أوهام العدوان وواقع أَنْصَـار الله
أنس القاضي
الحديثُ عن وجودِ صراعاتٍ وسط أَنْصَـارِ الله ، إنما هي أُمنيةُ العاجز عن هزيمتهم ، وتصدير المأزوم لمشاكله الداخلية ، والنيران لا تتوقفُ بين قوى العدوان وركائزه المحلية في عدن وتعز ، بل نشاهد إطلاق النار والاعتقالات في الرياض ، والخصومات في الخليج ، ولا يُمكن لعملية ضخ إعلامية عن وجود صراعات داخل أَنْصَـار الله أن تجعلَها حقيقةً ، ومن الجيد أن يكونَ خصومهم أغبياء إلى درجة أن ينتظروا من الأَنْصَـار أن يهزموا أنّفسهم ويهدوهم الانتصار!
حركةُ أَنْصَـار الله أشدّ تنظيمًا وانسجامًا عقائديًا وانضباطًا مركَزيًا ورضًا بالنهج السياسي لقياداتها من أي حزب سياسي يمني آخر . .
إنّها قُـوَّةُ الوحدة النظرية والتنظيمية ، فلم ينموا ويتطوروا كحزبٍ انتخابي تتأثر أوساطه بتصدُّع الوضع السياسي العام وبالخلافات السياسية المتعلقة بصراعات السلطة والمعارضة حول المصالح التجارية في المدن الكبرى .
بل تطوروا كحركةٍ عسكرية شبهِ سرية (وهي الثقافية الاجْتمَاعية في الأصل ، ومنذ بداية الانطلاقة) ، عمل على تشكيل البُنى الداخلية لهم التنظيمية والسياسية ، ضرورةُ الواقع الموضوعي التأريخي وضغط حرب الإبادة ، وتعرضهم الدائم للحروب السلطوية والإرْهَابية والعدوانية الأجنبية الملازمة لهم منذ العام 2004م حتى الآن ، فلم يبقَ في صفوفهم سوى المخلصون المنضبطون المُستعدِّون لدفع كُلفة الانتماء إلى أَنْصَـار الله ، وكلفة مواجهة العدوان في المرحلة الراهنة ، وشرط الحركية والتعرض الدائم للخطر والاستعداد الدائم للتضحية ، هو الأمر الذي يسقط عنهم كُلّ ما يعلق بهم من انتهازيون ومُخبرون .
وما زال أَنْصَـار الله حتى الآن كُتلةً موحدةً ، يلتقي معهم أوسع الوطنيين في مواجهة العدوان ، يراهم خصومُهم بعيونٍ عصبوية (مناطقية طائفية سُلالية) ، ويريدون تصفيتهم على هذا الأساس ، وينفون عن نضالِهم الوطني الراهن أي وجود لتنوُّعٍ مناطقي ومذهبي وفكري ، رغم وجود هذا التنوع في القِوَى المواجهة للعدوان كجبهة وطنية عامة ، ووجود هذا التنوع في كتلتهم الحزبية الخَاصَّـة ، وهذا التنوع الوطني يحاول الخصومُ نفيَه ، فيطلقون عليه مفهومَ “المتحوثين” ، وكأنه من المُجرَّم التحالف مع أَنْصَـار الله ثوريًا ووطنيًا ، أَوْ من المُجرم القناعةُ بمسيرتهم والانضمام إليهم تنظيميًا وفكريًا ، كما الانضمام متاحٌ لمختلف الأحزاب .
فكيف يتقاتل أَنْصَـار الله فيما بينهم ، وكُلُّ هذه التحدّيات تواجههم ، وهم المعرَّضون كلهم للإبادة وللذبح؟! .
كيف يتخلّصون من كوادرهم المميزة التي تمثّل لهم مدخلًا للانتشار في المجتمع المدني والبُنية السياسية والعملية الديمقراطية التوافقية والانتقال السياسي في البلد ، الكوادر التي تحميهم من الأساسات العنصرية التي يُحاول الخصم أن يُلصقوها بها ، ويُحرضون ويجيّشون عليهم وِفقها . هذه الكوادر التي تقومُ باسْتهدَافهم الاستخباراتُ السعودية الأمريكية والقوى السياسية المحلية المرتبطة بها .