أتى ليُحيي مبدأ الجهاد..
صالح مقبل فارع
كان الجهادُ مبدأ أساسياً من مبادئ الزيدية، فالخروجُ على الظالم هو شعارُ الإمام زيد عليه السلام ولأجله خرج؛ وبسببه استُشهد، وسار على نهجه بقية العظماء من أهل البيت كيحيى بن زيد والنفس الزكية والرضية والحسين الفخي وإبراهيم طباطبا وعبدالله الكامل والقاسم الرسّي والهادي وغيرهم، فعشقت هذا المذهب واعتقدته؛ لأنَّه الوحيد من المذاهب الإسْلَامية التي تقول بوجوب الخروج.
وفي خلال التسعينيات وما واجه العرب والمسلمون من حملة شعواء من قِبل الأمريكيين والإسرائيليين وما حدث في فلسطين وغيرها، كُلُّ هذا الظلم وقع على المسلمين والحكام العرب لا يُحركون ساكناً إزاء القضايا الإسْلَامية، وظلت هذه هي الموجة السائدة لدى الحكام: السكوت والعمالة، لم أعاتبْهم وأحملهم شيئًا مما يحدث؛ لأنَّي كنتُ أعلمُ بأنهم دُمَىً بيد أمريكا، ومَن كان كذلك فلن يُحرك ضد أمريكا أي شيء، ولكني استغربت من علمائنا الساكتين لماذا لا يتكلمون حول هذه القضايا ويقومون بدورهم المنوط بهم كعلماء وهو توضيح المُلتبس لدى العوام وتحفيزهم لفعل أي شيء ضد أمريكا.
دخل عام 2000 وما بعدها واحتُلت العراق من قبل الجيش الأمريكي وقبلها أفغانستان وأصحابنا لا زالوا مشغولين بطباعة الكتب وتدريسها، فتحسرت على مبدأ الإمام زيد الذي خرج من أجله، مبدأ الجهاد والخروج على الظالم والتحَـرّك، كيف أن أتباعه اليوم تركوه وأهملوه.
ولكن ما إنْ قام الشهيدُ القائدُ السيد حسين بدرالدين الحوثي سَــلَامُ اللهِ عَلَــيْـهِ وتكلم حول هذا الموضوع وحول الجهاد، وأن الناس لا بد أن يكون لهم موقفٌ ضد أمريكا وإسرائيل، وقاد المسيرة القُـرْآنية، علمت حينها أنه الوحيد الذي تناول على عاتقه إحياء مبدأ الإمام زيد وأسلافه من الأئمة الهادي وهو الخروج على الظالم، والوحيد الذي عاد للمذهب وللإسْلَام رونقه وبهائه، فالإسْلَامُ ليس تدريسَ كتب ودراستها فقط، بل هو علم وجهاد.
المهمُّ حسين بدرالدين أعاد الأمل لي بأن الأمة الإسْلَامية لا زالت بخير ما دام موجوداً فيها أمثال السيد حسين.. ومن يومها علمت بأن الله حق وأن له جنود السماوات والأرض وأنه تعالى لن يترك الأمة بلا عَلَمٍ يهديها، فآلُ البيت هم قرناء القُـرْآن وهم الذين يستطيعون توصيل فهم الآية إلى الناس أَكْثَـر من غيرهم.
* * *
أتى رجلٌ في عصرنا، نظرتُه نظرةً إسْلَاميةً واسعة، لم تنحصر في مذهب معين أَوْ محدد؛ ولذلك تناول ثغرات كافة المذاهب بما فيها المذهب الزيدي..
لم يُرِد أن يؤطر القُـرْآن ويُقزمه بمفهوم ومنطوق، وتلاوة وذكر فقط، بل جعله كتاب هداية للناس جَميعاً، ولم يحصر تفسيره في مذهب معين بل شمل جميع المذاهب.
وأُشهدُ الله الذي لا إله إلا هو عند قراءتي لإحدى ملازم سورة آل عمران إنَّ جسمي اقشعرّ من التقصير الذي كنت فيه، فقد سرد الآيات وتفسيرها وكيف خاطبنا الله بها بصورة تجعلك تنذهل وكأنك أول مرة تسمع هذه الآيات أَوْ أول مرة تدخل في الإسْلَام وتسمع تفسيرًا كهذا.. طرح فيها طرح عجيب حتى ظننت نفسي أني من أهل النار، لم أجد أحدًا قبله ولا بعده طرح هذا الطرح.
وكان يقولُ لا يصحُّ أن نسمّيَ هذه الكتب تفسير القُـرْآن الكريم؛ لأنَّه لا يوجد أحد من السابقين ولا من اللاحقين يستطيع تفسير القُـرْآن الكريم ومعرفة مكنونه وإحاطة كُلّ معانيه حسب ما يريد الباري، فالتفسير معناه أنك تحيط بمدلول الآيات علما، والله يقول: (ولا يحيطون به علماً)؛ ولذلك من الخطأ والغلط أن نسمي بعض الكتب بتفسير القُـرْآن الكريم، ولم يفطن لهذه (اللفظة) إلا السيد قطب، فهو لم يسمّ كتابه تفسير القُـرْآن بل سماه (في ظلال القُـرْآن)، ولذلك سمى ملازمه (من هدي القُـرْآن الكريم)..
سَــلَامُ اللهِ عَلَــيْـهِ إنه الشهيد القائد/ حسين بدرالدين الحوثي، في ذكرى استشهاده.
سَــلَامُ اللهِ عَلَــى الشهيد القائد وَسَــلَامُ اللهِ على أتباعه وأَنْصَـاره ومحبيه.