الرئيسُ الشهيد
نبيل عبدالله الوزير*
لا أدري من أين أبدأ؟ هل مِن كونه رئيسًا ومسؤولًا أم أبا الفضل الإنْسَان، أم أبا الفضل الشاعر والعلامة؟!..
سجاياه كثيرةٌ، أعرفُه منذ أن بدأنا الحواراتِ السياسيةَ عقب تعيينه مستشارًا لرئيس الجمهورية، وأثناءَ تشكيل حكومة بحاح. وكان يدرِكُ أهميّةَ مشاركة القوى السياسية في الحكم.
كان يرحمُه الله ذكيًا ولمّاحًا ونبيهًا، لا يستطيعُ أحدٌ أن يختلفَ معه.. وكان وَسَطيًا إلى درجة أن أَصْحَابَه يضيقون من وسطيته ويعتبرونها ضعفًا فيه.
أبو الفضل الصمّـادُ من أنبل من عرفتُ من أَنْصَـار الله في صدقه ودَماثة أَخْـلَاقه وحُسن معشره وحلاوة حديثه، إضَافَة إلى سجاياه الرائعة.
لقد بذل جهدًا كبيرًا في أن يحتويَ أيَّ خلاف، وكان بسيطًا في حياته، لا تحسُّ أنك مع رئيس أكلُه خاص أَوْ ملابسه تختلف، حاول أن يعيشَ بمستوى المواطن العادي..
رافقته في الفترة الأخيرة أثناء زيارته لذمار ثم الحديدة قبل استشهَاده، كانت كلمتُهُ في ذمار قريبةً من المواطن البسيط عندما قال “لو استشهد صالح الصمّـاد ما مع عياله أين يرقدوا آخر الشهر إلا إذَا رجعوا مسقط رأسهم وهذه نعمة كبيرة “، وقد قالها صدقًا فأنا متأكّـدٌ من ذلك أنه لا يملك منزلًا في صنعاء.
لا حياة أعظم من بين يدي الرحمن، ولا رحمة أسمى من رحمته تعالى التي وسعت كُلّ شيء.
مهما كان وجعُنا وجرحُنا ومصابُنا فيه، فقد حمل حملًا عظيمًا لا تقوى عليه الجبالُ في حياته، فأحبه اللهُ واصطفاه.
ما أظُنُّه ذاق الراحة من يوم توليه المسؤولية، لكنه اليوم إن شاء الله في جنة النعيم بحول الله وقوته حيًا يُرزَق. نحن الموتى ونحن مَن يُحزَنُ علينا ويُقهَرُ، إذَا ما صح القول.
رحم اللهُ الشَّـهيدَ الحيَّ، وسنمشي على دربه، يَـدٌ تحمي ويَـدٌ تبني، وسيكونُ دمُه الزكي الطاهر ثورةً وبركانًا في وجه العدوان، وأن غدًا لناظره لقريب.
*وزير المياه والبيئة