ترامب يدشن حرباً مقبلة في المنطقة
طالب الحسني
قبلَ أن توقِّعَ إدارَةُ الرئيس الأمريكي باراك أوباما على الاتَـفاق النووي مع إيران في الـ2015 قالت بأنها لم تكن أمام خيار آخر إلا إذَا كان هذا الخيار هو الحرب مع إيران، هذا يعني أن الاتَـفاقَ كان بديلاً لحرب مقبلة في المنطقة، بكل تأكيد كانت ظروف العام 2015 مختلفة على الأقل جزئياً عن الآن، إذ كان لا يزال لدى الإدارَةِ الأمريكية أمل بتغيير النظام السوري، وبالتالي الضغط على حزب الله، وأمل آخر بأن تنتصرَ حليفتُها السعوديّة في اليمن.
في هذا العام 2018 تبدو الولايات المتحدة الأمريكية طرفاً مأزوماً وحلفاؤها مهزومين في المنطقة، النظام السوري والدولة السورية أكثر قوة، حزب الله أكثر قدرة، وانتصر مؤخّــراً في معركة سياسية انتخابية مهمة في لبنان، واليمن صامدٌ واكثر حضورا في تغيير المواقف في المنطقة، في المقابل هناك أزمة كبيرة في السعوديّة، شعور بالخيبة، ووضع مشابِهٌ داخل عمق الكيان الإسرائيلي، هذه أجواء حرب، كان ينقصها لتكون مؤكّدة، أن يوقع ترامب بهذه الحماسة إلغاء الاتَـفاق النووي مع إيران، خطاب الإلغاء تضمَّـنَ إشارات كثيرة من ترامب بأن هناك حرباً قادمة.
ليس من بالمصادفة أن يظهرَ نتنياهو هو الآخر بكلمة عقب خطاب ترامب ويحذّر من أية تحَــرّكات لإيران، وهذا الخطاب كان بعد أن أعلنت قنواتٌ عبرية أن جيش الكيان طلب دخول الملاجئ في الجولان، فيما أبدى المسؤولون الأوروبيون وهم يعارضون انسحابَ الولايات المتحدة الأمريكية من الاتَـفاق النووي مع إيران، أبدوا أسفهم من هذا الانسحاب.
السعوديّة كانت أول دولة في العالم ترحِّبُ بالقرار الأمريكي، بالإضافة طبعاً للكيان الإسرائيلي، في المقابل وبعد أقل من ربع الساعة كان الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني جاهزاً لخطاب؛ رداً على قرار الانسحاب، وأعلن أن إيران لن تنسحبَ وستبقى في الاتَـفاق مع الدول التي وقّعت معها وأعلن أنه طالَبَ مع فريقه التفاوُضَ مع الدول الملتزمة لوضع شروط، والحقيقة أن هذا ذكاءَ من إيران، وسحب الأمور باتجاه الدول الاوروبية وروسيا والصين، وهذه الدولُ لا تزالُ ملتزمةً بالاتَـفاق.
وبالتالي أي حرب مقبلة يحضّر لها ترامب لن يكونَ معه سوى الكيان والسعوديّة وبعض دويلات الخليج.
المتطرّفون في البيت الأبيض أمثال وزير الخارجية بومبيو ووزير الدفاع جيمس ما تيس وجون بولتون، يشعرون بأنهم بعدَ هذا الخروج معزولين وبحاجة إلى حربٍ في المنطقة ولكنهم لا يدركون ولا يتوقّعون كيف ستكون نتائجُها.