في وداع فخامة الشهيد الرئيس: يمن الصمَّـاد في عهدة الشعب برئاسة المشّاط!
علي المحطوري
لحظةُ أسى حوَّلها الشعبُ اليمني إلى لحظة تحَــدٍّ وصمودٍ وثباتٍ واندفاع نحو القتال والبناء.
لقد كان “يوم الوداع” للشهيد الرئيس ورفاقه، “يومَ فخامة” بكل ما تعني الكلمة من معنى، فخامة شهادة ورئاسة، وفخامة شعب وسيادة وكرامة، وفخامة مشروع اسمه (يدٌ تحمي ويدٌ تبني).
ووداع شعبي ورسمي بهذا المستوى في العاصمة صنعاء لرئيس مارس مهام الرئاسة لفترة وجيزة ثم قضى شهيداً يفسر جانبا من الأثر الذي تركه الصمَّـاد، ونال به محبةَ شعبه كما لو أنه رئيسٌ منذ زمن طويل.
وكان لكل شيء في موكب الوداع دلالةٌ ومعنىً، حتى العدو نفسه أبى إلا أن يشاركَ بشن غارتين أراد منهما استفزازض المشيعين فاستحق سخريتَهم الشديدة من طبعه الفـظِّ، وسلوكه الهمجي.
وقد استشهد في الغارتين على محيط ميدان السبعين أحدُ المشيعين، وجُرح آخران، ويستحقُّ “شهيدُ التشييع” أن يُدفنَ إلى جانب “الشهيد الرئيس ورِفاقه الستة”.
لقد ضمن الشعبُ اليمني بحضوره المشرّف في “موكب وداع الشهيد الرئيس الصمَّـاد” استمرارَ نهج السيادة (حربياً) من خلال مواصلة معركة الدفاع، (ومدنياً) من خلال إعطاء إشارة البدء لإطلاق (مشروع بناء الدولة وإحداث تنمية) حسبما تسمح به ظروف المرحلة.
وهكذا يكون مشروعُ الصمَّـاد (يدٌ تحمي ويدٌ تبني) يترجم عملياً إلى برامجَ فعّالة على الأرض، وبعضُها موجودٌ يحتاجُ إلى تنشيط، وما ليس موجوداً يتم إيجاده وتنشيطُه.
وكما اجترح الشعب اليمني معجزةَ الثنائية العسكرية (الجيش واللجان الشعبية) فلديه المقومات الهائلة التي تشجّع على اجتراح معجزة مماثلة في مجال البناء.
إنَّ دمَ الصمَّـاد أسقط “نظرية الانتظار” لما بعد العدوان، وجاء استشهاده ليؤكدَ بحرارة الدم أن على اليمنيين ألا يؤخّروا عملَ اليوم إلى الغد، ودون أن يؤثر ذلك في المسار العسكري، ولكلٍّ قدر. جبهاتُ القتال لها رجالها، وجبهات البناء لها ناسها، والشعب قادر أن يمد كليهما بالكوادر الكفؤة والشجاعة والمخلصة.
وبوجود قيادة سياسية جديدة تسلكُ نهجَ الشهيد الرئيس فإنَّ ذلك مبعثُ اطمئنان على أن “يمنَ الصمَّـاد” لم يتوقف باستشهاده، بل بات في عُهدة شعب برئاسة مهدي المشّاط أنيطت به رئاسة المجلس السياسي الأعلى كثاني رئيسٍ يتولاها بتوافق وطني، وهذا ما يرسخ لدى القوى السياسية مفهوم التوافق والشراكة ضمن مسار التحرر وبناء الدولة بعيدا عن الوصاية والتدخل الأجنبي.
وبهذه الاستمرارية في النهج والمسار فنحن أمام نموذج عملي يدُلُّ على أن الشعوبَ الحية لا تموتُ بموت رجالاتها، بَلْ إنَّ استشهادهم لا بد أن يكون دافعاً معنوياً قوياً نحو تدعيم مشروعها الذي تناضل وتكافح من أجله.
وهذ معركة تأريخية، والأَيَّـام فيها سِجالٌ، يومٌ لك ويوم عليك، لكنها في نهاية المطاف حتماً نصرٌ وفتح، على أنها معركة لا تسقطُ فيها رؤوسٌ من الطرفين فحسب، بل تتحطّمُ مشاريعُ ودولٌ، وتقوم مشاريعُ ودولٌ أُخْــرَى.
ونظرةٌ إلى جوار اليمن تكفي لاستشرافِ مستقبلٍ لا مكانَ فيه لأنظمة يقولُ الأمريكي عنها بأن بقاءَها مرهونٌ بحمايتها هو، ويطالبُها بدفع تكاليف الحماية.
وذلك المستقبلُ الأسودُ الذي ينتظرُ تلك الأنظمة هو المستقبل الذي يكون اليمنُ حينها قد امتلك عواملَ القوّة الذاتية التي تؤهله لأن يُشارَ إليه بالبنان كبلدٍ انتصر بإرادة شعبه، ولم يذهبَ ضحيةَ أوهام الحماية الأجنبية.