هُنا (دمشق) من الرياض أو الدوحة!
عبدالمنان السُّنبلي
نعم آلمني كما آلم كُلّ عربيٍ ومسلمٍ حُرٍّ العدوان الأمريكي البريطاني الفرنسي الصهيوني الغاشم على القطر العربي السوري الشقيق، إلا أن ما آلمني أَكْثَـر هو ترحيب وتهليل وتشفي وفرح بعض العرب بهذا الاعتداء كما لو كانت سوريا الحبيبة قطعةً من إسرائيل (العدو)، لا جزءاً أصيلاً لا يتجزأ من الوطن العربي الكبير!
في الحقيقة ما أشبهَ الليلةَ بالبارحة وكأن التأريخ يعيد نفسه، فمن فرح واستبشر بالعدوان الثلاثي على مصر في خمسينيات القرن الماضي هم أنفسهم من فرحوا واستبشروا بنكسة حزيران وأحداث أيلول الأسود واجتياح لبنان والعدوان الثلاثيني على العراق وحصاره واحتلاله والعدوان على لبنان وغزة وليبيا واليمن واليوم سوريا!
ما الذي تغير؟! لم يتغير شيءٌ! المدرسة المدرسة والمنهل المنهل والعمالة العمالة والعدو العدو، وأما العرب فما زالوا نائمين في العسل أَوْ في ما يشبه العسل!
لا أبالغ أن قلت إن طريقة تعاطي قنوات الجزيرة والعربية والحدث لهذا القصف الصاروخي الآثم على سوريتنا الحبيبة قد جعلني أشعر كما لو أنه قد جاء لهذه الأبواق الصدّاحة على مدار الساعة إثماً وكذباً وتضليلا بمثابة عيدية الموسم أَوْ احتفالية انتهاء الحصاد حيث أخذت كُلّ واحدةٍ منهن تتراقص طرباً على إيقاع وأزيز الصواريخ الأمريكية الآثمة بطريقتها الخَاصَّــة القادرة على الوصول إلى أفئدة وعقول ندامى الهوان وسكارى الذل والخنوع منذ زمنٍ غير قريب من المحسوبين على هذه الأمة أنهم عربٌ بلا عروبة ورجالٌ بلا رجولةٍ ونخوة، لتبشرهم بما يستحي أن يبشرهم به الخنزير لا الإنْسَان!
لم نكن نطمح منكم أيها الناعقون إثماً أن تصيبوا شيئاً من نخوة إذاعة دمشق التي وخلال العدوان الثلاثي على مصر وبعد تدمير إذاعة القاهرة فاجأت العالم بإعلانها:
هنا القاهرة من دمشق!
فنحن نعلم جيداً أنكم ولو بعد ألف عامٍ من الآن لا تملكون الجرأة أَوْ النخوة الكافية لإعلان مثلاً – هنا دمشق من الرياض أَوْ الدوحة أَوْ أبوظبي لأنكم أصلاً أداةٌ رخيصةٌ من أدوات أعداء الأمة وإن تكلمتم العربية أَوْ لبستم العقال!
كل ما نتمناه منكم ولا نترجاه هو أن تكفوا شماتتكم وتقلعوا عن حماقتكم هذه؛ لأنها لن تغنيكم من مُسلّمات التأريخ وحقائق وضرورات العصر شيئاً ولن تزيد من قدركم أَوْ تنقص من قدر سوريا أَوْ اليمن قيد أنملة إلا أن تموتوا في الأخير بغيضكم حسرةً وكمداً وأنتم فارون في طريق فراركم الأخير بحثاً عن ملجأ ما بعد السقوط الوشيك والمريع الأخير!