إسرائيل والحدود المفتوحة
2-2
محمد ناجي أحمد
إسرائيلُ بالنسبة لأمريكا “حاملة طائرات غير قابلة للغرق”، كما يصفها السيناتور ستيورات سيمنجتون.
قال بن جوريون ستكون حدود إسرائيل في المستقبل حيث يستطيع أن يقف الجيش الإسرائيلي.
في كُـلّ جغرافية وموقع يريد الإسرائيليون الاستيلاء عليه يستحضرون أسطورة أو يختلقونها.
في عام 1956 قبيل الهجوم على مصر كان بن جوريون طوال رحلته طوال رحلته إلى فرنسا للاتفاق على مؤامرة الهجوم على مصر، وفي ذهنه فتح خليج العقبة – يقرأ كتاب اسمه “تأريخ حروب جستنيان” وفيه فصل ظل يقرأه عن مملكة يهودية قامت في القرن الخامس بجزيرة “تيران” التي تقع عند مدخل خليج العقبة!
تنتهج إسرائيل سياسة “القضم” و”الهضم” وتطبيع العرب مع سياسة الأمر الواقع “لقد قضمت إسرائيل من الأراضي العربية سنة 1967م قطعا أُخْـرَى جديدة، ثم حاورت وناورت منذ ذلك الوقت للتأجيل والتسويف، ولإبقاء العرب على حافة الحرب وحافة السلم معاً.. ولبلبلة الرأي العام العربي والدولي، ولترك العرب تفترسهم خلافاتهم ومتناقضاتهم. . وحين ينضج الموقف على نار الزمن الهادئة تبدأ مرحلة الهضم التي خططت لها وقصدتها منذ البداية” ص87.
نجحت إسرائيل في تحديد أهداف العرب المتراجعة من تحرير فلسطين، وطرح قضيتها على أنها قضية شعب واغتصاب كامل لأراضي شعب من الشعوب العربية، هو الشعب الفلسطيني، إلى قضية “إزالة آثار العدوان” والعودة إلى ما قبل 5يونيو 1967م. ص88.
غيرت إسرائيل معالم القدس، وأعلنت ضمها نهائيا بعد حرب 5يونيو…
وجاء الرئيس الأمريكي ترامب ليعلن عام 2018م نقل سفارة أمريكا إلى القدس.
انتهت عملية القضم وبقي على إسرائيل أن تهضم من خلال المشاريع الاقتصادية التي أعلنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان –كامل المنطقة الممتدة من البحر الأبيض المتوسط إلى باب المندب وخليج عدن وجيبوتي والصومال وأرتيريا.
ليس أمام المجتمعات العربية كي تحافظ على شخصيتها القومية إلاّ تثوير الجماهير في حالة ثورية شعبية شاملة، تستهدف زعزعة الاحتلال والنفوذ الأمريكي الصهيوني وأَدَوَاته في المنطقة، وذلك لن يكون إلاَّ بأشكال قتالية ومقاومة متعددة. فالثورة هي كسر أهداف العدوان بروح خلاقة. ففي العالم قوتان كما يقول نابليون هما: السيف والروح… والروح أبداً غالبة.
وذلك يحتاج إلى أقصى درجات التنظيم، الذي يضع أكبر قدر من طاقة الأمة في خندق القتال، مع أقل درجة من الارتباك. فالطاقة القتالية هي امتداد للطاقة الطبيعية لكل شعب.
“كُـلّ النصوص القانونية في الحياة الدولية لا يفسرها قضاة محايدون، أو محكمة منزهة، ولكن تفسرها علاقات القوى الفعلية في الساحة” ص145 المرجع السابق.
تسير إسرائيل في النهج الذي اختطه لها بن جوريون، ونظريته التي تقول بأن “إيجاد الحقائق” المادية والبشرية التي تؤدي بذاتها بعد ذلك إلى إيجاد الحقائق السياسية. وما يحدث في البحر الأحمر ومن عدوان على اليمن هو إيجاد حقائق مادية، وإعادة رسم للخارطة جغرافيا وسياسيا.
لقد أصر بن جوريون على أن تكون القدس عاصمة لإسرائيل، وأن حشد أكبر عدد من اليهود فيها سيجعل من تدويلها حديث خرافة!
الرهان على “إيجاد الحقائق” لا على النصوص القانونية والشرعية التأريخية. وهو ما يحدث في أيامنا هذه في السواحل والجزر اليمنية. “إيجاد حقائق” جديدة، وتحويل ما سمي بالشرعية إلى لافتة للوصول التدريجي إليها. والدخول لإيجاد هذه “الحقائق” هو تقسيم اليمن وإنهاك اليمنيين في ما بينهم. وستتحول ما سمي بـ “الشرعية” إلى تأريخ في سياق المؤامرات والخدع السياسية الكبرى.