اغتيال الرئيس الشهيد هو اغتيال لمشروع بناء الدولة اليمنية

د. ياسر الحوري*

لقد كان لي شرفُ العمل المباشر إلى جانب الرئيس الشَّـهيد كأمين سر للمجلس السياسي الأعلى منذ أغسطس 2016م إلى حين استشهَاده، وخلال هذه الفترة المتمَـثّـلة في عشرين شهرًا تقريبًا لم ألمسْ لحظةً وهنًا أَوْ فتورًا أَوْ ضعفًا أَوْ انكسارًا يعتري الرئيس رغم حجم الإشكالات والمسئوليات التي تحملها في أصعب مراحل مواجهة العدوان، يتعامل مع كُلّ ملف بحكمة ورؤية ومسئولية إلى درجة يصعُبُ على المرء أن يصنفَه خلالها أنه يتبعُ فصيلًا سياسيًا بقدر تمثيله لليمن كُلّ اليمن شماله وجنوبه.

كان الهَمُّ الكبيرُ للرئيس الشَّـهيد هو البناء الحقيقي للدولة وإرساء مبدأ العمل المؤسّسي، فقد كان حمديًا جديدًا لليمن، فرغم ضعف الإمْكَانيات إلى درجة انعدامها إلا أنه كان يؤمنُ بأهميّة وعظمة هذا العمل للمستقبل؛ ولذلك اعتبره جبهةً ذات أولوية تتوازى مع جبهات المواجهة واغتياله المدبر أمريكيًا وإسرائيليًا هدفُه اغتيالُ هذا المشروع بدرجة أساسية؛ خوفًا من اليمن الكبرى التي يمكن أن تنشأَ في الإقليم حال امتلك اليمن قرارَه وسيادتَه واستقلالَه.

وبالرغم أن الرئيس الشَّـهيد يُمَـثّـل كتلةَ أَنْصَـار الله في المجلس السياسي الأعلى إلا أن كتلةَ المؤتمر في ذات المجلس كانت تعتبرُه ممثلًا عنها؛ ولذلك وعند كُلّ دورة لرئاسة المجلس السياسي الأعلى يطلب منه الاستمرار وعندما يرفض ويطلب من المؤتمر استلامَ القيادة، بحسب اللائحة الداخلية التي تقتضي التدوير كُلّ أربعة أشهر يقال له من كتلة المؤتمر: نحن متمسكون باستمرار قيادتك فإن قبلت كممثل لأَنْصَـار الله ما لم فنحن نختارُك كممثلٍ للمؤتمر.

وبغض النظر عن الخلفية السياسية أَوْ التأويلات المختلفة التي يمكن سردها بهذا الشأن فإن نسبة عالية من هذا الطرح فيها مصداقية وحب ورضا وإعجاب بهذا القائد الذي نجح إلى جانبِ قائد الثورة سماحة السيد/ عبدِالملك الحوثي في تفكيك العديد من المشاكل وتذليل الصعاب، بما ساهم في نجاح تجربة الشراكة السياسية والحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية وتعزيز أداء مؤسّسات الدولة في إطار الإمْكَانات المتاحة مع وضع معالجات تدريجية كان يتابعها شخصيًا باهتمام بالغ وفي حال تقصير أيٍّ من المرؤوسين كان الرئيس الشَّـهيد يوصلُ عتابَه أَوْ استياءَه بصورة هي غاية في الحكمة والمسئولية نعدها دروسًا بالغًا في الإدَارَة والقيادة، فقد كان يحترمُ الصغيرَ والكبير، ولا أتذكر أني سمعتُ يومًا استياءَ أحدٍ من العاملين حول الرئيس الشَّـهيد، سواء في القصر الجمهوري أَوْ مكتب الرئاسة أَوْ الحكومة، كان همُّه أن تصلَ توجيهاتُه واضحةً للمعنيين ويقدر دومًا روحَ المبادرة ويشجّعُ كُلَّ الأفكار والمقترحات الوطنية التي ترفع إليه.

لقد كان رجلَ المرحلة ورجلَ التصحيح، رجلَ الدولة، رجلَ التسوية والتوافق والسلام والحرب أيضًا، فهو المقاتل الجسور الغيور على دينه ووطنه وقد حباه الله مع رِفاقه الكرام شرَفَ الشهادة في الميدان رئيسًا خالدًا في قلوب الشعب اليمني العظيم وكرامتنا جَميعًا من الله الشهادة.

* أمين سر المجلس السياسي الأعلى

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com