العدوان على سوريا.. نذير حرب كبرى
صبري الدرواني
استيقظ العالَمُ العربيُّ والإسْلَامي فجرَ أمس على وَقْـعِ العدوان من قبل أمريكا وفرنسا وبريطانيا على سوريا، واستهداف العديد من المواقع في محيط دمشق وحمص؛ ليستيقن الذي آمنوا بأن دولَ الاستكبار العالمي وعلى رأسها أمريكا ليست سوى شرطي لحماية المصالح الإسرائيلية في المنطقة.
العدوانُ الأمريكيُّ على سوريا لم يكن وليدَ اللحظة، فما يحدُثُ داخل سوريا منذ 7 سنوات وما يجري في اليمن منذ 3 أعوام وما يدورُ في العراق ولبنان وغيرها من البلدان العربية التي تحتضنُ محاور المقاومة، كُلُّ تلك الأحداث ترتبط ارتباطاً وثيقاً ببعضها البعض وَتصُبُّ في نهاية المطاف إلى مجرىً شيطانيٍّ متواصِلٍ يستهدفُ إنهاء وجود أي مشروع إسْلَامي أَوْ قُرآني يناهِضُ المشروعَ الأمريكي والإسرائيلي الاستعماري ويدعو لمقاوَمة الاحتلال الصهيوني في فلسطين.
العدوانُ الأمريكيُّ على سوريا هو نفسُ العدوان الأمريكي على اليمن، فكُلٌّ منهما دولتان عربيتان مستقلتان ذاتا سِيادةٍ والاعتداء عليهما وعلى شعبَيهما يندرِجُ ضمن مبرّرات واهية وعناوينَ مزيّفة ومفضوحة وبتمويل وتواطؤ وتأييد سعودي إماراتي خليجي وتحت ذرائعَ مختلقة، بعد أن أتضح للعالم جلياً أن واشنطن هي من صنعت تنظيم القاعدة وداعش؛ لتدمير الأمة الإسْلَامية، والدليلُ أن تلك الجماعات كُلّفت بمهمة القضاء على الجيوش العربية كالعراق وسوريا، فيما بدأت باستهداف الجيش المصري من قبل داعش والقاعدة في سيناء التي صنعتها وموّلتها أمريكا وإسرائيل، كمقدمة لإثارة الفوضى في مصر الكنانة.
يأتي العدوان الأمريكي على سوريا متزامناً مع الانتصارات التي حقّقها الجيشُ العربي السوري بتطهيرِ الغوطة الشرقية وعَدَدٍ من المناطق من سيطرة داعش وأخواتها، الأمر الذي أزعج أمريكا وأزعج إسرائيل ودفعهما إلى التدخل المباشر لحماية تلك الجماعات ومنع أي تقدم للجيش السوري وحلفائه من استئصالها، وبقاء وجودها خدمةً للمشروع الأمريكي الصهيوني، وهو ما أكّده مسؤولٌ صهيوني بأنه قلقٌ من تواجد بعض الأفراد من الحرس الثوري الإيراني في سوريا، بما يعني أن وجودَ تلك الجماعات الإجرامية كداعش وأخواتها بالآلاف لم يزعجْه!.
العدوانُ الأمريكي على سوريا بدون أدنى مبرر، بل ادّعى الأمريكي أن عدوانه جاء لتدمير الأسلحة الكيماوية وهو نفس المبرر الكاذب والمفضوح لدى شعوب المنطقة العربية والإسْلَامية، وسبق أن جعله الأمريكي ذريعةً لغزو العراق في 2003 واحتلال أرضه وعرضه ونهب ثرواته وخيرته، ليؤكد مسؤولون أمريكيون لاحقاً عدمَ وجود أسلحة دمار شامل، وهو ما يعزّز لدى الشعوب العربية والإسْلَامية حقيقةَ أمريكا العدوانية الإجرامية بحقِّ البشرية، وسعيها المستمر لفرض إرادتها السياسية والثقافية على شعوب المنطقة بالقوة، وأن جيشَها ليس أكثر من عصابة مسلحة تعمَلُ على نهب ثروات الشعوب واحتلالها، وما احتلالُها للعراق وسيطرتُها على حقول النفط، وتوزيعُ جنود عصابتها على الخليج مقابل نهب ثرواته وخيراته، وأخيراً عدوانها الغاشم الظالم على اليمن وسعيها للسيطرة على حقول النفط والممرات البحرية الهامة، إلا خير شاهد.
وبعدَ العدوان الأمريكي على سوريا اليوم واستمرار عدوانها على شعبنا اليمني للعام الرابع، تؤكّدُ الأحداثُ الأخيرةُ أن إسرائيل ومعها أمريكا تُعِدّان لحرب كبرى قادمة تبدو ملامحُها واضحةً في الأفق، وهو ما يحتمُّ على شعوبِ الأمة العربية والإسْلَامية، العودةَ الصادِقةَ إلى القرآن الكريم ومعرفةَ عدوِّها من خلاله، واستشعارَ مسؤوليتِها والسعيَ للإعداد والبناء عسكرياً وثقافياً لمواجَهةِ أيِّ عدوانٍ أكبرَ وشاملٍ عليها.