الشعب اليمني يجسد أسمى معاني الوفاء للرئيس الصمَّـاد تقديراً وعرفاناً لدوره الوطني والنضالي والبطولي.. ميدان السبعين بالعاصمة يحتضن طوفاناً بشرياً من كُـلّ المحافظات في وداع الرئيس الشهيد

 

المسيرة| خاص:

احتضن ميدانُ السبعين بالعاصمة صنعاءَ، أمس السبت، طُوفاناً بشرياً لم يسبق له مثيلٌ، مِن الذين قَدِمُوا؛ للمشاركة في وداع وتشييع الرئيس الشهيد المجاهد صالح الصمَّـاد ورفاقه الذين استشهدوا بغارات لطيران العدوان السعودي الأمريكي بمحافظة الحديدة الخميس قبل الماضي.

وشارك في التشييع حشودٌ جماهيريةٌ توافدت من جميع المحافظات إلى ميدان السبعين، منذ مساء أمس الأول، بحضور الرئيس مهدي المشّاط رئيس المجلس السياسي الأعلى، وعددٍ من أعضاء المجلس السياسي، ورئيس مجلس النواب يحيى علي الراعي، ورئيس مجلس الوزراء الدكتور عبدالعزيز صالح بن حبتور، والقائم بأعمال رئيس مجلس الشورى محمد حسين العيدروس، ورئيس اللجنة الثورية العليا محمد علي الحوثي، وعدد من أعضاء مجالس النواب والشورى والوزراء والقيادات العسكرية والأمنية وممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية والفعاليات الجماهيرية.

وجرت مراسيمُ التشييع الرسمي بعدَ الصلاة على الشهيد الرئيس الشهيد صالح الصمَّـاد ورِفاقه بجامع الشعب الذين لُــفَّتْ جثامينهم بالعَلَــم الجمهوري، وسار موكبُ التشييع بتقدُّمِ سرايا رمزية من القوات المسلحة والأمن، في موقفٍ جَسَّــدَ معانيَ الإعزاز والإكبار لتضحيات الرئيس الشهيد صالح الصمَّـاد وكل شهداء الوطن الذين قدّموا أرواحَهم رخيصةً في سبيل الدفاع عن الأرض والعِرض في مواجهة قوى الغزو والعدوان، وقد توقف الموكبُ الجنائزي أمام النصب التذكاري للجُندي المجهول بميدان السبعين، ليُوارى جثامين الرئيس الشهيد ورفاقه الثرى هناك.

وفي مراسيم التشييع التي لم يَغِبْ عنه غيظُ العدوان، حضرت طائراتُه لتقصف بغارتين في محيط ميدان السبعين؛ لإفزاع الحشود الجماهيرية وتخويفها، لكنها زادتهم قوةً وثباتاً وتزاحُماً وتلاحماً؛ ليردُّوا على الغارات بغاراتٍ أخرى خرجت من حناجرهم مزلزلة وهم يرددون الهتافاتِ التي هزمت عويلَ الطائرات.

ووسط مشاعر الحزن والفخر معاً، أشار المشاركون في التشييع إلى مواصلة مشروع الرئيس الشهيد الصمَّـاد تحت شعار “يَــدٌ تحمي وَيَــدٌ تبني”، مؤكّـدين أن دماءَ الرئيس متحَـرّكة في عروقهم وزادتهم دافعاً وقناعةً في مواجهة العدوان وأدواته وتحرير الوطن من قوى الغزو والاحتلال، مشدّدين على مواصَلة دعمِ الجبهات بالمال والرجال وتقديم كُـلِّ غالٍ ونفيسٍ؛ كونها الخيارَ الوحيدَ أمام الشعب اليمني.

ودعا المشاركون في الاحتشاد الجماهيري لوداع الرئيس الشهيد، قوى الجيش والأمن وكُــلَّ أحرار الوطن إلى تكثيفِ الجهودِ وتوحيد الصفوف؛ لإفشال مُخَطّطات العدوان الاستعمارية ودفاعاً عن الأرض والعِرض والحرية والكرامة، مباركين تعيينَ مهدي المشّاط رئيساً للمجلس السياسي الأعلى خَلَـفاً للرئيس الشهيد الصمَّـاد.

 

الشعبُ يبادِلُ الرئيسَ الشهيدَ الوفاءَ بالوفاء لِما تركه من لهم من إرثٍ عظيم

جسَّــدَ الحُضُورُ الجماهيريُّ الكبيرُ في مراسيم التشييع أسمى معاني الوفاءِ الشعبي تجاه الرئيس الشهيد صالح الصمَّـاد؛ وعرفاناً لدوره الوطني والنضالي في تماسُـك الجبهة الداخلية والحِفاظ على الصف الوطني بَعيداً عن الخلافات والصراع السياسي بعد أن كانت هذه الورقةُ بديلاً لدول التحالف أرادت من خلالها تحقيقَ نصرٍ عجزت عنه في ميدانِ المواجهة عسكرياً.

وكشف المشاركون في وداع الرئيس الصمَّـاد حجمَ المساحة الكبيرة التي تركها رجلُ المرحلة في قلوب اليمنيين بكل أطيافهم وانتماءاتهم وتوجُّـهاتهم وأجناسهم خلال فترة قياسية وجيزة لا تتجاوز العامين، استطاع خلالها إخراجَ البلد إلى بر الأمان وتجاوز كُـلّ العواصف والأزمات والفِتن، لا سيما أحداث ديسمبر الفائت التي أشعلتها خلايا الفتنة والخيانة بالعاصمة صنعاءَ وإخمادها في أيام قليلة وتمكَّن من فضح فصولِ المؤامرة الخارجية والداخلية على هذا البلد والسعي الحثيثِ لخلخة الجبهة الداخلية التي عادت بعدَ كُـلّ هذه الأحداث أكثرَ تماسُكاً وصلابة عمَّا قبلُ، بينما العدوُّ كان ينتظرُ تفجيرَ الوضع الداخلي باليمن.

أثبت الرئيسُ الشهيدُ الصمَّـادُ وهو اللاعبُ الرئيسُ في نزع فَتيل الصدام على الساحة الوطنية، بأنه كان رجلَ المرحلة التي يتطلبها اليمنُ وشعبُهُ في الوقت الراهن، فبفضل حكمته وحِسِّه المسؤول النابع من وطنيته وإخلاصه لشعبه، استطاع أن يُعيدَ بوصلة الأمور لوضعها الطبيعي، فقد كان بحق، وفقاً لشهادة الكثيرين، الرجلَ الاستثنائيَّ في هذه المرحلة الفارِقة من عمر اليمنيين، كيف لا وهو الذي استطاع أن يهزمَ التحدّيات ويوحِّــدَ الجبهةَ الداخليةَ ويجعلَها بتوفيقٍ من الله على قلبِ رجلٍ واحد، وأصبح لسانَ حال كُـلِّ يمني بغض النظر عن انتماءاتهم وتوجّهاتهم، ساعياً دَوْماً إلى تغليب المصلحة الوطنية العليا فوق كُـلّ مصالحَ واعتبارات.

تمكَّــنَ الرئيسُ الشهيدُ بحِنكة القائد المقتدِر والحكيم اليماني مِن تعزيز الصمودِ والثباتِ في مواجهةِ العدوانِ، وكان سبَّــاقاً في تقدُّمِ الصفوف الأمامية للمجاهدين، سواءً في جبهات وميادين القتال الحدودية، أو في الداخل؛ ليعرفَ الشعبُ قيمةَ وقَــدْرَ هذا الرجل الذي وهب نفسَه لله منذ الوهلة الأولى لحمل كفنه على يدَيه وتقلّد زِمامَ الأمور رئيساً لليمن في ظل العدوان والحِصار الذي دخل عامَه الرابع.

رَحَــلَ الرئيسُ الشهيدُ صالح الصمَّـاد عنَّــا، ولكنه سيَظَلُّ حَيّاً داخلَ قلوب اليمنيين تتناقَــلُ حكاياتِه وتضحياتِه وبطولاتِه كُـلُّ الأجيال مِن بعدنا، رافعين رؤوسَهم وهاماتِهم حَــدَّ السماء.. فإلى جنة الخُلد يا رئيسَ الشهداء.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com