خطابٌ لامس واقعاً وخلق وعياً
عبود أبو لحوم
من المفاهيمِ المشهورةِ في خِطابِ بعض الحركات الإسْـلَامية على تقدم المجتمع الإسْـلَامي أَوْ تأخره هو الإقبالُ على المساجد وارتداء الحِجاب وإطلاق اللحى وانتشار المعاهد الشرعية وحلقات تحفيظ القُـرْآن الكريم، ولا شك في صحة هذه المؤشرات ووجاهة دلالتها، لكن هذه المؤشرات لا تغطّي حالات الفساد والصلاح والتقدّم والتراجع في الأُمَّـة.
ولهذا لم نجدْ في خطاب الحركات الإسْـلَامية أيَّ تركيزٍ أَوْ اهتمام بالفساد المنتشر أَوْ الطغيان والاستبداد والبطالة والأُمية وانتشار الرذيلة والتحلل الخُلُقي والرشوة وأكل الربا وتفكّك عُـرَى الأخوّة الإسْـلَامية وتفكك المجتمع وضعف التربية الأسرية، بالإضافة إلى التخلّف الصناعي والتقني والبحث العلمي، إلى جانب عدم اهتمام الفرد باكتساب المهارات وضعف الاهتمام بالمستقبل وإلى الارتباك الذهني العام تجاه الأزمات.
وهو ما أدركته قيادةُ أنصار الله عندما شخّصت واقعَ الأُمَّـة العربية والإسْـلَامية البائس والمتدهور والتائه لبُعده عن منهجه القُـرْآن الكريم وتعاليمه الربانية الهادفة لبناء الحياة بمختلف جوانبها، وبعدَ تأملاتها العميقة إلى تلك المشكلات المستفحلة في واقع الأُمَّـة الناتجة عن تآمر أعدائها ووصايتهم الاستعمارية التي استطاعت أن تصلَ بأجندتها إلى مراكز القرار من الأنظمة الحاكمة للبلدان العربية والمهيمنة على المراكز الدينية وتزويدها بالمناهج والرؤى التي أدّت إلى إضعافِ دورها واحتوائها حتى تماهت مع مصالح المستعمر.
لقد استطاعت قيادةُ أنصار الله أن تخلُقَ وعياً شعبياً كبيراً لم يقتصرْ على مستوى اليمن، بل تجاوزته إلى الإقليم والعالم؛ وذلك من خلال استيعابها لتشخيص المشكلة، وهي بابتعاد الأُمَّـة عن منهجها ودينها ونبيها، وإيجاد الحلول لها بتحريك طاقة المجتمع لمواجهة هذه المشكلات ورفع روحِ المسؤولية على مستوى الفرد والمجتمع والاتجاه بخطواتٍ عملية نحو التحرر من الوصاية الخارجية والدكتاتورية الداخلية.
ونظراً لأن الخطابَ لامس الواقعَ ولم يكتفِ بالأقوال واتّجه نحو الأفعال تفاعَلَ المجتمعُ اليمني المسلم فتحَـرّكت قوى الاستعمار وأجندتها في المنطقة وقوى المصالح من المرتزِقة في الداخل بمختلف ألوانها ضد هذا الخطاب وضد الشعب المتفاعل معه، والمؤشراتُ لتقدم المجتمع اليمني المسلم هو صموده وتقدمه في مواجهة أَكْبَـر عدوان عالمي غيّر بإيمانه موازينَ القوة المادية والتفوقَ العلمي، وما صناعة الصواريخ اليمنية وكثير من الأسلحة إلا معطياتٌ لواقع اجتماعي إسْـلَامي جديد وانبعاثُ روح الأُمَّـة وتفجيرُ طاقتها الإبداعية.