اليهود وراء كُـلّ جريمة: التمهيد لإشعال الحرب العالمية الأولى
الحلقة الخامسة والعشرون
فِي كِتَابِ “اليَهُوْد وَرَاءِ كُلِّ جريمة” للكاتب الكندي وليام كار، يُسلِّطُ المؤلِّـفُ الضَّـوْءَ على الأمور التي لم تكُن واضحةً من أساليبِ اليَهُودِ للسيطرة على العالم، مستخدمين كافةَ الوسائلِ القذرةِ والجرائم التي لم يكن يُدرِكُ الناسُ أن اليَـهُـوْدَ يقفون وراءَها؛ للوصولِ إلى غايتِهم بالسيطرة على العالِمِ وثرواتِه، مُؤَكِّداً أَنَّه ما سيكشفُه في الكِتَابِ سيَصدمُ القُــرَّاء؛ نظراً لعِدَمِ قُدرةِ الكثيرِ مِنْهُمْ على استيعابِ خُبثِ اليَـهُـوْدِ من تلقاءِ أنفسِهم.
في ترجمةِ الكاتبِ وفقَ موسوعة ويكيبيديا هو باحثٌ كنديٌّ وأستاذٌ جامعيٌّ اختصَّ بالعُلوم وبالآثار القديمة. وقد قضى فترةً بفلسطينَ، ودَرَسَ بالجامعة (العِبرية) في القدس المحتلة، وسبق له أنْ عَرَضَ القضيةَ الفلسطينيةَ من مختلفِ جوانبِها، وَأثبتَ (بُطلانِ الحَــقِّ التأريخيِّ لدى اليَـهُـوْدِ)، وبشكل علمي موثّق وببراعة نرى من خلالها الصدقَ والتعلُّقَ بالحقِّ والعدالةِ.
ونظراً لأهميَّةِ محتوى الكِتابِ، تقومُ صحيفةُ المسيرةُ بنشره في سلسلةِ حلقاتٍ، معتمدةً على النسخةِ المترجمةِ والصادِرَةِ في عام 1982 عن دار الكِتابِ العربي في بيروت، والذي تولَّى شرحَه والتعليقَ عليه باللُّغة العربية الكاتبُ والمؤلِّفُ العراقيُّ “خيرُ الله الطلفاح”.
أصبح الجوُّ في روسيا ممهداً بعد كُـلّ ما سبق لقيام الثورة المنتظرة.. وتوالت أحداثُ أوروبا التي مهّدت لحرب عالمية – وسنصفُ هذه الأحداث في فصلٍ لاحق – حتى انفجرت هذه الحرب أخيراً واشتركت فيها الامبراطوريةُ الروسية ضد ألمانيا.. ولكن دعاية البولشفيك والمنشفيك كانت قد قوّضت الروح الوطنية لدى الشعب والجنود.. كما أن خلايا المؤامرة كانت لا تزال في أمكنتها الحسّاسة في أجهزة المواصلات والارتباط والامدادات منذ الحرب الروسية اليابانية.
وقاد أفادت الفوضويةُ والتخريبية من ذكريات هزيمة عام 1905 أمام اليابان لنشر روحِ الشك في البلاد وإشاعة اليأس والتخاذل.. وهكذا ضربت الفوضى أطنابَها في كُـلّ مكان وأصبح التصدُّعُ النهائي وشيكاً.. وزاد الطين بلة أن راسبوتين – كما أثبتته الوقائع فيما بعدُ بالدليل القاطع – كان عميلاً للمخابرات الالمانية.. ولا ريبَ في أن سادته النورانيين هم الذين أوعزوا إليه بذلك.. وكان مركزه بالقرب من الامبراطورة ونفوذه في الأوساط العليا يتيح له الاطلاع على كُـلّ المعلومات التي يريدها..
أما لينين ومارتوف وبقية الزعماء الشيوعيين فكانوا آنئذ ينعمون بالحياة الرغيدة في سويسرا المحايدة بعيداً عن وطنهم المحارب بانتظار التعليمات الأخيرة.. وكان تروتسكي في نيويورك يجند الإرْهَـابيين والمخربين المحترفين في الأوساط اليهودية لترحيلهم إلى روسيا حين يحين الأوان ويشكل المنظمات الإرْهَـابية والعصابات التي ستقوم بحرب الشوارع..
بدأت الاضطرابات أخيراً في روسيا منذ مطلع عام 1917 حين سببت الخلايا اليهودية المنتشرة في كُـلّ مكان نقصَ التموين في العاصمة بطرسبرغ وحالة تشبه المجاعة.. وحرض زعماء المنشفيك الباقون هناك – وكلهم من اليهود – مجموعات من الرَّعاع على القيام بأعمال الشغب والاضطرابات.. ثم وزّعت الشبكاتُ الأموالَ والتعليمات على كُـلّ أتباعها.. وهكذا أخذت المظاهرات تجوبُ الشوارع دون انقطاع.. وكانت الحكومة قد اتخذت حذرها منذ مذبحة كانون الثاني 1905 لمراقبة إطلاق النار في مثل هذه الحالات.. فأصبح على مواجهي المظاهرات إثارة صدام مسلح مع قوات الأمن وإسقاط عدد من الضحايا من الإرْهَـابين؛ بهدف تهييج الرأي العام..
ولكن ذلك لم يفت من عضد المؤامرة، فقد عمدت الشبكات الإرْهَـابية إلى تنصيبِ عدد من الرشاشات في أمكنة مخفية رتبت بعناية، ولدى تجدّد المظاهرات أطلق الفوضويون بأنفسهم النارَ على المظاهرات بصورة بدا معها الأمرُ وكأن الجنود هم الذين أطلقوا النار..! وهكذا سقط مئات من القتلى بأيدي مَن غرروا بهم بالذات.. فكانت هذه الضربة المريرة نذير المذابح التي عمت منذئذ، وأصبحت العاصمة بأجمعها مسرحاً لها بعد أن فقد زمام الأمن نهائياً وبلغ ذروته حين وجهت الخلايا التي تقودُ المظاهرات الرَّعاع إلى اقتحام السجون وإطلاق سراح المجرمين واللصوص الذين انتشروا في الشوارع يسفكون الدماء ويشعلون الحرائق واقتحموا منازل السكان للنهب والاغتصاب على قارعة الطريق..
وَكان القيصر خلال هذه الأحداث في الجبهة الروسية – الألمانية يزور الجنود المحاربين، وقد حاول مجلس الــ “دوما” إبلاغه بخطورة الموقف لاتخاذ التدابير اللازمة، ولكن قوة خفية حالت دون وصول أية برقية إلى القيصر.. في محافل الشرق الأكبر.. عن طريق خلاياها المنبثة في كُـلّ أجهزة الارتباط والبريد وغيرها..
على أن الدور الذي لعبته المحافل الماسونية لم يقتصر على هذا المجال، بل كان دوراً رئيسياً متشعباً بالغ الخطورة.. فقد أشرفت من ناحية على توجيه الخلايا والشبكات وتوزيع الأموال الوفيرة عليها وبثها في أجهزة الدولة والجيش وأوساط العمال وأماكن التجمعات.. وقامت من ناحية أخرى بتنفيذ سلسلة من العمليات المدبرة لزعزعة الجيوش الروسية المحاربة في الجبهة، وخلق بلبلة كبرى في صفوف الجنود تؤدي إلى انهيار الموقف العسكري وتكفل تحويل الجنود إلى شراذم مسلحة فوضوية تجوب البلاد وتعبث فيها فساداً..
ومثال هذه العمليات الأمر المزيّف الذي تلقاه أحدُ القادة بالهجوم على العدوّ في حين تلقت الكتائب التي تدعمه وتحمي تقدمه أوامر مزيفة أيضاً بالانسحاب الفوري، فكانت نتيجةُ هذا الكمين الانتحاري سقوط مئات من الجنود الروس قتلى وجرحى وانتشار روح العصيان والتمرد في الفرق المجاورة، ولم يبالِ مخطّطو الثورة بكون هؤلاء الضحايا شباب من أبناء العمال والفلاحين لا جريرة لهم سوى أنهم حملوا السلاح للدفاع عن وطنهم.
عمدت محافلُ الشرق الأكبر أيضاً إلى اجتذاب عددٍ من الضباط الصغار والعرفاء والجنود في حامية سان بطرسبرغ بالطرق المعهودة.. أي الرشوة، والإغراء، والتهديد، والتغرير، أَوْ أو الاقناع بالأفكار الإلحادية والنظريات الماركسية، وهكذا تمردت عدة كتائب في هذه الحامية فجأة إبان اشتداد الأزمة يوم 12 مارس / آذار 1917، وفتك الجنود بضباطهم وببعضهم البعض، ثم تلا ذلك بصورة غير متوقعة استسلام الثكنتين الرئيستين إلى الثوار واستسلام الحامية أخيراً.. وهكذا أصبحت العاصمة بيد الثورة وأعلن إنهاء الحكم القيصري..
لم يسقط الحكمُ بيد الشيوعيين أَوْ البولشفيك على إثر هذه الثورة كما يظن بوجه عام، بل قامت لجنة من 12 عضواً من مجلس الـ “دوما” بتأليف حكومة موقتة للبلاد برئاسة “كيرينسك” استلمت السلطات حالاً بعد استسلام الحامية.. وشكل المنشفيك من ناحية أخرى مجلس سوفيات “مجلس عمال” لإدارة سان بطرسبرغ.. وقد استمرت هذه الحكومة في ممارسة سلطاتها حتى أطاح بها “لينين” في 17 أكتوبر 1917..
كان “لينين” إبان هذه الثورة لا يزال في سويسرا، وجاء دورُه أخيراً، فمهّد المرابون العالميون اليهود له طريق العودة إلى روسيا، مبتدئين بتدبير اجتماع بينه وبين الحكومة الألمانية تم فيه الاتفاق على أن تساعده السلطات الالمانية على العودة وعلى القضاء على الحكومة الموقتة – التي أعلنت اعتزامها مواصلة الحرب – مقابل تعهده بسحب الجيوش الروسية من المعركة.
وهكذا عاد “لينين” و”مارتوف” وكتلة الزعماء الشيوعيين اليهود إلى روسيا في قطار خاص منحتهم إياه الحكومة الإمبراطورية الألمانية، مستفيدين من القرار الذي أصدرته الحكومة المؤقتة بالعفو عن كافة المعتقلين السياسيين والسماح لكافة المبعدين والمنفيين بالعودة..
وقد بينت الأحداث فيما بعدُ أن هذه الحكومة وقّعت على وثيقة انتحارِها بيدها لدى توقيعها هذا القرار وأسلمت بموجبه مصير البلاد إلى البولشفيك.. فقد تدفق ما يقرب من تسعين ألفاً من الإرْهَـابيين، والفوضويين، والمحترفين، والثوريين المتطرفين، كما وصل “تروتسكي” والعصابات اليهودية التي نظّمها وجنّدها في نيويورك. وانضم هؤلاء بمعظمهم إلى الحزب البلشفي الذي تضخم واشتد عنفاً.. وقد بدأ “لينين” و”تروتسكي” مهاجمة الحكومة المؤقتة وحدها متحاشين الاصطدام مع المنشفيك، وتتالت بعد ذلك سلسلة الوقائع المعروفة للجميع حتى استطاع “لينين” وأعوانه أخيراً قلب “كرينسكي” وحكومته والاستيلاء على الحكم في روسيا وإعلان النظام الشيوعي.. وبدأت حينئذ فترة ديكتاتورية “لينين”..
ولم يستمتع “لينين” بدِكتاتوريته طويلاً، فقد أصيب بالشلل الجزئي عام 1922 واستمر مريضاً حتى توفي عام 1924.. أما السادة الجدد لروسيا في هذه الفترة فكانوا أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي، وهم: “لينين” و”زينوفييف” و”كامينييف” و”تروتسكي” و”بوخارين” و”تومسكي” و”ستالين”.. وهم جميعاً من اليهود باستثناء “لينين” و”ستالين”.. بيد أن زوجة “لينين” وزوجة “ستالين” كانتا يهوديتين..!
أما زعماءُ الخلايا والشبكات والقدامى ومن لف لفهم من المحرضين الفوضيين والثوريين والمجموعات الإرْهَـابية اليهودية التي أتى بها “تروتسكي”.. أَوْ بتعبير آخر كُـلّ أولئك الذين قاموا بالثورة وبكل مسلسل الأعمال الدموية والتدميرية التي عبدت طريق “لينين” وكتلة الزعماء اليهود إلى الحكم، فانهم لاقوا شر الجزاء.. ذلك أن الحكم الثوري الإلحادي الجديد ما كاد يستتب له الزمام حتى عامل أعوانه هؤلاء الذين صعد على أكتافهم إلى غاياته بحسب مبادئه ذاتها.. فأرسل بمعظمهِم إلى المشانق وساحات الإعدام والمنفى في سيبيريا، وزجّ بالباقين في غياهب السجون، وحين جاء “ستالين” بعد ذلك أجهز على البقية الباقية منهم.
على أن كتلةَ الزعماء اليهود لم تنجُ هي ذاتُها من هذا المصير القاتم الذي ساقت إليه الملايين والذي لا بد من أن ينتهي إليه أولئك الذين يتبعون هذا الدرب الوعر، وكان النفي أَوْ الإعدام أَوْ أعماق المعتقلات مصير “تروتسكي” وَ”زينوفييت” و”كامينييف” و”مارتينسون” و”دويتش” و”يارفوس” و”اكسلرود” و”فيرازاسوليش” و”مارتوف” والخ.. وقد لقوا هذا المصير على أيدي أخلص من تشرب المبادئ التي يثيروا بها: ستالين..