو دير في باريس اسمه (دير اليعاقبة).
وهكذا رسمت تفاصيلُ الخطط الدموية بين جُدران ذلك المبنى الديني الذي أُعدَّ للعبادة والرحمة لا للقتل والرهبة وفيه وضعت القوائم بأسماء النبلاء وأنصار العهد القديم الذين يجب تصفيتهم، وقد تقرر فيه أن ينطلق المحرضون وفي أعقابهم بعض المجرمين والمجانين فيعملوا على ذبح الناس وقتلهم واغتصاب أعراضهم وغيرها من الأعمال الوحشية؛ لينشروا الرعب في أفئدة السكان وفي الوقت نفسه يقضي مانويل الذي عين مدعي عام للكومون، أي حكومة باريس الثورية المقبلة، على جميع الشخصيات المعروفة بولائها للملك..
وعلى هذا فقد تم في نوادي اليعاقبة تدريبُ الرجال الذين أعدوا للانطلاق من خلايا المؤامرة المنظمة ودرّبوا على أيدي خبراء مختصين في تنظيم الإرهاب ليقودوا فيما بعدُ عملياتِ الفضائح العلنية بالجملة حين أوعزت لهم القوى الخفية بذلك وهكذا تحَـرّكت المؤامرة خطوة أُخْـرَى إلى الأمام في طريقها المحفوف بالويلات والمصائب.