لماذا نحتفل بالذكرى السنوية للشهيد القائد؟
صارم الدين مفضل
عبرَ التأريخ الطويل للأمة الإسلامية نجدُ الكثيرَ من العلماء والمُصلحين والمؤلّفين والمفكّرين، الذين أثروا المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات والكتب والمقالات، وطرحوا فيها خلاصةَ أفكارهم وتأمّلاتهم، التي قدّموها للناس؛ باعتبارها جُزءاً من العطاء الفكري في سياق خدمة الأمة الإسلامية وإخراجها من حالة الضياع والتيهان والانحطاط والتخلف..
لكننا رغم ذلك لم نجدْ بين كُلّ تلك الكتب والمؤلفات والأفكار ما يدعمُها ويصقلُها أَوْ يؤكد صدقيتها وجدوائيتها من خلال التجربة والممارسة على أرض الواقع؛ ولذا احتاج النقادُ المعاصرون من خارج الإطار الإسلامي للحديث عن الانفصام الحاصل لدى المسلمين بين المنهج والتطبيق أَوْ بين المشروع والتنفيذ..
صحيحٌ أن التأريخَ يحكي عن بعض الشخصيات الفذّة في التأريخ الإسلامي التي استطاعت أن تصلَ لمستوىً عالٍ من الوعي بالمشروع والوعي بالواقع، إلا أن دائرةَ النهوض بالعمل لم تكتملْ، فبقيت الأمة في حالةٍ من التيهان والضعف والانهزام، رغم وجود رُكنَي النهضة المتمثلين بالمشروع والقيادة!
وبعيداً عن رُؤيتنا النقدية للوقائع في الماضي أَوْ تقييمنا للأحداث طوال التأريخ الإسلامي القديم، إلا أنه يتوجبُ علينا كمثقفين ومتعلمين وأكاديميين وأصحاب رأي أَوْ وجاهة أن تكونَ لنا رؤية نقدية صحيحة وتقييمٌ سليمٌ للوقائع والأحداث الحاصلة في عصرنا الراهن الذي نعيشه بحلوه ومُرّه؛ لأننا سنشتركُ حتماً في نتائجه وآثاره، إنْ خيراً فخير وإنْ شراً فشر..
من هنا يمكنُ القولُ بأن التجربةَ الفريدةَ التي قدّمها الشهيدُ القائدُ السيد حسين بن بدرالدين الحوثي، رضوان الله عليه، تستحقُّ منا الوقوفَ ملياً للدراسة والمراجعة والتأمل والتقييم في كُلّ جزئياتها وتفاصيلها، ونقارِنُ بعد ذلك بين النظرية والتطبيق؛ لنعرف مدى الارتباط بينهما ومستوى الالتزام والنجاح في تقديم النموذج المنشود الذي يضمَنُ للأمة الإسلامية الخلاصَ من الخضوعِ والاستسلامِ لبقية الأمم، واستعادة أمجادِها ونهضتِها وريادتها كخيرِ أمة أُخرجت للناس.