رجلُ الدولة والفارسُ النبيل
سلطان السامعي*
تعجَزُ الأحرفُ أن تفيَ حَقَّ الشَّـهيد الرئيس صالح الصمّـاد، فقد حاولت أن أبدأ الكتابة عنه، لكن الدموع كانت تسبق الأحرف، ومع استمرار المحاولة فقد وجدت أن أبدأ بالجانب الإنْسَاني الذي يتمتع به المجاهدُ الصمّـاد، فهو مع قوته وصرامته وشموخه يتمتعُ بمشاعرَ إنْسَانيةٍ نبيلة كان يتأثر كثيرًا عندما يشاهد أشلاء الأطفال تتناثر وأجسامَ النساء والرجال تتمزق كُلَّ يوم؛ نتيجة قصف العدوان على المدنيين اليمنيين، فيحبس حزنَه ويتحول إلى أسدٍ هَصُور ينتقل من جبهة إلى أخرى ومن اجتماع سياسي إلى آخر عسكري إلى آخر شعبي ويقضي نهاره ومعظم ليله بعمل وإجهاد من أجل لملمة الصفوف وحشد الشعب صفًّا واحدًا في مواجهة العدوان والحفاظ على استقلال الوطن والدفاع عن الكرامة والإباء، وكان دَائمًا يقول: لسنا أفضل من هؤلاء الذين يتعرضون كُلّ يوم للقتل من أبناء شعبنا على يد العدو المغرور ولا بد أن نكون مع شعبنا في كُلّ حين وعندما تحدث مجزرة من قبل العدوان على المدنيين، وما أكثر المجازر، كنا نشاهده أول من يصل إلى مواقع تلك المجازر وإلى منازل أسر الشهداء لتقديم العزاء ليثبت لأبناء شعبه أنه يقف معهم في كُلّ مآسيهم، وعندما تكون المجازر متباعدة في المحافظات عديدة فإنه يقوم بالاتصال والمواساة لكل من أصابه مصاب.
رحمك الله يا أبا الفضل، فقد كنت إنْسَانًا قبل أن تكون رئيسًا في سلوكك اليومي، كنت عالمًا فقيهًا خطيبًا مفوهًا بشوشًا سياسيًّا محنكًا قويًا شجاعًا لا تهاب الموت مثل كُلّ القادة العظام في التأريخ.
الشَّـهيد المجاهد الرئيس صالح الصمّـاد تولى مهامه كرئيس للمجلس السياسي الأعلى (رئيس الدولة) في ظرف استثنائي وحرب شرسة تواجهها اليمن من قبل أكثر من 18 دولة مباشرة ودول أُخْــرَى تقدم المساعدات المختلفة لدول العدوان المباشرة، إضَافَةً إلى من رضي لنفسه الارتزاق والعمالة من أبناء اليمن وهم كُثْــرٌ.
لكن بشحذ الهمم والعزيمة والإرَادَة الصلبة التي يتمتع بها الرئيس المجاهد الصمّـاد ومعه كُلّ المخلصين، استطاع أن يحافظ على مؤسّسات الدولة قائمةً، وأن يجعل من المحافظات التي تحت السيطرة محافظاتٍ تتمتعُ بالأمن والاستقرار حتى انخفضت نسبة الجريمة العادية إلى أدنى حدٍّ، بينما المحافظات التي تقع تحت الاحتلال والشعب يعرفُ أنه لا وجود هناك لدولة، إنما عصابات تتنازع على فُتات ما يرمى لها من العدوان وجلهم يتسابقون لإرضاء دول الاحتلال، غير آبهين بما يحصل من اغتيالات واقتتال ونهب لحقوق الناس في المحافظات التي يدّعون أنها محرّرة.
الصمّـادُ من اسمه كان أكثرَ صمودًا في وجه أعتى عدوان يشهده اليمن ولم يشهد مثلَه عبر التأريخ، فكان أقوى رئيسٍ لليمن، وسيكتب عنه المؤرّخون بأنه الرئيس الفولاذي الذي لم يضعف ولم يَلِــنْ للعدو حتى لقى اللهَ شَهِـيْـدًا شامخًا وستظل الأجيال المتعاقبة تفخر به جيلًا بعد جيل.
* عضو المجلس السياسي الأعلى