العار الجديد للسعودية وحلفائها: أقدام المشيعين لم تتزحزح قيد أنملة رغم الغارات

عبدُالحسين شبيب

لم تستفِـقْ قِيادةُ العدوان السعودي الأميركي الإماراتي بعدُ من الطُّعم السام الذي بلَّعتها إياه قيادة أنصار الله بعدما أسقطت من يدها فرصةَ الاستثمار في جريمة اغتيال الرئيس صالح الصمَّـاد وتحويلها إلى إنْجَاز نوعي عقبَ ثلاث سنوات وشهر من الإخفاقات المتواصلة، لا بل جرعتها أَيْـضاً كأس الفشل الاستخباري المُـر عندما عجّزتها عن معرفة الهدف الذي تم قصفُه في الحديدة رغم مرور خمسة أيام.

محاولةُ الانتقام من اليمنيين لبراعتِهم في تحويل مكاسب عدوهم إلى هزائمَ كبيرةٍ ترجمتها قيادة العدوان بخِطّة لمنع تحويل مراسم تشييع الرئيس الشهيد صالح الصمَّـاد ورفاقه إلى رسالة قوة إضافية يوجهها الشعب المحاصر إلى العدوان من خلال الاحتشاد الكبير، فعمل طيرانُ العدوان طوال الليلة الماضية على استهدافِ مقارٍّ ومنشآت رسمية وأمنية في محيط ميدان السبعين في صنعاء؛ لتعطيل عمل اللجان المنظمة والحامية للمنطقة، وتسويق أخبارٍ عن مقتل عدد كبير من المشرفين الأمنيين؛ بهدف تخويف المواطنين ومنعهم من المشارَكة في وداع رئيسِهم المحبوب.

لكن ومنذُ الصباح الباكر، بدأت الوفودُ الرسميةُ والحشود الشعبية تتقاطَرُ من العاصمة ومختلف المحافظات اليمنية. وما أن ارتسمت معالِـمُ المشهد الكبيرة الذي أحبط الجزء الأول من الخطة، حتى انتقل العدوان إلى الجزء الثاني، حيث قام بالإغارة على محيط ميدان السبعين بالقصف المباشر والغارات الوهمية، بعدَما هاله تواجُدُ جميع القيادات السياسية والعسكرية والأمنية، وفي مقدمهم الرئيس الجديد مهدي المشّاط في مسجد الشعب، ومعه أَيْـضاً القيادات التي زعم طوالَ الليل أنَّه قتلها.

وفي حين أن استهدافَ جمهور مدني ضخم بغارات جوية أمرٌ غيرُ مسبوق في التأريخ المعاصِر، يعكسُ نزعةَ القتل والإبَادَة الجماعية التي تسيطر على ذهنية قيادة العدوان المتعدد الجنسيات، ولا تراعي أية حُرمة، فإن السابقةَ الجديدةَ أَيْـضاً كانت في رِدّة فعل المشيعين على الغارات، لتصيب مرة أخرى قيادةَ العدوان بخيبة كبيرة جداً. فوفقاً لما ظهر في البث المباشر أثناء التشييع، ولاحقاً في لقطات جانبية مصوّرة جمعت بين الحشود ولحظة سقوط الصواريخ الجوية على بُعد أقلَّ من مئتي متر منهم، فقد بقي المشيعون على ثباتهم ولم يتزحزحوا قيدَ أنملة، بل إن الكثيرين منهم لم يكلفوا أنفسهم عناء الالتفات إلى سحب الدُّخَان التي ارتفعت بجوارهم وبقوا يهتفون بشعار أنصار الله ويرفعون بنادقهم متوعدين السعودية وحلفاءَها بالثأر القادم.

وكان لافتاً أن عدداً كبيراً من المواطنين كان يتعامَلُ باستخفاف مع الغارات ويضحكون ويرفعون أطفالَهم؛ لكي يتسنى لهم مشاهَدةَ الغارات التي أوقعت شهيداً وجريحاً، وغادرت الطائرات بعد انتهاء المراسم ومعها هزيمة جديدة أضافها اليمنيون إلى هزائم السعودية التي فشلت في منعِهم من الاحتفاء بشهيدهم الكبير ورِفاقه، ولم تؤثر بأي شكل على برنامج التشييع أَوْ تُحدِثْ أي إرباك للجان المنظِّمة والحامية وسارات الأمور كما هو مرتَّبٌ لها حتى النهاية.

ولعلَّ أبسَطَ تحليل لرَدَّةِ الفعل هذه أنَّها تنطوي على حَياءٍ يمني من أن تتزحزحَ أقدام هذا الحشد الكبير، فيما رئيسُهم قد استشهد وهو في جولةٍ ميدانية يحفّز المواطنين للتصدّي للغزو، في حين أن حادثاً بسيطاً في تجمُّعٍ بسيطٍ يمكنُ أن يؤدي إلى كارثةٍ جراء التدافع، لكن الثبات اليوم في حشد جماهيري بمئات الآلاف لم ترعبْه طائراتُ العدوان يتضمَّنُ رسالةً واضحةً بالتحَدّي ورغبةً بالثأر ممن تجرَّءَ وقتلَ رئيسَهم.

 

 

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com