الصواريخ اليمنية بين مخاوف المستكبرين وآمال المستضعفين
منير الشامي
كلنا نعلم ولا زلنا نتذكرُ تلك الليلة التي بدأ التحالُفُ الإجرامي عدوانه على وطننا قبل منتصف ليلة السادس والعشرين من شهر آذار (مارس) ٢٠١٥م بغاراته الأولى والتي استهدفوا بها قصف قاعدة الديلمي ومطار صنعاء، وقد تزامنت أولى غارات تحالف العدوان مع تصريح سفير السعودية آنذاك (عادل الجبير) في واشنطن ومن واشنطن بانطلاق عاصفة الحزم على اليمن بعدوان أمريكي صهيوني غربي سافر تحت قناع تحالف عربي مزعوم.
كما أعلن المجرمون أهدافَ عاصفة عدوانهم، وكان الهدف الثاني من أهدافها هو القضاء على الصواريخ الباليستية اليمنية، والتي كانت عبارة عن منظومات قديمة ومتهالكة وعفى عليها الزمن وكانت أشبه بخردة قد غزاها الصدأ وتشبعت بالرطوبة لطول فترة تخزينها،
كانت تلك الصواريخ عبارة عن منظومات قديمة تمثلت بمنظومة سكود السوفيتية التي لا يتعدى مداها ٣٠٠ كم والتي شاهد العالم فشلها في حرب صيف ١٩٩٤م حينما أطلق بعضها على صنعاء ولم تنفجر، وكذلك منظومة توشكا الكورية.
هاتان المنظومتان اللتان كانت بحوزة الدفاع اليمنية وكانت أعدادها محدودة، ومعروفة للعالم، ولم تكن تشكل أي خطر على السعودية ولا ترقى لتكون تهديداً عليها، فلا مداها يؤهلها ولا حالتها تمكّـنها من ذلك، والسعودية كانت تعي ذلك جيداً؛ لأنها لم تكن تخشى هذه المنظومات الباليستية، وأما ما كانت تخشاه فقد دمرتها منذ وقت مبكر عام ٢٠١٢م وكانت أول الأهداف التي حقّـقتها بمبادرتها الخليجية وهي منظومة الدفاع الجوي.
لم يكن تدمير الصواريخ الباليستية سوى ذريعة كاذبة لشرعنة عدوانها على اليمن، ولم تكن تتوقع أَوْ يخطر لها على بال هي وأسيادها من اليهود والنصارى أنه سيأتي يومٌ قريبٌ يمتلك اليمنيون منظومات باليستية قوية وتشكل تهديدا خطيرا وقويا وتبلغ مداها إلى الرياض وإلى ما بعد الرياض وما بعد ما بعد الرياض؛ لأنَّهم كانوا يظنون أنهم قضوا على كُـلّ العوامل التي تحول دون امتلاك اليمنيين حتى صاروخ واحد يصل إلى أطراف حدودهم الجنوبية في ظل عدوانهم وحصارهم واستهدافهم للاقتصاد.
وما يؤكّـد ذلك أن الناطق باسم عدوانهم المجرم أحمد عسيري صرح بأن قُـوَّات التحالف قضت على ٩٠٪ من الصواريخ الباليستية اليمنية.
وبعد مرور شهور قليلة من إعلان هذا التصريح تلقى تحالف العدوان ونظام آل سعود أقوى صدمة مفاجأة من صاروخ قاهر واحد حط رحاله في عمق الأراضي السعودية، وكانت تلك هي البداية في مفاجآت القُـوَّة الصاروخية اليمنية والمؤشر على تطوُّر متسارعٍ للقُـوَّة الصاروخية، ومواكب لاستمرار العدوان، ومؤشر يؤكّـد تحدّي التصنيع الحربي والصاروخي للمستحيل بعينه وانتصارهم عليه.
وتوالت بعد ذلك مفاجآت التطور الصاروخي اليمني تباعا تمثل بتطوير خردة المنظومات المتهالكة إلى منظومات رادعة وقوية وبمداءات وصلت إلى عمق الرياض بعد عامين من العدوان حين أزيح الستار عن منظومة بركان المطورة وقاهر أم تو، واستمرت عملية التطوير لمنظومات صاروخية متهالكة ومنظومات محلية الصنع ١٠٠٪ بقدرات جديدة ذات مداءات اطول وتوجيه أَكْثَـر دقة وقُـوَّة تدميرية اوسع مساحة ودقة في إصَابَـة الأهداف وصل مستوى خطأ إصَابَـة الهدف إلى الصفر وبمسافة لا تتجاوز خمسة أمتار، وقدرة على حمل رؤوس حربية ذات أوزان متزايدة.
وليس ذلك فحسب، بل إن هذه المنظومات المطورة والممنتجة محلياً تميزت بقدرتها على اختراق كُـلّ تحصيناتهم ومنظوماتهم الدفاعية، وصدق قائد المسيرة في وعوده لقوى العدوان، وأوفى بوعوده للشعب.
فخلال العام الثالث من زمن العدوان أَصْبَـحت كُـلّ أهداف العدوان العسكرية، ومنشأته الاقتصادية في مرمى الصواريخ الباليستية اليمنية وتجاوز مداها مسافة ١٣٠٠ كم ووصل بأسها إلى معظم القواعد الجوية لآل سعود وحتى محطة براكة النووية في أبو ظبي.
ومع هذا التطور تنامت آمالُ اليمنيين في قوتهم الصاروخية وعلقوا عليها آمالهم في ردع قوى تحالف العدوان المجرم والرد على كُـلّ مجازره وجرائمه في حقهم وفي المقابل تزايدت مخاوف قوى العدوان وأسيادهم في النظام الصهيوأمريكي ولا زالت خَاصَّـةً وقد ثبت لهم عملياً أن الباليستيات اليمنية تجاوزت كُـلّ التوقعات فاقت أحدث منظوماتهم.
لقد أَصْبَـحت القُـوَّة الصاروخية اليمنية هماً متنامياً غير مقتصرٍ على دول التحالف لبعران الخليج بل وعلى إسرائيل، وأمريكا ونقلت بقايا الصواريخ التي اطلقت على مملكة الإجرام إلى واشنطن ونيويورك وعرضت أمام العالم وأعربت دول الاستكبار العالمي عن قلقها من هذه المنظومات وكشفت عن خوفها المتزايد من القدرات الصاروخية اليمنية.
والحقيقة أن على إسرائيل وأمريكا وأعراب الخليج أن يدركوا أن القُـوَّة الصاروخية اليمنية اليوم أَصْبَـحت قُـوَّة ردع حقيقية وأن يعلموا أنها لن تتوقف عند هذا المستوى فحسب، بل عليهم أن يكونوا واثقين أن مداها في القريب العاجل سيصل إلى ٢٥٠٠ كم وأطول من ذلك وأن إعلان قائد المسيرة السيد عبدالملك سَلَامُ اللهِ عَلَيْهِ بأنها ستصل إلى ما بعد ما بعد الرياض أَصْبَـح قاب قوسين أَوْ أدنى، وأن هدفها الحقيقي يقع على هذا البُعد، ولعلَّ منظومة بدر ١ التي أزيح الستار عنها في الذكرى الثالثة للعدوان ولا يكاد يمر يومٌ إلا ولها هدف سعودي تشد رحالها بصورة مستمرة اليه منذ ذلك التأريخ وفاءً لوعد الرئيس الشهيد الصمَّـاد رضوان الله عليه بأن العام الرابع سيكون عاماً باليستياً على تحالف العدوان بامتياز أَكْبَـر دليل على ذلك، كما أن على تحالف العدوان أن يكون واثقاً أن هناك مفاجآت جاهزة وقادرة على ردعهم بما لا يتوقعون إن خاطروا بارتكاب أية حماقة جديدة.