القائدُ الإنسان صالح الصمّاد
حميد عاصم*
لم أكُنْ قد التقيت به مباشرةً، لكني كنتُ أسمعُ عنه الكثيرَ من الآخرين، كنت أسمعُ عنه وعن قدراته السياسية وعن شخصيته القوية وعقلانيته وتواضعه، كنت أسمعُ عنه من شخصياتٍ سياسية وخَاصَّـةً بعض قيادات التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري عندَما كان الأخ الرئيسُ مستشاراً لرئيس الجمهورية آنذاك وأثناء فترة الحوار في موفنبيك حيث كانت تُعقد جلسات حوارية بين التنظيم وحركة أنصار الله، وكنت أنا في تلك المرحلة أمين عام مساعد للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري للشؤون الداخلية، ولم أكن عضواً في الحوار الوطني.
كانت العلاقة بين التنظيم وأنصار الله ممتازةً وكانت الرؤى حول القضايا الوطنية متطابقةً في أغلبها، وبعد العدوان الذي شنته الأنظمة العربية الرجعية والإدَارَة الأمريكية وبريطانيا والكيان الصهيوني على شعبنا ووطننا في الـ 26من مارس 2015م، وبعد أن انجرّت بعضُ قيادات التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري مع الأسف الشديد وراءَ العدوان وأيّدت ذلك العدوان وقاتلت إلى جانبه وتخلّت عن القيم والمبادئ الناصرية وعمَّا كانت تُنادي به من شعاراتٍ ضد الرجعية والصهيونية، في حينها ومن أول وهلة أعلنت موقفي من العدوان وأعلنت وقوفي ومعي كثيرٌ من قيادات التنظيم في الفروع إلى جانب الوطنِ والشعب والدفاع عنه مع أبناء الجيش واللجان الشعبية وكل أحرار اليمن، وبدأ التواصُلُ بيني وبين بعض قيادات أنصار الله، وخَاصَّـة الأخ الأستاذ حمزة الحوثي والدكتور إسماعيل إبراهيم الوزير، القياديان في أنصار الله وبعد ذلك تم الترتيب للقاء الأول الذي حضرته أنا والأخ الأستاذ محمد مسعد الرداعي الأمين العام المساعد للتنظيم والأخوين الأستاذ صالح الصمّاد رئيس المكتب السياسي لأنصار الله والأستاذ حمزة الحوثي عضو المكتب السياسي لأنصار الله.
ذلك اللقاء الذي تحدثنا فيه عن الوطن وما يمر به من عدوان غاشم وحرب شعواء من قبل السعودية والإمارات ومرتزِقتهما في الداخل وتكلمنا عن العلاقات بين أنصار الله والتنظيم.
في ذلك اللقاء استمعت إلى الشخصية القيادية الفذة التي لم يكن لي الشرفُ باللقاء بها من قبل استمعتُ إلى الأستاذ صالح الصمّاد وهو يتكلمُ عن علاقة الأنصار بالناصريين وعن مظلومية الأنصار والناصريين وعن تضحيات الأنصار والناصريين وعن أعداءِ الأنصار والناصريين، استمعت إلى شخصٍ قيادي يتكلم بثقة عالية ويتكلم بطلاقة قلَّما نجدُها لدى قيادي آخر.
استمعت اليه وهو يتكلمُ عن العدوان وعن الخونة والمرتزِقة وأنهم لن ينتصروا على شعبنا؛ لأنَّ الشعبَ اليمني لم يعتدِ على أحد. استمعت إلى الأخ الصمّاد وهو يشرحُ لنا الخطواتِ التي تمت من قبل أنصار الله قبل الـ 21 من سبتمبر 2014م، واستمعت إلى ردوده عن بعض الأسئلة والاستفسارات التي وجهناها له وخرجت من ذلك اللقاء بانطباعاتٍ ممتازة عن شخصية الأخ الصمّاد.
وبعد ذلك وفي شهر ديسمبر 2015م كان اللقاء الثاني لي بالأخ الرئيس بعد أن تم اختياري عضواً في الوفد الوطني المفاوض والذي سيغادر أرض الوطن إلى بيل في سويسرا، وكان لقاء تناقشنا فيه عن التفاوض وحثنا على العمل بروح الفريق الواحد وعلى أن نجعلَ الوطنَ نصب أعيننا، وفي ذلك اللقاء تعرفتُ أَكْثَـرَ على شخصيته الفذة وعلى حنكته السياسية وعلى قدرته الكبيرة في إيصال ما يريدُ إلى عقولِ مستمعيه وودّعنا وهو يبتسمُ ابتسامةَ القائد الواثق من نفسه.
توالت لقاءاتي بالأخ الرئيس سواءً لقاءات بقيادة التنظيم أَوْ لقاءات ضمن لقاءات قيادات اللقاء المشترك أَوْ ضمن اللقاءات العامة أَوْ اللقاءات التي كانت تتعلقُ بالمحافظة صنعاء التي أشغل فيها موقعَ وكيل أول المحافظة.
وفي تلك اللقاءات المتعددة، تعرّفتُ على الشخصية القيادية الفذة، تعرّفتُ على شخصية سياسية من الطراز الأول، تعرّفتُ على شخصية تحمل هَمَّ الأُمَّــة وتحمل مشروعَ دولة حديثة، تعرفتُ على شخصية تحملُ من الإنْسَانية والتواضع ما لم تحمله أيَّةُ شخصية أُخْرَى تعرّفتُ عليها في حياتي، تعرّفتُ على شخصية تستمعُ إلى الجميع وتتقبَّلُ آراء الآخرين حتى وإنْ كانت تلك الآراء مخالفةً تَمَاماً لرأيه، تعرفتُ على قائد يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، تعرفتُ على قائد كان يحمل هَمَّ الأُمَّــة وكان يسعى إلى بناء مؤسّسات الدولة.
تعرفت على رجل قاد الوطن في أحلك الظروف، تعرفتُ على رجل زار المحافظات والجبهات بالرغم من الظروف الأمنية المعقدة، تعرفتُ على الأخ الرئيس الشهيد صالح الصمّاد الذي تم في عهده إنتاجُ القُـوَّة الصاروخية وإنتاج سلاح المدفعية وإنتاج الذخائر بكل أنواعها، تعرفت على مَن كان يعرفُ أنه سيكون شهيداً على أيدي قُـوَّات الاحتلال الأمريكي السعودي الصهيوني، تلك الأيادي التي اغتالت الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي في 11أكتوبر 1977م؛ لأنَّهما كانا يحملان مشاريعَ وطنية (سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وتربوية ) ومشاريع تحررية واستقلالية، تعرفنا على الشخصية الوطنية التي قدمت روحَها فداءً للدين والوطن بعد أن قادت المشروعَ الوطني الذي سيواصله الأخ الرئيس مهدي المشّاط إن شاء الله تعالى والذي تم اختيارُه خلَفاً للرئيس الشهيد الصمّاد.
ونقولُ لدول العدوان: إن اغتيالَكم لقيادتنا ولرؤسائنا لن يثنيَ أبناءَ اليمن عن مواصَلة المشوار في بناء الوطن وفي الدفاع عن الأرض والعرض وعن الدفاع عن كرامة الوطن والمواطن واستقلال الوطن وتحرير الأراضي التي تم احتلالُها من قِبَلِ دول العدوان بمساعَدةِ المرتزِقة والخونة والعملاء.
*عضو الأمانة العامة للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري
عضو الوفد الوطني المفاوض
وكيل أول محافظة صنعاء