أعرف أنك لن تفهم يا عم سام
د. أحمد الصعدي
لا أملكُ موهبةَ الشعر لأكتب شعراً فيك رغم عِظَمِ ما تفعلُه يا عم سام.
كنتُ عرفتُ بعضَ صنائعك الوحشية: هيروشيما وناكازاكي، وكيف تقيأ طيارُ القنبلة الذرية ما أن شاهد ما صنعته قنبلةُ ((الحلم الأمريكي)) وَ((الشعب المختار)) بشعوبٍ ليست مختارةً.
كنتُ أعرفُ جبروتك يا عم سام من حرب فيتنام.. كانت سكينك تذبح متعطشة للدم فيزداد عطشها. كانت كالشارب من ماء البحر، دم أغزر عطش أكبر. كنت أعرف يا عم سام أن رقيَّ تمدنكم أهداكم فكرة قنص ملايين الأبقار وَإحراق الغابات وإتلاف المزروعات بموادٍّ سمية لقتل الشعب الفيتنامي بسلاح الجوع. يا لك من كائنٍ متحضر ورقيق! تقتل بالقصف وبالتجويع، وتفضّل قتلَ التجويع لتُخفّي مرأى الأشلاء وشلّالات الدم.
كم أنت ذكي فطن يا عم سام وأنت تحاربنا. أدهشني فرطُ ذكائك، حدةُ فطنتك. لم يخطر في بالي أبداً ما قاله قصاب متأنق من ضباطك. قال: نحن نزوّد بالبنزين الطيرانَ لتمكين الطيارين من التحليق طويلاً للبحث عن الأَهْـدَاف، وكي لا يضطرَّ الطيارُ لإلقاء حمولته في أي مكان فيصيب المدنيين!
حقًّا كم أنت ظريف ولطيف ورحيم يا عم سام. فلو لم تملأ طائرتُك بطنَ الطائرة الأخرى لألقى الطيار حمولته مضطراً في أي مكان فيقتل فلاحاً في مزرعته أَوْ بضعة أشخاص يلمحُهم في مسجد مصطفِّين لصلاة الفجر، أَوْ في سوق مزدحم.
أمَا والطيار المتعطش للدم ليست طائرتُه عطشى للبنزين، فقد طار باطمئنان وحلّق يبحثُ عن هدف حتى اكتشف الهدفَ الأمثل. وهل من هدفٍ أسمنَ من حفل عرس.
ما أكرمَكم يا عم سام. زوّدتم طائرةً بالإحداثيات وأخرى بالبنزين. أنجزتم ما يشهدُ لحضارتكم بتفوّقها. حوّلتم حفلَ عُرس لحفلِ شواءّ.
خُــذْ لحظةً من فضلك يا عم سام، لا تبخلْ بالوقت فأنت كريم. شاهِــدْ من فضلك سميح علي يتشبَّثُ بأبيه. استمتع بجماليات الذبح الأمريكي – الأعرابي.
أعرف أنك لن تحزنَ يا عم سام، فالمذبوحُ من البسطاء العرب الفقراء والذابح بترول الأمراء.
أعرف أنك لن تعبأَ بسميح علي وأقرانه، وأنك تمتدحُ الجاني وتدين سميح، وأعرف أكثر أنك لن تفهمَ يا عم سام لماذا ترتفعُ القبضاتُ وتعلو الصرخات: الموت لأمريكا يا عم سام.