النَّفير الثقافي دعامة أساسية في التَّمشيط
هنادي محمد
من الحقائقِ الواضحةِ جَليَّاً أنَّ قُــوَّاتِ التَّحالُف منذُ بداية عُـدْوَانها وحتى اللحظة، عاملُ استمرارِها هو زَجُّـها بالعملاءِ البائعين لوطنهم واستقدامُها لمرتزِقة تشتريهم من مختلف دول العالم، وأنَّه لو كانت المسألةُ متوقِّفةً عند المواجهة مع جيشها ”الفرّار“ وبعيداً عن الغطاء النَّاري الجوي المسانِد له لَحُسم الأمرُ منذ وقتٍ طويل، ومع ذلكَ أثبتَ جيشُنا ولِجاننا الشَّعبية أنَّهم قُــوَّةٌ أعجزت طُغاةَ الأرض بقُــوَّةِ الله وبتحققِ وعدهِ بِالنَّصر.
وهذهِ الحقيقة ثابتة على كُلِّ المستويات التي يسلُكُها العدوّ، ففي مشروعِهم الجَهنَّميِّ الحالي الهادف لتمزيق الصفِ الدّاخليِّ لحركة أنصارِ الله يعتمدون بالدرجةِ الأولى على أذرعهم الدّاخلية التي تُسخِّرُ كُـلَّ وسائِلها وإمكاناتها – من أفواه وأقلام وغيرها – كخطوة أوَّلية ابتدائية يتم التّحَـرُّكُ بِها في الوسط المجتمعي؛ بُغية إحداث شرخ وأزمة ثقة بين المجتمع وأنصار الله ومن ثُمَّ تتكفَّـلُ وسائلُ الإعلام المعادية بتتويج هذه الخطوة بتناولها كقضية تُثيرُها لدى الرَّأي العام، فيُصدِّقُ البُسطاءُ من الشَّعب ما يطرحونه ويصلون إلى مرادهم.
المقصودُ أنَّ البعضَ -لقصور وعيه وفهمه المحدود لأساليب العدوّ- اعتقد أن دورَ الطَّابور الخامس انحصر بتلك الفترة ومع انقضائِها تفرَّق جمعُهم وانتهت مهامهم، غيرَ متنبّهين إلى أنهم يعملون عملاً دؤوباً مستمرًّا وبأساليبَ ملتوية، أي ليس بالضرورة أن يُصرِّحَ بدعايته حرفياً، فالباطلُ لا يظهر بوجههِ بل يزيّن ويُلمَّع وهو أسلوبُ الشيطان وأوليائه {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ}، بل ينتهجُ سياسةَ الحرب الباردة، يتقمَّصُ دورَ النَّاصح الحريص، والمحبّ الودود؛ بهدف اجتذابك والتَّأثير عليك فتظُنُّ أنَّكَ أمام هَامةٍ من الإيْمَـان وحُبِّ الخير..!
ولا غرابةَ في أن نجدَ يوماً ما شخصاً لهُ شأنه ”مُثقِّفاً، كاتِباً، إعلاميَّاً، مُحللاً سياسياً، عالماً، إلخ… “.
يأتي بحديثٍ مخالفاً لِما كان عليه في السَّابق وكأنَّهُ انقلبَ على عقبَيه..!، لماذا.. ؟؛ لأنها حالةٌ من حالتين:
زيغُ القلوب، وبيعُ الذِّمم، والضلالُ بعد الهدى، أَوْ انكشاف القِناع وتطبيق الله لسُنته في التَّمييز فظهر الغث من السمين والخبيث من الطَّيب وبانت الملامح جيّداً..!
نحن الآن في مرحلةٍ لا تحتاجُ مِنّا لاقتناءِ سلاحٍ خفيفٍ.. بل تتطلب أن يحملَ كُـلُّ واحدٍ منا السَّلاحَ الثَّقيل الذي لا يساويه أيُّ سلاح ”سلاحُ الوعي والبصيرة“، فالعُـدْوَان الآن يتوجَّهُ بشراسةٍ لتمزيقِنا بمخالبه؛ نتيجةً للحالة الانهزاميةِ التي يعيشها والغيظ التي يملأ نفسَه بعد ما شهده من افتتاحية للعام الباليستي..
فالمرحلةُ مرحلةُ نفير ثقافي فكري قُرْآني يتخذُ من الواقع والأحداث مساراً عملياً بالتوازي مع المواجهة العسكرية ومواكبةً للتَّمشيط، ليس تضخيماً للعدو ومشروعه بقدر ما هو مقامُ تذكير وتنبيه من واقع الشُّعور بالمسؤولية، فالعدوُّ لا شيء إذا ما امتلكنا الوعيَ والإيْمَـانَ..
والعاقبـةُ للمتَّقيـن.