الخوخة المغتصبة والرجولة المنهوبة..
مطهر يحيى شرف الدين
هذه هي النتائجُ وهذه هي الأبعاد السيئة والنتنة التي تتحقّق وللأسف الشديد في أفظع جريمة أَخْلَاقية هزت المشاعر وتحَـرّكت لها ضمائر الأحرار في كُلّ العالم، ولأهل الأرض والعرض ورجالاته وبالأخص في الخوخة المغتصبة إزاء الجريمة أن يحددوا موقفاً واضحاً وقوياً وعملياً؛ لكي لا يقال إنهم صمتوا وتغاضوا ودفنوا الجريمة وآثارها وحتى لا تتلو عليهم الأجيال لعناتها وحتى لا تكون أعراضهم وأهليهم رخيصةً منهوبة ومصحوبة بالذل والهوان، جريمة اغتصاب الفتاة في الخوخة من قبل المرتزق الأجير السوداني ما هي إلا نموذج بسيط من جملة الآلاف بل عشرات الآلاف من الجرائم التي استهدفت الأرض والإنْسَان ونالت من قيمه وأَخْلَاقه والتي ارتكبتها دول تحالف العدوان، لم يتبقَّ أي جرم أَوْ فعل قبيح أَوْ وضيع أَوْ دنيء إلا وقد ارتكبه المرتزقة والعملاء بكل جرأة ووقاحة وأمام مرأى ومسمع من الأهالي والمجتمعات، كُلّ ذلك وهم ما زالوا يعتقدون أنهم رجال وأنهم دعاة حرية وأصحاب قضية ومبدأ، عن أية حرية تتحدثون وقد اغتصبت نساؤكم ونُهبت رجولتكم وأنتم وأربابكم معتقلون في فنادق الرياض وأنتم لا رأي لكم ولا وزن ولا قيمة لدى أرضكم ومجتمعكم وَتفرض عليكم إقامة جبرية ولا تستطيعون أن تنبسوا ببنت شفه عن أي انتهاك أَوْ جُرم ترتكبه دول العدوان وتنتهك السيادة ويسلب القرار الوطني ويتم التحكم في الموارد والصادرات والخيرات والمقدرات التي تخليتم عنها وتنازلتم عنها بفتات الفتُات من المال الخليجي المدنَّس على حساب حريتكم وكرامتكم، وقد وصل الأمرُ إلى نهب دول العدوان للثروة النباتية والحيوانية والآثار التأريخية والعمل على محو الهُوية الوطنية والحضارية وتصفية الرموز الدينية، والطامة الكبرى إزاء الحدث هو ردة الفعل من قبل الأدوات الرخيصة عملاء المغتصبين والتي لا يتقبلها إنْسَان عاقل أَوْ حتى الحيوان الذي لا ولن يرضى أن ينتهك عرضه ولو حصل ذلك لقاتل ودافع بكل ما أوتي من قوة وذلك طبيعي؛ لأنَّ الغريزة والنخوة موجودة في أي كائن كان يأبى أن ينهش من عرضه أَوْ أرضه، أما من يحسبون أنفسهم من بني البشر وفي حقيقة الأمر ما هم الا أدنى وأحقر وأوضع من أن يتم وصفهم بالآدمية، فالحيوانات أرقى وأسمى من عقلياتهم وتوجهاتهم الغبية وَالعمياء، والداهية الدهياء أَيْضاً نحو هذا الحدث من يدافع ويبرر للمغتصبين ارتكابهم لتلك الجريمة ويحميهم بل وصل الأمر بالبعض منهم أن يقول سنتفق مع السودانيين ولن يحكمنا الحوثي، وامصيبتاه واعاراه واللهِ إن لأولئك القوم نهاية سيئة وخاتمة أسوأ وميتة جاهلية.
إن السكوتَ والصمتَ على مثل هذه الجريمة سيجعل من هذه الظاهرة طبيعية في من يتخذ العار منهجاً والهوان سبيلاً مقابل عَرَضٍ من الدنيا قليلٍ في مجتمع مغلوب على أمره بل ستتنامى الجريمة ويتمادى المجرمون المرتكبون لهذه الجرائم وَالانتهاكات، فلا في الجاهلية ولا من كان من صعاليكها في الماضي والحاضر ولا من القبائل ولا من اليهود والنصارى والمجوس ولا في بقعة من بقاع الأرض ولا في أي زمان تجد من يرضى ويتواطأ ويبرر ارتكاب الجريمة ويُخفي مجرما مغتصبا مرتزقا محتلا.. إنها آفة اجتماعية دخيلة وخطيرة وأسوأ عنف اجتماعي يحصل في اليمن الحضارة والتأريخ وَيساهم فيه أبناء المنطقة المتواطئين، وَستطال كثير من الأماكن والمناطق المحتلة إذا قوبلت الجريمة بالسكوت وعدم إثارتها من قبل المجتمع نفسه وهو من يعول عليه أولاً وأخيراً في انتفاضة شعبية وهبة تكتسح الطغاة.
أما السلطة العميلة وبقية الخونة المأجورين فلن يحركوا ساكناً؛ كونهم مرتهنين وعملاء للمحتل الغاصب المغتصب؛ لأنَّها ليست صاحبة قرار ولا نفوذ ولا رأي، وبالتالي يجب أن تدرك الشعوب والمجتمعات بالدرجة الأولى في تلك المناطق أن هذه الأفعال الإجرامية وبسط نفوذ الاحتلال والقبول به إنما هو نتيجة طبيعية وعوامل مشجعة جعلت وهيّئت لارتكاب تلك الأفعال الإجرامية من قبل أجانب محتلين مرتزقة، وذلك متوقعٌ منهم، إذ أنهم أراذلُ أقوامهم وحثالة مجتمعاتهم وأصحاب سوابق وخريجو سجون، فهذه هي ثقافتهم وهذا هو سلوكهم دناءة وخسة وانحطاط؛ ولذلك ينبغي على أبناء المناطق المحيطة بمكان الجريمة وبقية الأحرار في تلك المناطق أن يراجعوا ضمائرهم وأن يقفوا بجانب رجال الرجال في جبهات العزة والكرامة وأن يتنبهوا إلى حجم الكارثة اللاأَخْلَاقية التي هزت ضمير الإنْسَانية في العالم والجرم الذي حدث في الخوخة المسالمة الشريفة البريئة الوديعة الآمنة الطاهرة التي يدنسها الغازي والمحتل، يجب عليهم تحرير عقولهم وأن يتحَـرّكوا للبحث والقبض عن ذلك المغتصب المرتزق وتقديمه للمساءلة والمحاكمة لينال جزاء ما ارتكبه من جرم قال تعالى (قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا، قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا، فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ).