الصمّـاد لم يكن رئيسًا وحسب بل قائدٌ استثنائي
سمير حمُيد
ترجَّلَ القائدُ البطلُ الفذُّ في ميدان البطولة والتضحية والفداء، مخلفًا تأريخًا مجيدًا صنعه بقُـوَّة شخصيته، وغزارة علمه وثقافته، وحكمة إدارَته، ومرونة تعامله مع الآخرين، وشدة تواضعه.
ترجل الرئيس الذي لم يحول منصبه الرفيع على رأس هرم السلطة كمغنم كغيره من رؤساء العصر، بل أثبت على مدى قرابة 20 شهرًا من تولية رئاسة البلاد، أنه الرئيس الاستثناء الذي أختاره الله قائدًا استثنائيًّا في زمن استثنائي لمهمة استثنائية، فحمل روحَه على كفه ووهب نفسه وماله لله ولليمن مجاهدًا في سبيل الله وفي سبيل عزة ورفعة وطنه وأمته.
منذ الوهلة الأولى لاختياره كرئيسٍ للبلاد لم يتعامل من موقعه كرئيسٍ للجمهورية، لإدراكه أن الملك لله الواحد القهار، بل كانت كُلّ ممارساته وسلوكياته وتحَـرّكاته تحَـرّكات وممارسات وسلوكيات قائدٍ مجاهدٍ مغوار قل نظيره في تأريخ اليمن السياسي، فتعامل مع الآخرين بالشدة واللين، والصدق والوضوح، وغيّر الكثير من مفاهيم السياسية المغلوطة، وأثبت للشعب اليمني وللعالم أجمع بأن الفراغَ السياسي الذي خلّفه هروب الفار هادي مطلع العام 2015م، ليس بملء الكرسي، وإنما بالقيام بالمسئوليات الكاملة وبذل الغالي والنفيس في سبيل حماية الوطن من المخاطر التي تتهدده وصد الغزاة، وتعزيز وحدة الصف الاجتماعي، وإفشال مُخَطّطات العدو، وإحباط مؤامراته الداخلية، وتحويل التحدي إلى فرص للمواجهة في مختلف الجبهات العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية.
فتجاوز الرئيسُ الشَّـهيد الكثيرَ من التحديات ولم يهاب الصعوبات أَوْ يخشى المخاطر، واستطاع أن يوجدَ المستحيلَ من الممكن، فقاد مرحلةً جديدة من مواجهة العدوان بأقل الإمْكَـانيات بانيًا في زمن الدمار الممنهج من قبل أعداء اليمن؛ ليعيدَ بناء الجيش واللجان الشعبية، ومعزّزًا للروابط والصلات والعلاقات مع كافة القوى السياسية، وصانعًا للتحول الدفاعي والعسكري، لينقلَ اليمن إلى مرحلة التصنيع العسكري المتطور، فحفّز وشجَع الصناعات العسكرية بمختلف أنواعها، لتصل اليمن في عهده المبارك إلى مرحلة متقدمة من مراحل التصنيع العسكري والباليستي، ليباغت العدو في عقر داره بصواريخَ باليستيةٍ فتاكة، ويعد واثقًا بالله ومؤمنًا بنصره بالمزيد من المفاجئات.
فبشجاعة الرئيس الشَّـهيد وصموده وإرادته الصلبة إلى جانب العديد من القيادات الربانية، استطاع أن يغيّرَ كافة المعادلات العسكرية في البر والجو والبحر، ونقل اليمن إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الصناعات العسكرية المتطورة، ورغم ذلك الإنجاز التأريخي إلا أن الرئيس الشَّـهيد كان طوافًا للجبهات متلمسًا لهموم المجاهدين الأبطال، متحديًا للمخاطر في بطون الأودية وقمم الجبال في الساحل الغربي وفي صحراء الجوف وفي جبال نهم.
وبالتزامن مع ذلك استطاع الشَّـهيد الصمّـاد أن يحافظ على مؤسّسات الدولة من الانهيار، وأن يعزز من صمود الشعب اليمني في مختلف الميادين، وأن يعزز الوحدة الوطنية، وأن يمتصَّ الكثير من الصدمات الداخلية التي وقف العدو وراءها ومن أبرزها فتنة ديسمبر التي وقفت الإمارات خلفَها، وانتصرت فيها إرَادَةُ الشعب اليمني.
لقد أرعب الصمّـاد أعداء اليمن وكل الخونة والعملاء بتحَـرّكاته المستمرة ونشاطه الجهادي وبذله وعطائه وتضحيته في سبيل الله والوطن، فالصمّـاد كان قائدًا لتحديث وإعَادَة بناء القُـوَّات المسلحة ومحافظًا على وحدة الصف الاجتماعي ومعززًا لصمود الشعب اليمني في وجه العدوان الغاشم والحصار الظالم.
وتلك الخطوة كان من شأنها أن تسدل الستار عن العملاء والمرتزِقة الذين نهبوا المال العام وتقاسموا السلطة وتحاصصوا المال العام، فالرئيس الصمّـاد توعد الفساد وبدأ بمكافحته.
على مدى فترة قيادته للمجلس السياسي الأعلى، نقل البلد من حالة اللا دولة إلى الدولة، محافظًا على النظام الجمهوري، مؤتمنًا أمينًا صالحًا حاميًا للأرض والعِرض، ولم يكتفِ بذلك بل أعد مشروعَ دولة؛ لأنه أثبت للعدو قبل الصديق أنه رجل دولة من الطراز الأول، ليفاجئَ الجميعَ في الذكرى الثالثة للعدوان بإطلاق مشروع الرئيس الصمّـاد “يدٌ تحمي.. ويدٌ تبني”.
أرعب الرئيس الصمّـاد العدوَّ بقُـوَّة شخصية وقُـوَّة إرادته وقُـوَّة إيْمَـانه بالله، لقد كان بالفعل رجل السلم والحرب، ورجل الإدَارَة والسياسة، ورجل الحكمة والمرونة والاتزان، وهي صفاتُ المؤمنين الصادقين المحتسبين المرتبطين بحبل الله والواثقين بنصره وتأييده.
لقد انتصر الرئيسُ الشَّـهيدُ في كافة مراحل حياته الجهادية، ولم يخسر معركةً في حياته، وفاز أيضًا فوزًا عظيمًا بالشهادة في سبيل الله والوطن.
فهنيئًا أبى الفضل الشهادة، وعهدًا منا أن ترتدَّ دماؤك الزكية حِمَمًا من جحيم على العدوان السعودي الأمريكي وعلى نهجك ودربك ماضون.