تحوّلات رائدة حقّقتها المسيرة
محمد أمين عزالدين
انتهازاً للفُرصة وبمناسبة ذكرى استشهاد السيد حسين بدر الدين الحوثي رحمه الله.. ندعو أنفسَنا ومختلفَ التيّارات الفكرية والسياسية في اليمن إلى الانفتاحِ على بعضنا البعض، وممَّا نحُثُّ عليه في ظل ما تتعرض له بلادنا من عدوان هو إعَادَة قراءة مشروع الشهيد، والذي في مجمله يدعو إلى العَودة إلى القُـرْآن، فالقُـرْآنُ هو الكتاب الذي يجمعنا كأمة ربها الله ونبيها محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من تمسك به هُدي ومن أعرض عنها ضل وفيه صلاح البشرية في دنياها وآخرتها..
منذُ وقتٍ مبكرٍ، فقد رفعت الكثير من المشاريع الإصلاحية هنا وَهناك شعارات كثيرة تتضمن العودة إلى دين الله والإسْـلَام الذي جاء به نبينا محمد ورغم ذلك إلا أننا وبعد عقود من الزمن نكتشف أن الجهود الطيبة لا تزال منحصرةً في أشياءَ معينة وعلى المستوى العام، فنحن في حالة من التخلف والتيه والضياع وتسلط الأعداء.. فما السبب وأين يكمن الخلل؟؟!!
هذا سؤالٌ يجب أن نقفَ عنده بصدقٍ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) وُصُـوْلاً إلى إيجاد الحلول الجذرية فمن غير الممكن أن يكون الخلل في القُـرْآن الكريم، وليس بصحيح أن نظل كذلك والقُـرْآن بين أيدينا..!!
نحن اليوم أمام واقع جديد يتشكل وليس عندنا أية ممانعة من القراءة الواعية لذلك المشروع والتعامل معه وفق منهجية القُـرْآن في التعامل مع مختلف الأفكار والملل، علاوةً على منهجية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في الشأن ذاته وُصُـوْلاً إلى إحياء القُـرْآن في نفوسنا وواقعنا العملي..
لا سبيلَ للأمة بالفعل إلا هذا السبيل ففيه عِزُّها ومجدُها ورقيُّها..
حسب قراءتنا لمشروع السيد حسين، فقد مثّل ثورةً داخل الساحة الفكرية والسياسية مناهضاً للظلم والاستبداد، داعياً للحرية والاجتهاد، مصححاً للكثير من التصورات، متجاوزاً إلى حد كبير ما اعتاد الناس عليه في أُطُر المدارس الفقهية، بل ومتمرداً على الكثير من القيود والأغلال التي عطلت العقل عن القيام بدوره النهضوي في بناء وعي الأمة وقيادتها نحو التحَـرّك السلوكي الفاعل والمؤثر بحكمة ورحمة..
لسنا ولن نكونَ ممن يقف أمام كُلّ جديد بغباء من أية جهة كان مصدره وسنتعامل مع كُلّ ذلك بوعي، فنحن في الأخير مسلمون (هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) يجمعنا الإسْـلَام وفي ظله سنلتقي لمناقشة أوضاعنا ووضع معالم التغيير نحو الأفضل.
ومن الطبيعي أن نختلفَ مع السيد الحوثي في بعض الرؤى والتصورات، وأي مشروع في الأخير أَوْ تجربة له ما له وعليه ما عليه..
وهنا ندعو الإخوة في حركة أنصار الله إلى مزيد من اليقظة والعمل على كسر الحواجز بينهم وبين الآخرين والقرب والسماع منهم، والتعامل مع مختلف المكونات كدولة فهم اليوم دولة والحرص على إزالة اللبس في الكثير من القضايا من خلال إعلام هادف، أَيْـضاً افساح المجال للصادقين من مختلف أطياف الشعب لمشاركتهم في بناء الدولة، وإشعار الجميع أن اليمن يتسع الجميع والجميع مدعو اليوم للتواجد الصحيح كشرط للشراكة فلا شراكة مع من يصر على الوقوف إلى جانب المحتل لتدمير أرضه والتنكيل بشعبه..
في هذه المناسبة نباركُ لأنصار الله واليمن عموماً كُلَّ التحوّلات الرائدة التي تحقّقت في ظل مسيرة هذه الجماعة رغم الفترة الزمنية القصيرة لانطلاقتهم وفي مقدمة ذلك رفض الوصاية الخارجية على اليمن ومناهضة قوى الهيمنة والاستكبار العالمي ونعتبرُ ذلك مدخلاً صحيحاً للتحرّر ونهضةِ الشعب اليمني وشعوبِ المنطقة عُمُوماً..