يوم النكبة العربية
أيمن محمد قائد
الخامس عشَرَ من مايو هو الذكرى الحزينة لكل العرب والمسلمين بنكبة قيام وإعلان الدولة الصهيونية.
هذه “الدولة” لم تنشأْ كغيرِها من الدول نشأة طبيعية، فهي كيانٌ استعماري عُنصري جوهرُه التمييزُ على أساس الدين واستهداف المدنيين العُزَّل وسيارات الإسعاف والتعذيب، بل وصل حتى إلى إطلاق الكلاب البوليسية على الأسرى العزل، بمن في ذلك الأطفال والنساء.
منذ النكبة وحتى اليوم، لم تستطِع المنظومةُ الحقوقية للجماعة الدولية وكل مبادئ القانون الدولي الإنْسَـاني والاتّفاقيات الدولية ذات الصلة ردع هذا الكيان الاستعماري لسببين أساسيين على الأقل: الأول ارتباط عملية الردع بإرادَة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، وهذا المجلس أداة للدول الكبرى (التي تمتلك حق الفيتو) وعلى رأسها الولايات المتحدة التي تحتضن إسرائيل، ولا تستطيع الحكومات الأميركية إغضابها؛ نظراً لطبيعة النظام السياسي الأميركي ذاته وسطوة اللوبي الصهيوني هناك.
أما السببُ الثاني فهو ضعف الحكومات العربية، فلعقود بعد النكبة، استخدمت حكومات المنطقة قضية فلسطين لترسيخ الدولة القمعية والبوليسية على أساس أنه لا صوت يعلو على صوت المعركة.
لقد أسهم الحكام العرب في نكبة شعب فلسطين عندما رموا الفتات من العون الاقتصادي للشعب الفلسطيني وتركوه يعاني تحت الحصار داخل فلسطين المحتلة وفي المخيمات، بينما يتم إيداع البلايين من الاحتياطات النقدية في البنوك الغربية أَوْ يتم استخدام الثروات في شراء الولاءات لترسيخ الأنظمة الحاكمة أَوْ في مشروعات اقتصادية غير إنتاجية أبقت على الفجوات الهائلة بين الطبقات.
أسهم الحكامُ العرب في نكبة شعب فلسطين عندما فرّطوا في أبجديات هويتهم العربية والإسلامية الجامعة التي كانت كفيلة بإنشاء تحالف قوي يصد المعتدين ويحقّـق مصالح الشعوب، وعندما أهدروا كُـلّ أدوات التأثير الناعمة من إعلام وثقافة وتعليم وفن، وعندما فرّغوا جامعاتهم ومدارسهم من أدوارها الأصلية؛ لتتحول لآلات لتفريغ أشباه المتعلمين الغافلين عن تهديدات الإسرائيليين لأبجديات أمنهم القومي، وعندما فُرّغت البرامج التعليمية من مقررات دراسية متخصصة عن الصراع في المنطقة وعن الشأن الإسرائيلي الداخلي.
وبسبب الحكومات العربية كان الاختراق المخابراتي الإسرائيلي لكل الدول العربية تقريباً، الذي لم يميّزْ بين الدول التي وقعت ما تظنه “سلاماً” مع الإسرائيليين والتي لم توقع، فكل الدول العربية يُنظر لها باعتبارها “عدواً”.
لكن اليوم، يسعى الحكام العرب وبشكل علني للتطبيع مع إسرائيل، وإقامة التحالفات العسكرية لضرب الدول الرافضة للتطبيع تحت ذرائع واهية، وبث السموم والعنصرية بفائض اموالهم لتمزيق شملنا، وكل ذلك بهدف خلق شرق أوسط جديد يتناسب مع مشروع الدولة الصهيونية، وما تشهده بلادنا من عدوان وسوريا الشقيقة خير مثال على ذلك.
هل حان الوقت لعودة الاهتمام بكافة الأبعاد ذات الصلة بهذا الصراع، وظهور جيل جديد من الباحثين والمتخصصين القادرين على المساهمة في إيقاظ وعي قطاعات واسعة من الشعوب ووضع رؤىً واستراتيجياتٍ لمواجهة هذا المشروع الاستعماري؟
أم أننا الشباب سنسهمُ بشكل أَوْ بآخر لـصناعة الشرق الأوسط الجديد بجهلنا وتعصُّبنا واهتمامنا بسفاسف الأمور؟!