لماذا يجب تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني الإسرائيلي؟
عبدُالرحمن بن عمرو
نقصُدُ بالتطبيع جميعَ أنواع المعاملات والعلاقات مع الكيان الصهيوني ومسؤوليه وممثليه والمنتمين إليه بالجنسية أَوْ الإقامة أَوْ التأييد والمساندة، وذلك سواءٌ أكانت المعاملاتُ والعلاقاتُ المذكورة ذات طبيعة سياسية أَوْ اقتصادية اجتماعية أَوْ ثقافية أَوْ فنية أَوْ رياضية أَوْ سياحية أَوْ أي نوع آخر من أنواع المعاملات والعلاقات المباشرة أَوْ غير المباشرة..
ويرتكزُ تجريمُ التطبيع مع الكيان الإسرائيلي على أساس أن هذا الكيان غير شرعي في وجوده، وغير شرعي في أفعاله وممارساته ومواقفه وتصرفاته وحسب التوضيحات المختصرة الآتية:
الكيانُ الإسرائيلي غيرُ مشروعٍ في وجوده؛ لأنَّه خطّط لقيامه على أرض فلسطين وهو التخطيط التآمري الذي ساهم في إعداده وتنفيذه، الصهيونيةُ العالمية، ذاتُ النفوذ الكبير الاقتصادي والسياسي والإعلامي، وبتنسيق وتواطؤ ومساندة سياسية وعسكرية وتكنولوجية واقتصادية وإعلامية من قِبَلِ الامبريالية العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا وفرنسا..
إنَّ التخطيطَ التآمريَّ المذكورَ أدّى تنفيذُه إلى احتلال الصهاينة، سنة 1948 لأراضي تخُصُّ الشعبَ الفلسطيني الراجعة جذوره على أرضه لآلاف السنين، وهو الاحتلالُ الذي تم بالحديد والنار وارتكبت خلاله، وَما زالت ترتكب، مجازر ضد الشعب الفلسطيني بمختلف فئاته وهدمت فيه بيوت ومبانٍ ومؤسسات وانتزعت فيه ممتلكاتهم، وطرد منهم بالقوة الآلاف من بيوتهم وأراضيهم وممتلكاتهم، وهو الاحتلالُ الذي شمل مساحةً من الأرض تتجاوز حتى التقسيم الغير المشروع للأرض الفلسطينية، بين اليهود القادمة أغلبيتهم من مختلف بقاع العالم وبين الفلسطينيين المقيمين أصلاً بفلسطين عبر أجدادهم وأجداد أجدادهم ذوي الجذور العميقة في التأريخ..
ولم يقتصرْ احتلالُ إسرائيل لأراضي الغير على عدوان 1948، بل امتد إلى باقي أرض فلسطين (الضفة الغربية وغزة)، وإلى أراضي عربية مجاورة بلبنان وسوريا والأردن ومصر (مَثَلاً عدوان يونيو 1967)، ولم تنسحب من بعضها، شكلاً وعبر اتفاقيات وشروط مجحفة، إلا مقابل تنازلات كبيرة وخطيرة سياسية واقتصادية لا تزال آثارها السلبية تنعكس، حتى الآن، على مسار النضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي، وعلى الصراع العربي الإسرائيلي: – اتفاقية كامب ديفيد – الاتفاق المصري الإسرائيلي حول الانسحاب من صحراء سين المصرية مقابل الاعتراف بالكيان الصهيوني والتطبيع معه وإخراج مصر، بإمْكَانياتها البشرية والمادية والعسكرية من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي – الاتفاق الأردني الإسرائيلي، بما نتج عنه من إخراج الأردن كذلك من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي وتطبيعها مع هذا الأخير – اتفاقية أوسلو بما أسفر عنها من انسحاب شكلي من غزة، غزة الجريحة التي لا زالت محاصرة من طرف إسرائيل براً وجواً وبحراً لغاية تأريخه، ومن أريحا بالضفة الغربية مقابل إقامة حكم ذاتي داخلي فلسطيني محدود الصلاحيات فاقدا للسيادة الداخلية فبالأحرى الخارجية ومقابل شروط في مقدمتها ضمان أمن إسرائيل والتعاون مع قواتها العمومية والعسكرية ضد كُلّ من يهدد هذا الأمن بما في ذلك، وبالأساس المقاومة الفلسطيني..
ولم يقتصر عدوانُ إسرائيل على أراضي الغير واحتلالها على عدوان سنتي 1948 و1967 بل إن عدوانها على أرض فلسطين وعلى بلدان عربية مجاورة كان وَما زال مستمراً مخلفاً آثاراً مدمرة على آلاف الأرواح والمساكن والمؤسسات الصحية والتعليمية والاقتصادية والخيرية والاجتماعية وهو عدوان بالسلاح الجوي أحياناً، وَباستعمال السلاح الجوي والسلاح البري أحياناً أُخْــرَى (على وجه المثال: العدوان على لبنان بما في ذلك حصار بيروت سنة 1980 وما نتج عن ذلك من طرد المقاومة الفلسطينية وقيادتها من لبنان – العدوان على جنوب لبنان سنة 2006 – العدوان على غزة سنة 2014… إلخ).
ومن المعلوم أن العدوان على أراضي الغير مُدانٌ ومعاقب عليه دولياً، وذلك طبقا للمواد 39 و41 و42 و43 من ميثاق الأمم المتحدة وللمادتين 5 و77 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
ولأنَّ الكيانَ الإسرائيلي، ارتكب وما زال يرتكبُ، عبر سلاحه الجوي والبري والبحري، في حق الشعب الفلسطيني وفي حق الشعوب العربية المجاورة لفلسطين جرائم خطيرة معاقب عليها دولياً ووطنياً، مثل القتل والإصابات الجماعية وتدمير المرافق العمومية المدنية، وهي جرائم تدخل في نطاق جرائم الإبادَة الجماعية، والجرائم ضد الإنْسَانية، وجرائم الحرب، وهي الجرائم المنصوص عليها وعلى عقوبتها في المواد 5 و6 و7 و8 و77 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وفي اتفاقية منع جريمة الإبادَة الجماعية والمعاقبة عليها، وهي الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 دجنبر 1948، في اتفاقية جنيف الرابعة المؤرخة في 12 أغسطس 1949 والمتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين وقت الحرب..